وسط مؤشرات اقتصادية قاتمة وتوقعات بقرارات تقشفية مرتقبة، بدأ عدد من كبار مديري الصناديق الاستثمارية في اتخاذ رهانات ضد الجنيه الإسترليني، متوقعين تراجع قيمته خلال الفترة المقبلة.
وأفادت شبكة "CNBC" أن مؤسسات مالية بارزة، من بينها "كاندريام" و"آر بي سي بلو باي لإدارة الأصول"، اتخذت مراكز بيعية ضد العملة البريطانية، في ظل تصاعد المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي وتزايد الضغوط على وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، قبيل إعلان الميزانية الخريفية المرتقبة في 26 نوفمبر.
وقال رئيس قسم الدخل الثابت العالمي في "كاندريام" نيكولا جوليان إن التوقعات الاقتصادية للمملكة المتحدة "تبدو صعبة"، مشيراً إلى أن السوق يبالغ في تفاؤله بشأن قرارات بنك إنجلترا، حيث لا يتوقع خفضاً في أسعار الفائدة قبل مارس أو أبريل، وهو ما قد لا يعكس المخاطر الحقيقية التي تلوح في الأفق.
ورغم أن الجنيه الإسترليني ارتفع بنسبة طفيفة بلغت 0.02% أمام الدولار يوم الجمعة، ليستقر عند 1.343 دولار، فإن هذه الزيادة لم تكن كافية لطمأنة المستثمرين القلقين من تداعيات السياسات المالية المرتقبة.
وتشير التوقعات إلى أن ريفز ستلجأ إلى رفع الضرائب وتقليص الإنفاق في الميزانية المقبلة، في محاولة لمعالجة التضخم المرتفع والنمو الاقتصادي الهزيل، حيث أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية أن الاقتصاد البريطاني نما بنسبة 0.1% فقط في أغسطس، مع ارتفاع الإنتاج الصناعي بنسبة 0.4%، وتراجع قطاع البناء بنسبة 0.3%، بينما ظل قطاع الخدمات دون تغيير يُذكر.
وفي تقريره الأخير، توقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ متوسط التضخم في المملكة المتحدة نحو 3.4% خلال العام الجاري، وهو الأعلى بين الاقتصادات المتقدمة.
من جانبه، قال مدير محفظة السندات ذات التصنيف الاستثماري في "آر بي سي بلو باي" نيل ميهتا إن التضخم سيظل قريباً من 4% حتى نهاية العام، رغم تحسن بيانات الأجور، محذراً من أن اعتماد الحكومة على زيادة الضرائب فقط لتغطية العجز قد يضعف ثقة المستثمرين ويؤثر سلباً على النمو.
وأضاف: "الأنظار كلها تتجه نحو الميزانية المقبلة، حيث ستكون الأفعال أبلغ من الأقوال"، مشيراً إلى أن حالة التردد داخل الحكومة وتراجع شعبيتها في استطلاعات الرأي تعزز من احتمالات استمرار حالة "الركود التضخمي" كواقع اقتصادي.
وفي السياق ذاته، أشار مارك داودينغ، كبير مسؤولي الاستثمار في "آر بي سي بلو باي"، إلى أن عوائد السندات البريطانية لأجل 10 سنوات تراجعت هذا الأسبوع، في وقت تدرس فيه حكومة حزب العمال الحاكم خيارات تقليص الإنفاق إلى جانب رفع الضرائب.
وقال داودينغ في مذكرة يوم الجمعة: "إذا استمرت العوائد في التراجع واقتربت من مستوى 4.4%، فقد يكون ذلك فرصة مناسبة للبيع، نظراً لصعوبة تجاهل مخاطر التضخم والتقلبات السياسية".
وبلغ عائد السندات البريطانية لأجل 10 سنوات نحو 4.483% يوم الجمعة، منخفضاً بنحو نقطتين أساسيتين.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام