السياسة النقدية والاستقرار المالي في ارشيف كتابات محافظ البنك المركزي العراقي

البنك المركزي العراقي منذ تأسيسه في 1947 ولغاية 2025 مر بمراحل من الظواهر والتحديات والانجازات حيث شهدت هذه السنوات والتي بلغت 78عاما تحولات كبيرة في الإهداف والادوات والوظائف والاليات سيما تحول السياسة النقدية من سياسة تقليدية الى سياسة غير تقليدية مستهدفة تحفيز الاقتصاد والانتقال به بشكل سريع نحو النمو الاقتصادي، وتعزيز الاستقرار المالي وفقا للمعايير الدولية القياسية الجديدة والانتظام بالنظام المالي العالمي وتحقيق منهجية التحول الرقمي والتحول من الاقتصاد النقدي الى الاقتصاد الرقمي .

ان الذي تميزت به مسيرة البنك المركزي هو الركائز والقواعد الأساسية التي تم بنائها خلال السنوات (2015-2020) وان تطبيقات هذه الركائز أثمرت في السنوات (2023-2025 ) .من خلال تطبيق السياسات والمبادرات والبرامج الجديدة التي اعتمدها االبنك المركزي، والأمر المهم هنا هو أن يتم قراءة الماضي وتحليله والبناء عليه في رسم صورة المستقبل، وهذا يتحقق عندما يكون هناك قادة اقتصاديون حقيقيون يفحصون الواقع ويتلمسون المستقبل بعيون ثاقبة تنظر بامل كبير الى بناء اقتصاد وطني قوي ومتين ويرتكز على اسس واضحة لتحقيق الاصلاح الشامل والجذري وقطاع مصرفي رصين وحديث وشامل ومرن مع تثوير القطاعات الإنتاجية الأساسية كالزراعة والصناعة وتنويع مصادر الدخل القومي من غير النفط والانتقال من الريعية إلى الانتاجية.

وفي ضوء مراجعتي لارشيف مامكتوب عن البنك المركزي وجدت أن أبرز مافي الارشيف هو ماكتبه محافظ البنك المركزي د علي محسن العلاق في كتبه الموسومة ( كتابات في السياسة النقدية والاستقرار المالي ) الصادر في2021 وكتاب ( إدارة البنك المركزي من هامش الماضي إلى متن المستقبل) الصادر في 2022، لقد أوضح في الكتاب الاول وفي 10 فصول دور البنك المركزي في مواجهة التحديات والصدمتين الاقتصادية والأمنية في (2015-2016 ) وعرض تحديات الموازنة العامة وإعادة النظر في بنية وعرض الموازنة في إطار الاقتصاد الكلي واستقرار المالية العامة (2017-2021) وتخفيض سعر صرف الدينار العراقي المحددات والبدائل وختمها بمقومات التنمية الاقتصاديةالمنشودة.

أما الكتاب الثاني فقد ناقش بشكل علمي وواقعي وتحليلي مرحلة مهمة من التحديات التي عاشها البنك المركزي العراقي في احلك الظروف الاستثنائية التي عانى منها العراق. وتحمل البنك المركزي مواجهة الازمات التي واجهت اقتصادنا الوطني وسد العجز في الموازنات العامة باعادة خصم حوالات الخزينة التي اصدرتها الحكومة وتأثيرات ذلك على انخفاض الاحتياطيات النقدية الاجنبية الى حدود 43 مليار دينار في 2016 .

لقد تضمن الكتاب تسعة فصول تناولت التخطيط الاستراتيجي وادارة التغيير حيث ان الاهداف التي استجدت في البنوك المركزية هو التحول من الرقابة على اساس القواعد الى الرقابة المبنية على المخاطر والانتقال من هدف محاربة التضخم الى تحفيز النمو الاقتصادي وعرض الوظائف والادوات والبرامج والمعايير التي تهدف الى تحقيق الهدفين اعلاه وتطبيق معايير الرقابة التحوطية وادارة احتياطيات البنك المركزي الاجنبية التي تؤدي الى مجموعة من الاهداف الاساسية في تعزيز الثقة في السياسة النقدية وسعر الصرف وثضمن كذلك ملامح ومحددات ومؤشرات استقلالية البنك المركزي اضافة الى موضوع بيع العملة الاجنبية عبر نافذة البنك المركزي وكذلك المبررات والحقائق والظواهر الاقتصادية والقانونية والمالية والتجارية والنقدية التي تقف و راء نافذة بيع العملة . والظروف الصعبة التي عاشتها ادراة البنك المركزي في تصفية ملاحظات مجموعة العمل المالي FATF .

وتناول الفصل السابع عرضا اجماليا عن القطاع المصرفي في العراق باعتباره المكون الاساس للنظام المالي وخاضعا لاشراف ورقابة البنك المركزي كما تناول الفصل ايضا المشاريع الاستراتيجية المنجزة لتنظيم وتحفيز القطاع وٱليات تعزيز الاستقرار المالي والاشارة بشكل واضح الى الائتمان المصرفي واهميته القصوى في تحقيق الاصلاح الاقتصادي والمصرفي وقدم روى وبرامج عملية الإصلاح المصرفي والذي نشهده حاليا.

وقدم الكتاب عرضا للجهود الكبيرة وماذا تحقق في اطار الاصلاح الاقتصادي والانضباط المالي وبين بشفافية عالية ملامح عن اموال العراق قبل 2003 وبعده بشكله الاجمالي كما تضمن الفصل ديون العراق قبل 2003 وبعده وهو توقع استباقي لما أعلنه البنك المركزي حاليا عن موقف الدين الخارجي والداخلي ومن خلال قرائتي بتمعن شديد لما تضمنه الكتابان تأكد لي ان الاستاذ العلاق قد بذل جهدا فكريا واقتصاديا كبيرا في عرض تشخيصي دقيق لابرز التحديات والانجازات والتطورات البنيوية والهيكلية والتقنية في ادارة البنك المركزي والتي كان لها دور اساسي ومهم في رسم خارطة الطريق للعهد الخامس الجديد للبنك المركزي الذي بدأ في عام 2015 ومازال مستمرا وبنهج وخطى ثابتة لتحقيق اهداف السياسة النقدية ودعم وتحفيز الاقتصاد الوطني وتحقيق الاستقرار المالي الناجز وهو الهدف المركزي للاصلاح الاقتصادي والمصرفي والمالي .


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 86
أضيف 2025/10/21 - 9:46 AM