يحذّر محللون من أن المواقف المتصلّبة التي أدت إلى الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة تجعل التوصل إلى تسوية أمراً بعيد المنال وتهدد بتحويل الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين إلى أزمة طويلة الأمد.
ومع دخول الشلل في الوكالات الفيدرالية أسبوعه الثاني، أفاد عدد من الخبراء الاستراتيجيين الذين ما زالوا يتذكرون خلافات سابقة بأن أحدث خلاف بين الرئيس دونالد ترامب وخصومه الديمقراطيين سيطول.
وقال أندرو كونيستشوسكي، الناطق السابق باسم السيناتور تشاك شومر، وهو الزعيم الديمقراطي الذي يعد في صلب الخلاف: "يمكن لهذا الإغلاق أن يتواصل لأسابيع وليس لأيام فقط"، وفقاً لوكالة "فرانس برس".
ومن بين أبرز أسباب الإغلاق مطالبة الديمقراطيين بتمديد حزم الدعم للرعاية الصحية التي تنقضي مهلتها قريباً، ما يعني زيادة كبيرة في التكاليف بالنسبة لملايين الأميركيين من أصحاب الدخل المنخفض.
وحمّل ترامب الأقلية الديمقراطية في الكونغرس مسؤولية عرقلة قراره بشأن التمويل الذي يتطلب تمريره عدداً من أصواتهم.
وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض: "إنهم يتسببون بالأمر، نحن على استعداد للعودة"، في تصريحات تشي بأنه متصالح مع فكرة تواصل الإغلاق.
وأضاف ترامب أن إدارته بدأت بالفعل إقالة الموظفين الفيدراليين، وليس تسريحهم مؤقتاً فقط، محمّلاً خصومه مسؤولية "التسبب بخسارة الكثير من الوظائف".
وفي مارس الماضي، عندما واجهت الحكومة خطر الإغلاق آخر مرة، بادر الديمقراطيون بالتراجع عن موقفهم وصوتوا لصالح قرار مدته ستة أشهر يتجنّب الشلل الفيدرالي رغم المخاوف السياسية.
لكن شومر، رئيس كتلة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، واجه انتقادات شديدة من قاعدة الحزب، وسيتردد في الخضوع هذه المرة لمطالب الجمهوريين.
اتفاق مؤقت
ويعتمد الجمهوريون في مجلس الشيوخ حالياً على إمكانية تراجع معارضيهم الديمقراطيين ويصرّون مراراً على التصويت.
وقال المسؤول الرفيع السابق في كاليفورنيا جيف لي، الذي تفاوض مع إدارة ترامب الأولى "يمكنني رؤية اتفاق مؤقت من الحزبين بحلول أواخر أكتوبر الحالي".
وأضاف أن إطالة أمد الإغلاق لأكثر من شهرين "سيوقف عمليات الحكومة بشكل جدي ومن شأنه أن يؤثر على اعتبارات الأمن القومي والوطني ويؤدي بالتالي إلى تحميل الحزبين المسؤولية".
وأفاد محللون بأنه من شأن أي تحوّل في الاستراتيجية أن يعتمد على ملاحظة أي الطرفين تغيّر الرأي العام ليصبح ضدّهما.
وتباينت استطلاعات الرأي حتى الآن، رغم أن الانتقادات تطال الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين بشكل عام.
وشهدت الحكومة أطول فترة إغلاق في تاريخها في ولاية ترامب الأولى بين عامي 2018 و2019 عندما توقفت الوكالات الفيدرالية عن العمل لمدة خمسة أسابيع.
ويكثّف الرئيس هذه المرة الضغط عبر تهديد أولويات الليبراليين والتوعد بعمليات تسريح كبيرة لموظفي القطاع العام.
تأثير ترامب
يرى أستاذ السياسات لدى "جامعة روتشستر" جيمس دراكمان أن تعنّت ترامب يدفعه للاعتقاد بأن الخلاف هذه المرة سيؤدي إلى إغلاق أطول من ذاك الذي تم في 2019.
وقال: "إدارة ترامب ترى أن لديها تفويضاً غير محدود وبالتالي فإنها لا تتنازل بالمجمل، والديمقراطيين واجهوا انتقادات لأنهم لم يواجهوا بالقوة الكافية ولم يفض آخر تنازل إلى أي نتيجة إيجابية بالنسبة للديمقراطيين، لذا فإنهم يميلون سياسياً للتمسّك بموقفهم".
وكلّف إغلاق 2018-2019 الاقتصاد 11 مليار دولار في الأمد القصير، بحسب مكتب الكونغرس للموازنة، ولم يتم استرداد مبلغ قدره 3 مليارات دولار.
وحذّر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت من أن الإغلاق الأخير قد يؤثر بشكل كبير على نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وبالنسبة للمحلل المالي مايكل آشلي شولمان، فإن الواقع الاقتصادي للإغلاق قد يجبر الطرفين على التوصل إلى تسوية.
وقال: "إذا انتاب الفزع وول ستريت وارتفعت عوائد سندات الخزانة، فسيكتشف حتى أكثرهم تشدداً فكرياً فجأة التزاماً عميقاً بالحلول التي يمكن أن ترضي الحزبين".
ويرى رئيس قسم الرقابة والتحقيقات في الكونغرس لدى شركة المحاماة العالمية "هوغان لوفيلز"، آرون كاتلر، الذي كان موظفاً في مجلس النواب، أن الإغلاق سيدوم 12 يوماً كحد أقصى.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام