الأثر العكسي لرسوم التأشيرات الأميركية.. الهند المستفيد الأكبر

 

في تحول مفاجئ عن وعوده الانتخابية، اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم قدرها 100 ألف دولار على طلبات تأشيرة العمالة الماهرة الأجنبية (H-1B) الجديدة، وهو القرار الذي قد يعيد تشكيل قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة ويسرّع عمليات نقل الوظائف إلى الهند ودول أخرى.

وكان ترامب قد صرح العام الماضي بأن الخريجين الأجانب يجب أن يحصلوا تلقائياً على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة بعد التخرج، لكنه الآن يسلك مساراً معاكساً يستهدف أحد أهم القنوات التي تعتمد عليها شركات التكنولوجيا الأميركية لتوظيف المواهب الأجنبية.

وفقاً لصحيفة «إيكونوميست»، تصدر شركات التكنولوجيا الكبرى قائمة الرعاة الرئيسيين لتأشيرات (H-1B).

ويصدر البرنامج سنوياً 85 ألف تأشيرة جديدة عبر نظام اليانصيب، رغم أن الطلب يفوق هذا العدد بكثير.

وكانت الرسوم القانونية ورسوم تقديم الطلبات تقدر سابقاً بنحو 2,500 دولار فقط، فيما ستجعل الزيادة المقترحة التأشيرات مكلفة بشكل كبير للشركات.

وتسيطر شركات التكنولوجيا الكبرى مثل «امازون» على الجزء الأكبر من التأشيرات، إذ حصلت على أكثر من 14 ألف موافقة في عام 2025، بينما تصدرت شركات خدمات تكنولوجيا المعلومات الهندية مثل «إنفوسيس»، و«ويبرو»، و«تاتا كونسلتنسي سيرفيسز» قائمة الرعاة الرئيسيين.

ويشكل المواطنون الهنود نحو ثلاثة أرباع حاملي التأشيرات، يليهم الصين بنسبة 12%، فيما لا تتجاوز نسبة أي دولة أخرى 2%.

وسارعت شركات التكنولوجيا الأميركية على مدى عطلة نهاية الأسبوع ،إلى توجيه نصائح للموظفين الحاصلين على تأشيرات (H-1B) بعدم مغادرة البلاد حتى تتضح تفاصيل اللوائح الجديدة، في حين لا تزال أسئلة الإعفاءات والترتيبات الانتقالية دون إجابة.

وفي الهند، بدأ القرار يترك أثره سريعاً، خصوصاً بعد أن فرض ترامب في أغسطس رسوماً جمركية بنسبة 50% على البضائع الهندية.

وكانت صادرات الخدمات الهندية قد ارتفعت من 53 مليار دولار عام 2005 إلى 338 مليار دولار عام 2023، مدفوعةً بزيادة عدد المهندسين والمتخصصين في علوم الحاسوب.

كما اعتمدت شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية على برامج (H-1B) لإرسال المهندسين للعمل لدى العملاء في الولايات المتحدة.

ويواجه القطاع تحديات إضافية بسبب التطورات التكنولوجية، إذ تهدد أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي بعض الأعمال الأساسية.

وتتوقع شركة «غارتنر» أن يتم أتمتة أكثر من نصف التفاعلات المرتبطة بالعمليات المؤسسية بحلول عام 2029.

وفي هذا الإطار، أعلنت شركة «تاتا كونسلتنسي سيرفيسز» في يوليو تخفيض 12 ألف وظيفة، أي نحو 2% من قوتها العاملة، بسبب “عدم تطابق المهارات”.

لكن القطاع أثبت قدرة على التكيف، إذ أصبحت الشركات تعتمد بشكل أكبر على العمليات الخارجية، ويعمل نحو 8% فقط من موظفي «إنفوسيس» في الأميركيتين، فيما شكل التوظيف المحلي أكثر من 90% من الموظفين الجدد منذ 2018.

كما أسهمت مراكز القدرات العالمية التي أنشأتها الشركات متعددة الجنسيات، من أجل التعامل مع مهام البحث والتطوير وتحليل البيانات، في دعم قطاع الخدمات الهندي، حيث تولد هذه المراكز نحو 64 مليار دولار وتوظف 1.9 مليون شخص.

ويبدو أن رسوم التأشيرة الجديدة قد تُسرّع انتقال الشركات الأميركية إلى الهند، لا سيما الشركات الكبيرة، بينما قد تواجه الشركات الناشئة صعوبات في التوظيف.

وأظهرت أبحاث لجامعة «وارتون» أن القيود على تأشيرات (H-1B) دفعت الشركات التي تعتمد عليها بشكل كبير إلى زيادة التوظيف في الخارج بنحو 25%، مع استفادة الهند وكندا والصين بشكل واضح.

ويمكن أن يعيد القرار الأميركي تشكيل سوق العمل العالمية، بما يؤثر على تدفقات المواهب وفرص التوظيف في الولايات المتحدة ومستقبل الابتكار المحلي.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 74
أضيف 2025/09/23 - 7:45 PM