خروج أسطورة الاستثمار من المشهد الاقتصادي..ما هي التحولات المنتظرة في الأسواق؟
وارن بافيت

الاقتصاد نيوز - متابعة

طوى رجل الأعمال الأميركي، وارن بافيت، صفحات امتدت على مدى ستين عاماً من مسيرته المهنية، كأشهر مستثمر، مُعلناً أنه سيتنحى عن منصبه كرئيس تنفيذي لشركة بيركشاير هاثاواي Berkshire Hathaway لتبدأ حقبة جديدة للشركة والأسواق في نهاية عام 2025، فكيف ستستمر فلسفته ويحيا نهجه؟.

في ختام الاجتماع السنوي للمساهمين في أوماها، التي يتطلع إليها رجال الأعمال المخضرمين والناشئين، أعلن وارن بافيت، 94 عاماً، تنحيه عن منصب الرئيس التنفيذي لشركته بيركشاير هاثاواي مع نهاية العام الجاري، ليبدأ بذلك انتقالاً سلساً إلى نائبه غريغ أبيل، الذي لطالما اعتُبر الوريث الطبيعي للإمبراطورية الاستثمارية التي أسسها بافيت قبل أكثر من ستين عاماً.

ويعقد مجلس إدارة الشركة اجتماعاً لمناقشة تفاصيل الانتقال، فيما تتجه الأنظار إلى الأسواق لرصد رد فعلها مع افتتاح جلسات الاثنين.

التحول المنتظر

رغم أن الإعلان لم يكن مفاجئاً بالكامل نظراً لعمر بافيت وتقدمه في السن، فإن كثيرين شعروا بالصدمة، خاصة أن "بريق بافيت" في الأسواق لطالما أضفى على بيركشاير نوعاً من الهالة الخاصة.

كان الرجل يمثل بوصلة للاستثمار، حيث اعتاد المستثمرون أن ترتفع أسهم الشركات التي يشتريها حتى قبل أن يُعرف ما إذا كان بافيت هو من قام بالصفقة بنفسه.

المستثمر مارك مالك، من سيبرت.إن إكس تي Siebert.NXT، قال "لطالما كانت هناك علاوة على سهم بيركشاير بسبب اسم بافيت"، بحسب رويترز.

أعرب العديد من المساهمين عن ثقتهم في غريغ آيبيل، الذي يشغل منصب نائب الرئيس منذ سنوات ويشرف على معظم شركات بيركشاير غير التأمينية منذ عام 2018، لكنهم أقرّوا بأن آيبيل لا يمتلك الكاريزما أو الحضور الأسطوري الذي يتمتع به بافيت، وهو ما قد ينعكس على ثقة السوق.

منهج جديد أم نهج مستمر

ألمح أبيل بالفعل إلى نيّته في أن يكون "أكثر نشاطاً" في متابعة الشركات التابعة، مع الحفاظ على قدر كبير من استقلاليتها، وهي نقطة محورية في فلسفة بافيت الاستثمارية.

ومن المرجح أن تختلف حقبة آيبيل عن سلفه في جوانب مثل سرعة التخلص من الشركات غير الفعّالة أو الضعيفة، وهو ما بدأه بافيت فعلياً حين باع في 2019 وحدة التأمين أبلايد أندرايترز Applied Underwriters، ثم الصحف المحلية في 2020، قائلاً إن صناعة الصحافة "أصبحت من الماضي".

لكن إجراء تغييرات جوهرية في هيكل شركة تبلغ قيمتها السوقية نحو 1.16 تريليون دولار، وتملك 189 شركة تشغيلية و264 مليار دولار في الأسهم و348 مليار دولار نقداً، لن يكون سهلاً ولا سريعاً.

ترى المحللة كاثي سايفرت من سي إف آر إيه CFRA أن آبيل سيكون عليه أن «يمشي على حبل مشدود» بين المحافظة على فلسفة بافيت من جهة، وترك بصمته الشخصية من جهة أخرى.

رحيل الرمز

بعيداً عن الإدارة اليومية، يبقى تأثير بافيت في عقول المستثمرين كمرجعية عقلانية للاستثمار طويل الأمد.. قال أحد المستثمرين من أوماها: "أهم ما ورّثه بافيت للمستثمرين هو فكرة أن الثراء لا يأتي بسرعة، بل بالصبر واختيار الشركات التي نفهمها".

بافيت ترك وراءه إرثاً استثمارياً مذهلاً، منذ استلامه إدارة الشركة عام 1965، حقق لمساهميه عوائد سنوية تتجاوز ضعف أداء مؤشر أس آند بي 500.

ورغم مطالبات عدد من المساهمين بدفع توزيعات نقدية، فإن بيركشاير لم تفعل ذلك منذ عام 1967، مفضّلة إعادة استثمار الأرباح.

المستقبل الغامض

كانت إحدى العلامات البارزة في عهد بافيت الاجتماع السنوي للمساهمين في أوماها، الذي كان يجتذب عشرات الآلاف من المستثمرين من مختلف أنحاء العالم، ويُعرف بأنه "كوتشيلا المستثمرين".

من غير الواضح إن كان هذا التقليد سيستمر بالحجم ذاته في غياب بافيت، الذي لطالما اعتبر هذا الحدث فرصة "للقاء أشخاص يتشاركون ذات البوصلة الأخلاقية".

ما زال الاستثمار في بيركشاير بالنسبة لكثير من المستثمرين رهاناً على قيم الانضباط، والاستقلالية التشغيلية، والرؤية بعيدة المدى.

لكن دون وجود الشخصية الأسطورية التي جسدت هذه القيم لعقود، فإن المرحلة القادمة ستختبر قدرة الشركة على الاستمرار رمزاً للاستثمار الذكي في عالم تتسارع فيه التغييرات.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 180
أضيف 2025/05/04 - 9:44 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 4343 الشهر 65535 الكلي 15817585
الوقت الآن
الإثنين 2025/5/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير