كيف سيحل حساب الخزينة الموحد مشاكل العراق المالية في ظل العديد من الصعوبات والتحديات المزمنة منها الفساد الإداري والمالي وعدم كفاءة إدارة المال العام والهدر في موارد الدولة ومؤسساتها المالية والاقتصادية فضلا عن كل ذلك التحدي الأهم عدم وجود حساب واضح لإدارة موارد الدولة بشكل سليم .
أن تطبيق نظام حساب الخزينة الموحد سيقلل من الفساد وسيتيح للحكومة العراقية الاطلاع على الرصيد الفعلي اليومي لتحديد النفقات الحكومية بدلا من توزيع هذه النفقات على اكثر من حساب ، إذ ان التعامل المركزي مع أرصدة الحسابات المصرفية الحكومية من خلال حساب الخزينة الموحد سيعزز الممارسات الإلكترونية في أنظمة الدفع وتحصيل الإيرادات الضريبية والكمركية والتحكم بالانفاق الحكومي والتعرف على الإيرادات اليومية والاسبوعية والشهرية والسنوية لكافة قطاعات الدولة ومؤسساتها بدلا من الحسابات المتخصصة بكل قطاع من هذه القطاعات، والغريب في الأمر أن الحكومة لا تعلم مجالات الإنفاق والايرادات وصفقة القرن خير دليل ومثال على عدم معرفة هذه الايرادات وارتبطت ببعض المؤسسات والشخصيات الذين استغلوا معلوماتهم عن هذه الايرادات مع بعض الثغرات وتم الاستيلاء على الاموال الضريبية بحدود ٢.٥ مليار دولار أمريكي. .
وللحد من هذه السرقات حسنن فعلت الحكومة في البدء بتفعيل حساب الخزينة الموحد الذي يحتاح إلى جهود كبيرة في ظل معرفة الجميع بأن هناك مافيات سياسية واقتصادية وحكومية ستعرقل هذا المشروع لانه سيفضحهم ويقلل من امكانية التفكير في عمليات فساد كبيرة شبيهة بسرقة القرن .
حساب الخزينة الموحد هو جزء من حلول أنظمة المعلومات ويدار ويراقب ويتابع من قبل المحاسب العام في وزارة المالية العراقية ودائرة الخزينة العامة المركزية بالتالي أن فتح حسابات منفصلة لمؤسسات الدولة وادارة شؤونها بشكل منفصل ساهم في الفساد وسرقة المال العام والملاحظ أن الكثير من الايرادات اليومية للضرائب والكمارك والمرور ودائرة العقار وايرادات الصحة والتعليم وأمانة العاصمة وغيرها من المؤسسات لها حساباتها المنفصلة وايراداتها المتحققة وهي تأخذ تخصيصات من الموازنة الاتحادية العامة، هذه الحسابات المنفصلة المستقلة تودع فيها الايرادات وتأخذ مخصصات نفقاتها من الخزينة، بالتالي اذا تم ضبط هذه الإيرادات ووضعها في حساب الخزينة الموحد وتم التعامل مع هذه الايرادات بشفافية ستتعرف الحكومة العراقية على حجم الايرادات ومع المتابعة والمراقبة سيقل الفساد إلى حدود كبيرة، لأنه من غير المقبول صرف موازنة بحدود ٢٠٠ تريليون دينار ولا نحصل على إيرادات للدولة بحدود ٢٥% ، نقرأ أن هناك إيرادات غير نفطية ١١ تريليون دينار لكن الحقيقة لا يصل سوى واحد تريليون دينار إلى خزينة الدولة وبقاء الواقع بهذا الشكل يعني انهيار الاقتصاد العراقي مع أي ازمة تؤثر على اسعار النفط المصدر.
في إحدى ندوات كلية الإدارة والاقتصاد جامعة المستنصرية وبحضور المتحدث النائب الدكتورة ماجدة التميمي تقول عند تدقيق حسابات الموازنة الاتحادية العامة مبلغ مليار دينار عراقي لا نحسبه من الايرادات او النفقات على أساس أن هذا المبلغ لا يشكل ولا يؤثر على الحساب الإجمالي وهو مبلغ قليل في حين والحديث للدكتورة التميمي عند زيارة البرلمان الياباني كوب من الشاي وقطعة تنظيم واحدة في كيس ( قطعة كلنس ) قدم كضيافة لوفد سائر إلى البرلمان الياباني تم احتسابه كنفقات على هذا البرلمان في حينها تذكرت حسابات دولة العراق مليار دينار عراقي مبلغ قليل لا يحسب في إيرادات ونفقات الموازنة العامة ، والامثلة المتشابهه كثيرة .
وعليه نجد في خطوة حكومة المهندس السوداني في انشاء حساب الخزينة الموحد خطوة في الاتجاه السليم والنافع فمن غير المقبول الدولة موازنة بحدود ٢٠٠ تريليون دينار عراقي والايرادات لا تتعدى الواحد بالمئة، بالتالي تنفيذ حساب الخزينة الموحد في إطار تطوير عمل المالية العامة ينبغي ان يصاحبه جهود ومراقبة ومتابعة مستدامة والتي تضع هدف كفاءة استغلال المال العام وادارة المالية العامة بشكل يعزز الرقابة والمتابعة وهذا الأمر سيقلل الفساد والهدر ويحقق إيرادات اضافية قد تصل إلى ٥٠% من خلال الحد من الفساد وتعديل الانظمة الإدارية المختلفة لتصبح مؤتمتة والكترونية.
أن تطبيق هذا النظام سيقلل من عمليات النصب والاحتيال على أموال الدولة ولا تتكرر وثائق الاستيلاء كما حصل في سرقة القرن من خلال ٢٤٧ صكا صرفتها شركات بين عامي ٢٠٢١- ٢٠٢٢ ، بالتالي أن تطبيق نظام حساب الخزينة الموحد حتمية وضرورة للخلاص من حقبة زمنية طويلة من الهدر والفساد حتى تصل الايرادات بشكل سليم إلى الخزينة العامة مع تحديد انتاجية المؤسسات ونفقاتها وضبط عمل الإدارة العامة هذا الحساب الموحد سيجبر مؤسسات الدولة على تحويل الايرادات والكشف على النفقات بشكل واضح والوقت أصبح ملائم لتحديث البنية التحتية للإدارة العامة وتطبيق الادوات السليمة التي تنعكس على زيادة الايرادات الحكومية إذ ان الاستمرار بحالة الفساد الإداري والمالي وعدم كفاءة إدارة المال العام والهدر في الموارد الاقتصادية كما أن العواطف وظاهرة الركوب المجاني والاقتصاد الابوي لا تبني دولة قد تبني رفاهية للسقوط ، فمن مصلحة الدولة والمجتمع ضبط إيراداتها ونفقاتها السنوية .
ماذا نفعل عندما يتغير الطلب العالمي على سلعة النفط الخام ، ماذا نفعل عند إيجاد بدائل للطاقة، ماذا نفعل عندما عندما تنخفض اسعار النفط الخام.
ان حساب الخزينة الموحد يعد شرطا حتميا لا ستكمال التحول الرقمي لإدارة المالية العامة والمعلومات والبيانات المالية وبدون هذا الحساب لا ضبط للتدفقات النقدية اليومية والاسبوعية والشهرية والسنوية بالتالي البدء بتنفيذ هذا المشروع فضلا عن ذلك ضبط مساويات الحوكمة والانضباط المالي والمساءلة والشفافية.
ويضاف إلى ما تقدم نوصي بالاستعانة بالتجارب الدولة فيما يتعلق بحساب الخزانة العامة لاسيما التجربة اليابانية والسير بتطبيق هذا المشروع مع مشروع الإدارة المالية الالكترونية ومتابعة تطبيق مشروع الدفع الالكتروني وكذلك اتمتة العمل في الهيئة العامة للضرائب والهيئة العامة للكمارك ومتابعة اموال رسوم العقار وايرادات الصحة والتعليم وأمانة العاصمة وغيرها من المؤسسات والطاعات الحكومية الاخرى .
الاستاذ المساعد الدكتور صادق البهادلي
كلية الإدارة والاقتصاد
جامعة المستنصرية