إنهاء التعارض المصطنع بين خط سكة حديد البصرة-شلامجة ومشروع "ميناء الفاو"

 كريم الأعرجي - خبير ومستشار في الاقتصاد الدولي

بعد مرور أكثر من عقدين على الاتفاقية الأولية بين العراق وإيران، ما يزال المشروع الاستراتيجي لسكة حديد البصرة-شلامجة، الذي كان من المفترض أن يشكل نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، عالقاً دون حل بسبب بعض المعارضات في العراق وادعاءات التعارض مع ميناء الفاو.

يُعتبر خط السكك الحديدية البصرة-شلامجة أحد أهم المشاريع التحتية والاستراتيجية بين العراق وإيران. المراحل المتبقية من هذا المشروع في العراق تشمل فقط 33 كيلومتراً من مد السكك داخل العراق، و16 كيلومتراً من إزالة الألغام في المسار الأولي والتي اكتملت بالفعل، بالإضافة إلى بناء جسر متحرك بطول 800 متر على شط العرب.

هذا الربط السككي، الذي كان من المفترض أن يشكل تحولًا كبيرًا في السياحة الدينية والتبادلات التجارية بين البلدين، لا يزال بعد مرور أكثر من عقدين على الاتفاقات الأولية، عالقاً في حالة من عدم اليقين بسبب معارضة بعض التيارات الداخلية العراقية لهذا الربط.

تشير الدراسات في مجال اقتصاد النقل إلى أن فرضية التعارض بين إنشاء خط السكك الحديدية البصرة-شلامجة والمشروع الضخم "ميناء الفاو" و"طريق التنمية" تعتمد أكثر على عدم فهم مسارات العبور للمتقدمين وأدوات التنظيم والتحكم الحكومي في التجارة وتدفق البضائع، بدلاً من أن تكون قائمة على الحقائق الفنية والميدانية. لذلك، من وجهة النظر الخبراء، فإن ثنائية القطبية بين هذين المشروعين التحتيين تعد خطأ استراتيجيّاً.

المركز الرئيسي للاعتراضات المطروحة هو ادعاءات حول الآثار السلبية لهذا الاتصال على مشروع "ميناء الفاو" و"طريق التنمية"، الذي يضع العراق على مسار العبور الأوروبي. يعتقد المعارضون أن تفعيل هذا الخط الحديدي سيؤدي إلى تفريغ البضائع المستوردة من مصادر مثل الصين وباكستان أو الدول الشرقية في موانئ إيران بدلاً من موانئ العراق، ثم دخولها العراق عبر حدود شلامجة، مما يضعف المكانة الاقتصادية لميناء الفاو. ومع ذلك، لأسباب، خاصة الاختلاف في طالبي العبور من البلدين، يتم رفض هذه الادعاءات.

تظهر دراسة مسارات العبور أن الممرات الشمالية-الجنوبية التي تمر عبر العراق وإيران لها أسواق وأهداف مختلفة. المستفيدون الرئيسيون من الممر الذي يمر عبر العراق وميناء الفاو هم الدول الأوروبية، والتي بسبب الخلافات السياسية والاستراتيجية الأمنية وكذلك العقوبات، لا ترغب في استخدام المسار الإيراني. على النقيض من ذلك، فإن السوق المستهدف للممر الشمالي-الجنوبي الذي يمر عبر إيران هو دول الهند وروسيا وآسيا الوسطى والقوقاز، والتي لا يمكنها في الغالب المرور عبر المسار العراقي؛ وبالتالي فإن هذا التقسيم للسوق يجعل المنافسة بين المسارين بلا معنى.

 

 

 

 
 


صورة رقم (1): الممر الشمالي-الجنوبي العابر للعراق

 

صورة رقم (2): الممر الشمالي-الجنوبي العابر لإيران

وفي الوقت نفسه، فإن الربط السككي مع إيران يحمل فوائد استراتيجية كبيرة للعراق؛ بما في ذلك توفير ربط العراق بالممر الشرقي-الغربي الذي يربط الصين بأوروبا والدول العربية والإفريقية. كما يوفر الربط السككي للعراق الوصول إلى مبادئ السياحة الدينية، خاصة باكستان وآسيا الوسطى والقوقاز، ويخلق أيضاً فرصاً للتجارة مع الدول المذكورة وكذلك روسيا؛ لذا، من الضروري أن تتابع الحكومة العراقية القادمة، مع الأخذ في الاعتبار المصالح الوطنية للبلاد، تطوير الاتصالات السككية مع الجيران، وخاصة إيران، من خلال خط سكة حديد البصرة-شلامجة بسرعة وإنجازها لمنع المزيد من الخسائر للبلاد.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 80
أضيف 2025/12/28 - 5:42 PM