
التلوث يخنق إيران في ظل الجفاف الممتد الذي يضربها منذ أشهر، وغياب الأمطار في موسمي الخريف والشتاء الحاليين.
وقد اجتاحت موجة كثيفة من التلوث الهوائي عدداً من المدن الكبرى والصناعية، خصوصاً إقليم خوزستان النفطي (جنوب غرب)، ما دفع السلطات إلى تعطيل المدارس منذ الأسبوع الماضي وإقرار التعليم عن بعد، ثم توسّع القرار إلى مدن أخرى أمس السبت.
وأفادت بيانات منفصلة أصدرتها مراكز في عدد من المحافظات، بأن يوم الأحد شهد إعلان تعطيل جزئي أو كامل للمدارس، وأحياناً الجامعات والإدارات الحكومية، في 37 مدينة بثماني محافظات على الأقل، مع تمديد التعطيل إلى نهاية الأسبوع في بعضها.
وحذر صادق ضيائيان، رئيس مركز التنبؤ وإدارة أزمات الطقس في إيران، من أن المدن الكبيرة والصناعية ستظل حتى بعد غد الثلاثاء تحت وطأة استقرار جوي يزيد مستويات تركّز الملوثات. وفي العاصمة اعتبر الوضع أشد سوءاً وأكثر خطورة، إذ غطى ضباب الدخان الكثيف سماء المدينة حتى باتت جبالها غير مرئية. وأمس السبت، تجاوز مؤشر جودة الهواء مستوى “التحذير الأحمر” عند الساعة الرابعة عصراً، وسجل معدلات بلغت 165، ووصلت إلى 180 في بعض المناطق.
ويعني المستوى الأحمر أن الهواء غير صحي لجميع السكان، ويعرضهم لمخاطر صحية، ويزيد احتمالات إصابة مرضى القلب والرئة وكبار السن والأطفال بمضاعفات. وحذرت وزارة الصحة من ممارسة أنشطة طويلة أو مجهدة في الهواء الطلق، في حين أوصت هيئة مراقبة جودة الهواء بتقييد النشاط الخارجي، بسبب تراكم الجسيمات الدقيقة (أقل من 2.5 ميكرون) نتيجة ظاهرة الانقلاب الحراري.
وفيما اكتفت السلطات، السبت، بتعطيل رياض الأطفال والمدارس الابتدائية في طهران، أثار القرار انتقادات واسعة على وسائل التواصل ووسائل الإعلام، خاصة مع تجاهل الدعوات المتكررة لعقد اجتماع طارئ للجنة أزمة التلوث بعد وصول المؤشر إلى 165. وانتقد أعضاء في مجلس بلدية العاصمة، صباح الأحد، إهمال حماية صحة المواطنين، خصوصاً الأطفال.
وقال علي رضان، وهو مريض قلب، لـ”العربي الجديد”: “لم نشهد طوال ثلاثة أشهر يوماً واحداً من الهواء النقي. أجريت عملية في القلب، وكلما أخرج من البيت أصاب بضيق تنفس. حتى الكمامة لا تمنع عني السعال، وما يزيد الطين بلة أن المطر لا ينزل كي يغسل وجه المدينة ويجدد هواءها”.
بدوره، قال قربان علي بزرغي، وهو مزارع سبعيني جاء إلى العاصمة لإنجاز عمل إداري: “لم أتخيل أن هواء طهران بهذا السوء. حياتنا في الريف مرتبطة بالمطر والهواء النقي، وحالياً لا مطر ولا تنفس مريحاً. وهذا العام لم يهطل مطر في منطقتنا أيضاً لكن الهواء نقي”. أيضاً قالت مريم، وهي طالبة جامعية ترتدي كمامة قماشية وعيناها محمرتان قرب ميدان ولي العصر، لـ”العربي الجديد”: “أمتنع كل صباح عن فتح النافذة بسبب الدخان والغبار الكثيف. يفترض أن يجلب الخريف المطر لكننا لم نشهد هذا العام أي يوم ممطر جيد”.
وشكا فريد، وهو سائق تاكسي، من أن “المطر كان ينظف هواء المدينة في الخريف، أما الآن فالسماء مليئة بالدخان، ولم تهطل الأمطار كي تسقط الأوساخ. ويقضي السائقون النهار وسط هذا الهواء، وعند العودة إلى بيوتهم يعانون من آلام في الحلق وصداع، وحتى الكمامة لا تمنحهم تنفساً كاملاً”.
وتزامن التلوث في طهران مع أزمة عطش ناجمة من عدم نزول الأمطار والجفاف. ولجأت السلطات في بعض المناطق إلى تقنين توزيع المياه، ما يضيف ضغطاً إضافياً على الحياة اليومية لسكان العاصمة والمدن الكبرى. وسبق أن كشفت وزارة الصحة أن وفيات العام الماضي، بسبب تلوث الهواء، بلغت نحو 58 ألفاً و975 حالة، ما يعادل 161 وفاة يومياً و7 وفيات كل ساعة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام