قصة أكبر منجم حديد في العالم تحتضنه أفريقيا.. 75% من ملكيته للصين

الاقتصاد نيوز - متابعة

يُعوّل على أكبر منجم حديد في العالم نحو تعزيز الإمدادات العالمية من هذا المعدن الإستراتيجي اللازم لصناعات حيوية عديدة.

ودخل منجم سيماندو الأفريقي (Simandou) الواقع جنوب شرقي غينيا، مرحلة التطوير بعد توقفه على مدار عقود بسبب الخلافات حول حقوق التعدين، وشبهات الفساد، وحجم الاستثمارات الواجب ضخها في المشروع.

ويبلغ إجمالي احتياطيات خام الحديد في منجم سيماندو نحو 3 مليارات طن على الأقل؛ ما يجعله الأكبر من نوعه عالميًا، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتبلغ التكلفة الرأسمالية لمنجم "سيماندو" 23 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل حجم إنتاجه إلى 120 مليون طن سنويًا بحلول نهاية العقد الحالي.

 

منجم سيماندو
يُراهَن على منجم سيماندو الذي طال انتظاره في تأهيل غينيا، كي تصبح ثاني أكبر مصدّر للمعدن بعد جنوب أفريقيا.

ولطالما واجه مشروع "سيماندو" على مدار عقود تحديات سياسية، وخاض معارك قانونية ونزاعات حول الملكية، وفق وكالة بلومبرغ.

 

وكانت أعمال استكشاف جدوى المشروع قد انطلقت في خمسينيات القرن الماضي خلال فترة الاستعمار الفرنسي، قبل أن تتضح إمكاناته الضخمة في تسعينيات القرن ذاته، حينما أكدت شركة التعدين الأسترالية ريو تينتو (Rio Tinto) وجود احتياطيات من خام الحديد عالي الجودة.

وأسهمت الاضطرابات السياسية والصراعات القائمة بين الشركات في عرقلة أي تقدم لتطوير المشروع؛ ما ترك أكبر احتياطي من خام الحديد في العالم غير مستغل حتى الآن.

 

الملكية والبنية التحتية
شهدت ملكية مشروع منجم سيماندو تحولًا دراماتيكيًا، وفق تفاصيل طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتسيطر شركات حكومية صينية حاليًا على قرابة 75% من المشروع، في حين تحتفظ "ريو تينتو" لنفسها بحصة أسهم نسبتها 25%؛ ما يجعلها الممثل الغربي الوحيد في المشروع المشترك.

 

كما يموّل المستثمرون الصينيون البنية التحتية الحيوية اللازمة لتوصيل خام الحديد إلى السوق، بما في ذلك خط سكة حديد بطول 600 كيلومتر يربط المنجم بميناء بُني حديثًا في المياه العميقة على ساحل المحيط الأطلسي.

ويستهدف أكبر منجم حديد في العالم، إنتاج قرابة 60 مليون طن من الحديد عالي الجودة سنويًا في مرحلته الأولى، مع وجود خطط لرفع الإنتاج ليتراوح بين 95 و100 مليون طن سنويًا مع التوسع في العمليات.

وتضع تلك الأحجام غينيا على المسار الذي يقودها لأن تصبح مورد خام عالميًا رئيسًا؛ إذ تشتد الحاجة إلى خام الحديد عالي الجودة لدى شركات صناعة الصلب، لا سيما في الصين.

 

تحول اقتصادي في غينيا
يستعد منجم سيماندو لإحداث تحول جذري في الاقتصاد الغيني الذي يُعد أحد أكثر الاقتصادات مرونة في غرب أفريقيا.

ويُسهم قطاع التعدين حاليًا بنحو 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، غير أن المشروع وحده من الممكن أن يرفع تلك النسبة إلى 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال مدة التشغيل المقترحة والمقررة بين عامَي 2030 و2039.

ومن المحتمل أن ترتفع الإيرادات الحكومية، لتصل إلى مليار دولار سنويًا عند دخول المنجم حيز الإنتاج الكامل.

وبخلاف المكاسب المالية، يُتوقع أن يوفّر المشروع عشرات الآلاف من الوظائف، ويوسّع البنية التحتية، وينوّع محفظة صادرات المعادن في غينيا، لتشمل الحديد إلى جانب خام البوكسايت والذهب.

وتخطّط حكومة غينيا لاستغلال المشروع محفزًا لتحقيق تنمية أوسع نطاقًا، وليس مجرد مصدر لإيرادات التعدين.

وفي هذا الصدد قال رئيس اللجنة الإستراتيجية الحكومية لمشروع "سيماندو"، جيبا دياكيتي: "الهدف ليس إنفاق المال فحسب، وإنما استثمار جزء كبير منه في تطوير قطاعات أخرى من اقتصادنا أيضًا"، وفق تصريحات أدلى بها إلى بلومبرغ.

 

الحديد يدعم النمو
يتوقع المسؤولون أن يُسهم خام الحديد في دعم نمو غينيا، على غرار ما فعله النفط في السعودية والإمارات، مع تجنب لعنة الموارد التي أثرت في دول أفريقية أخرى.

وتطالب الحكومة الغينية شركة "ريو تينتو" وشركاءها بإكمال دراسة جدوى لمصنع صلب محلي بعد عامَين من بدء العمليات.

 

وبعد عقود من الاضطرابات السياسية وتفشي الفقر والأزمات الصحية، يمكن أن ترفع المناجم الناتج المحلي الإجمالي في غينيا بأكثر من 25% بحلول بداية العقد المقبل؛ مما يُتيح فرص توظيف ويدعم تنوعًا اقتصاديًا أوسع، حتى على الرغم من تفشي الأمية بين القوى العاملة المحلية.

 

مخاطر بيئية
على الرغم من آفاقه الواعدة، يقترن مشروع منجم سيماندو بمخاطر بيئية؛ إذ حذر أنصار البيئة من أن التعدين في الموقع قد يهدد إحدى المناطق الأكثر تنوعًا حيويًا في أفريقيا.

وبالمثل، يحذّر المراقبون من أنه دون حوكمة قوية، من الممكن أن يتدفق جزء كبير من عائدات المشروع إلى الخارج.

وتؤكد حكومة غينيا استعمال أموال المشروع في تمويل التنمية المحلية، بما في ذلك البنية الأساسية والتعليم والرعاية الصحية، بهدف تلاشي مشكلات الاعتماد المفرط على الموارد كما هو الحال في أماكن أخرى من القارة.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 114
أضيف 2025/11/09 - 2:17 PM