لا يمكن تفسير الارتفاع الأخير في أسعار السيارات المستوردة والمجمعة في إيران بأنه نتيجة لتقلبات سعر الصرف فقط، إذ إن سعر الصرف بقي شبه ثابت خلال الأيام القليلة الماضية. السبب الرئيسي وراء هذه القفزة هو عدم استقرار السياسات الحكومية ونقص العرض الفعلي في السوق.
وقال موقع اقتصاد 24 في تقرير لها، إن كثيراً من شركات الاستيراد الإيرانية لم تسلّم بعد السيارات التي تم تسجيل طلباتها، كما أن تعقيد إجراءات التخليص الجمركي جعل حجم السيارات المستوردة أقل بكثير من حاجة السوق. هذا النقص في العرض أدى وحده إلى ضغط نفسي تصاعدي على الأسعار.
وفي ما يخص السيارات المجمعة محلياً، فإن الغموض في تسعير المصانع والتغييرات التي طرأت على التعرفة الجمركية الخاصة بمجموعات التجميع (CKD) يُعدّان عاملين مؤثرين. فقد قامت شركات التجميع برفع الأسعار استناداً إلى زيادة تكاليف الإنتاج، حتى دون حدوث تغير ملموس في أسعار الصرف أو المواد الأولية.
وتشهد السوق الإيرانية حالياً ركوداً في المعاملات، فيما يعمد البائعون إلى رفع هامش الربح لتعويض انخفاض حجم المبيعات. تعود الزيادة في الأسعار خلال الأيام الأخيرة في المقام الأول إلى أجواء نفسية ونقص في المعروض وقرارات غير شفافة وتأخر في طرح السيارات الجديدة، أكثر من ارتباطها بالعوامل الاقتصادية الأساسية مثل سعر الدولار.
بمعنى، يمكن القول إن سوق السيارات الإيرانية في الوقت الراهن ابتعد عن المنطق الاقتصادي، وأصبح يتحرك تحت تأثير التوقعات والاضطرابات الآنية.
وتشير مراجعة أسعار السيارات خلال الأسبوع الماضي، وخاصة في الأيام الثلاثة الأخيرة منه، إلى أن السيارات المحلية شهدت انخفاضاً نسبياً في الأسعار، بينما سجلت السيارات المستوردة والمجمعة محلياً ارتفاعات غير مسبوقة.
أحد الأمثلة على هذا الارتفاع المفاجئ هو سيارة “سوزوكي جيميني 1.5 لتر” الجديدة، التي بلغ سعرها يوم الأربعاء 15 أكتوبر نحو 3 مليارات و600 مليون تومان (حدود 35.500 دولار)، في حين كان سعرها في اليوم السابق، أي 14 أكتوبر، حوالي 3 مليارات و200 مليون تومان (حدود 31.500 دولار)، أي بزيادة قدرها 400 مليون تومان (حدود 4 آلاف دولار) في يوم واحد.
ومع ذلك، شهد يوم الخميس 16 أكتوبر تراجعاً في السعر، حيث عرضت إحدى المنصات الإلكترونية لبيع السيارات السيارة نفسها بسعر 3 مليارات و260 مليون تومان (حدود 32.000 دولار)، بانخفاض قدره 340 مليون تومان (حدود 3200 دولار). أما السعر الرسمي المعتمد للشركة المنتجة فهو 2 مليار و579 مليون تومان (25.000 دولار).
كما شهدت سيارة “إم جي 4 الكهربائية” (MG4 EV) خلال الأيام الثلاثة الماضية تقلبات سعرية حادة، إذ ارتفع سعرها من 2 مليار و900 مليون تومان (28.500 دولار) إلى 3 مليارات و200 مليون تومان (31.500 دولار).
في الأيام الأخيرة، أعرب عدد من مشتري سيارات شركة “مديران خودرو” عن احتجاجهم على الزيادة الكبيرة في أسعار منتجات الشركة. وقد تناولت القناة الأولى للتلفزيون الإيراني هذه القضية، مشيرة إلى الغلاء المفرط في أسعار سيارات الشركة، وانتقدت أداء “منظمة حماية المستهلكين” التابعة لوزارة الصناعة والتجارة والمعادن.
وردّت المنظمة ببيان جاء فيه: “تطبّق الزيادات السعرية اعتباراً من بداية عام 2026 ميلادية، والمشترون الذين يستلمون سياراتهم قبل هذا التاريخ يُعفون من دفع أي مبالغ إضافية”.
من جهة أخرى، يُعدّ تموضع الشركة في المنطقة الاقتصادية الخاصة، إضافة إلى زيادة الرسوم الجمركية على استيراد السيارات وأجزاء التجميع (CKD)، من العوامل المؤثرة في ارتفاع الأسعار النهائية التي يتحملها المستهلكون.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام