160 مليون دولار عادت مؤخراً.. من البنك الفدرالي الأميركي إلى أوروبا: خارطة أموال العراق المهربة تفتح أبواب الجدل

الاقتصاد نيوز - بغداد

يُعد ملف الأموال العراقية المهربة إلى الخارج واحدًا من أعقد الملفات المالية التي تواجه البلاد منذ عقود، إذ تتوزع تلك الأموال بين ودائع وعقارات وأصول مالية مسجلة بأسماء شخصيات طبيعية ومعنوية، سواء من إرث النظام السابق أو من قضايا فساد بعد عام 2003.

ورغم التحديات القانونية والسياسية، فإن العراق يمتلك اليوم أدوات قانونية واتفاقيات دولية نافذة تخوّله المطالبة باسترداد تلك الأموال، بالتوازي مع جهود هيئة استرداد الأموال التي راكمت خبرات ميدانية وقانونية في هذا المجال.

وبهذا الصدد، أكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن هناك تخمينات بشأن أموال مهربة تعود إلى النظام السابق، أو أموال فساد بعد عام 2003، وجميعها تقع خارج البلاد وتشمل ودائع وعقارات وأصولاً مالية مختلفة

وأوضح صالح خلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز"، أن "الأهم في هذا الملف هو مستوى التعاون الدولي، ضمن مناطق الولاية القضائية في العديد من الدول التي تضم تلك الملاذات المالية، سواء كانت مسجلة بأسماء شخصيات طبيعية أو معنوية، خصوصاً في الآونة الأخيرة".

وأشار الى أن "هيئة استرداد الأموال باتت اليوم تمتلك خبرات قانونية وميدانية فاعلة في مجال استرداد الأموال العامة، وتُعد أعمالها من الجهود الوطنية الناجحة لاستعادة حقوق العراق المالية التي تسربت خلال عقود، لاسيما في بلدان إقليمية ودولية محددة".

وكان رئيس مجلس إدارة صندوق استرداد أموال العراق محمد علي اللامي، أكد في وقت سباق، على ضرورة بذل أقصى الجهود، من أجل استرداد أموال العراق المنهوبة في حقبة النظام السابق، وفق قانون صندوق استرداد أموال العراق.

وأشار في بيان له، إلى أن، تسريع وزارة الخارجيَّة لإجراءاتها في إرسال الملفَّات خلال المُدد القانونيَّة إلى الجهات المختصَّة يسهم في الإسراع في إنجاز الملفَّات وتكلل الجهود في استرداد أموال العراق.

بدوره، كشف مصدر حكومي، عن وجود حراك لاسترداد الأموال وعقارات الدولة المستحوذ عليها في الخارج، وخاصة التي بقيت تحت سيطرة بعض المقربين من النظام السابق، فيما كشف عن آخر عملية استرداد.

ويقول المصدر، إن "العمل على إعادة أموال العراق المنهوبة من قبل النظام السابق، يجري بوتيرة متسارعة، وبالتنسيق مع وزارة الخارجية لتسهيل عملية استصدار وثائق استرداد الأموال وعقارات الدولة بالطرق القانونية".

وأضاف أن "آخر عملية استرداد، كانت لقرابة 160 مليون دولار، من قبل أحد المديرين العامين في جهاز المخابرات السابق، حيث تم استعادة المبلغ على شكل دفعتين، عبر التواصل مع المشار إليه عبر القنوات الرسمية والقانونية، وتم إحاطته بكل التبعات والإجراءات المترتبة عليه جراء سرقته لتلك الأموال التي هي ملك للدولة العراقية".

وتابع أن "أغلب الأموال والأصول العقارية في الخارج يسيطر عليها المقربون من النظام السابق، حيث تم استعادة الكثير من العقارات والأموال، ومن المؤمل استرداد عقارات مهمة في أوروبا من قبل أحد المقربين من النظام السابق".

وأشار إلى أن "العمل مستمر ومتواصل لإنهاء هذا الملف، بعد إعادة كل العقارات والأموال العراقية إلى الدولة، وفق الكشوفات الرسمية التي توثق خارطة توزيع تلك العقارات، الى جانب سكن عناصر النظام السابق الذين استحوذوا على أموال والعراق قبل تغيير النظام".

وبين أنه "بعد استكمال إجراءات الجهات المعنية (صندوق استرداد اموال العراق ووزارة الخارجية) في استرداد عقار أو أموال، يتم إشعار الجهة أو الوزارة المعنية بمتابعة الأمر لاستعادة العقار أو المال سواء كانت وزارة أو مؤسسة اخرى".

الى ذلك، أعلن عضو لجنة النزاهة النيابية يوسف الكلابي، عن إتمام الورشة الثانية لإنضاج قانون استرداد أموال الدولة من الفاسدين، مؤكداً أن القانون سيتم التصويت عليه قبل نهاية الفصل التشريعي الجاري، في حين يتساءل العراقيون عن قدرة مثل هذا القانون على تحقيق الهدف منه مع وجود العديد من العقبات.

وقال الكلابي إن "اللجنة انتهت من إكمال الورشة الثانية لقانون استرداد أموال الفساد، والذي يعتبر من أهم القوانين الموجودة في مجلس النواب".

وأضاف "هذا القانون يكمل النقص التشريعي في عملية استرداد الأموال وحجزها والوصول إليها، واللجنة استضافت ممثلين عن الكثير من الدوائر ومؤسسات الدولة من ضمنها ديوان الرقابة المالية ومجلس القضاء الأعلى وهيئة النزاهة ونقابة المحاميين وغيرها".

ويثير مشروع القانون الجدل بشأن جدواه، أذ يرى البعض أن استعادة أموال السرقات بحاجة لتحرك دولي لاستردادها، عبر اتفاقيات مع بعض البلدان، نظرا لأن أغلب الأموال تحولت إلى خارج البلاد، ولا ينفع معها قانون داخلي.

من جانبه، قال الباحث القانوني علي التميمي، إن "هناك اتفاقيات دولية نافذة تتيح للعراق المطالبة بهذه الأموال، أبرزها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة غسيل الأموال لعام 2005، والتي صادق عليها العراق بموجب القانون رقم 35 لسنة 2007".

وأضاف التميمي في تصريح لـ"الاقتصاد نيوز"، أن "المادتين 55 و56 من الاتفاقية الدولية وضعتا إطارًا قانونيًا لاسترجاع الأموال المنهوبة في الخارج"، مشيرًا إلى أن "هذه الاتفاقية اعتمدتها دول مثل نيجيريا والفلبين والجزائر ومصر ونجحت من خلالها في استرداد أموالها، ما يجعل الطريق مفتوحًا قانونيًا أمام العراق".

وكشف التميمي أن "لدى العراق حقًا قانونيًا في المطالبة بمبالغ ضخمة مودعة في البنك الفدرالي الأميركي تعود للنظام السابق، والمقدرة بـ65 مليار دولار"، موضحًا أن "المادة 28 من الاتفاقية الاستراتيجية العراقية – الأميركية لعام 2008، تخوّل العراق طلب المساعدة الاقتصادية من واشنطن، بما في ذلك التعاون في قضايا استرداد الأموال".

كما أشار إلى أن "المادة 50 من ميثاق الأمم المتحدة تتيح للدول التي حاربت جهات مصنفة تحت الفصل السابع، مثل داعش، أن تطلب المساعدة الاقتصادية من مجلس الأمن"، مضيفًا أن "القرار الأممي رقم 2170 لعام 2014 وضع داعش تحت هذا التصنيف، ما يمنح العراق شرعية قانونية لطلب دعم مالي دولي".

وحذّر التميمي من أن "استمرار الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية في العراق قد يعيد البلاد إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أي تحت وصاية دولية جزئية، بعدما خرجت منه عقب تسديد متعلقات مالية مع الكويت بلغت 4.5 مليار دولار".


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 136
أضيف 2025/09/11 - 7:59 PM