في خطوة إدارية أثارت العديد من التساؤلات بين الموظفين والمتقاعدين، أصدرت الحكومة العراقية قرارًا بإلغاء نظام "صندوق تقاعد موظفي الدولة"، ودمجه ضمن هيكل هيأة التقاعد الوطنية.
ورغم المخاوف الشعبية من تأثير القرار على الرواتب والاستحقاقات المالية، سارعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء واللجنة المالية النيابية إلى طمأنة المواطنين، مؤكدتين أن القرار تنظيمي بحت ولا يحمل أي أضرار مالية، بل يهدف إلى تبسيط الإجراءات ومحاربة الفساد الإداري والمالي.
ومنذ سنوات، كان هناك نظام مزدوج لإدارة شؤون التقاعد في العراق؛ حيث كان "صندوق تقاعد موظفي الدولة" يعمل ككيان شبه مستقل إلى جانب "هيأة التقاعد الوطنية"، مما خلق ازدواجية إدارية في بعض المهام والصلاحيات، وأدى إلى تعقيد الإجراءات التقاعدية.
وبهذا الصدد، أوضحت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تأثير قرار إلغاء مشروع نظام "صندوق تقاعد موظفي الدولة" على حقوق الموظفين والمتقاعدين.
وذكرت الأمانة في بيان تلقته "الاقتصاد نيوز"، أن سبب الإلغاء يعود إلى عدم وجود تعليمات نافذة تنظم عمل الهيأة، الأمر الذي دفع وزارة المالية إلى إعداد مشروع النظام الداخلي لتشكيلات هيأة التقاعد الوطنية، والذي نص على اعتبار "صندوق تقاعد موظفي الدولة" أحد تلك التشكيلات، مما استوجب إلغاء النظام السابق لحين صدور تعليمات جديدة نافذة.
وأكدت الأمانة العامة أن القرار خضع لتدقيق قانوني من مجلس الدولة، وتم رفعه إلى مجلس الوزراء وفق الأطر الدستورية والقانونية المعمول بها، لغرض التصويت عليه.
وشدد البيان على أن "القرار لا يؤثر بأي شكل على الحقوق التقاعدية أو المالية للموظفين والمتقاعدين، التي تظل محفوظة ومصانة وفق القانون".
واختتمت الأمانة بيانها بتأكيد التزام الحكومة الكامل بحماية حقوق الموظفين والمتقاعدين، والعمل على تطوير نظام التقاعد بما يحقق العدالة والاستقرار الاجتماعي.
سابقًا، كان الصندوق يوفّر تمويلًا مباشرًا للرواتب التقاعدية، أما الآن، فأصبح الصرف مرتبطًا بالموازنة العامة للدولة. وهذا التحوّل يجعل استقرار الرواتب مرهونًا باستقرار السياسة المالية، لكنه من جهة أخرى يضع الرواتب تحت حماية أعلى من جهة الدولة المركزية.
بدوره، أكد عضو اللجنة المالية في مجلس النواب، جمال أحمد كوجر، أن دمج صندوق تقاعد موظفي الدولة مع هيأة التقاعد الوطنية لن يؤثر على صرف رواتب الموظفين أو المتقاعدين، لا في الوقت الحاضر ولا في المستقبل.
وأوضح كوجر، أن "الدمج يهدف إلى تقليل الروتين الإداري، وإنهاء الازدواجية، وتبسيط الإجراءات وجعل العمل أكثر مركزية"، مشيرًا إلى أن "الأموال التي كانت في الصندوق سابقاً تعرضت للنهب والفساد، والمتورطون فيها بعضهم في السجن، وقد تم تحويل هذه الأموال إلى خزينة الدولة، لتصبح أكثر أماناً".
وبيّن خلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز"، أن "صرف الرواتب سيبقى مرتبطًا بالموازنة العامة، وفي حال حدوث خلل بالموازنة فإن وضع المتقاعدين سيصبح شبيهاً بوضع الموظفين، أما إذا كانت الموازنة مستقرة فالوضع سيكون جيداً للجميع".
وأضاف كوجر: "لا توجد خشية حالياً من تأخر الرواتب، لأن الحكومة لا يمكن أن تسمح بذلك، كون عدد الموظفين والمتقاعدين كبير جداً، ولا يوجد بيت عراقي يخلو من موظف"، لافتًا إلى أن "العراق تجاوز أزمات أصعب مثل داعش وكورونا دون أن تتأخر الرواتب، وهو ما يبعث على الاطمئنان".
وفيما يخص الصناديق السيادية، أوضح كوجر أن "ليس من الضروري التفكير حالياً بإنشاء صندوق سيادي، لأن الحكومة في حال انخفاض الموارد يمكنها السحب من الاحتياطي البنكي، وهو أمر لا يؤثر على المواطنين أو على العملة، إلا إذا ارتفع إلى مستويات كبيرة جداً".
واختتم كوجر حديثه بالتأكيد على "حق الحكومة في تعديل هيكل الإدارات والمؤسسات وفق ما تراه مناسباً لتسهيل الإجراءات وتقليل النفقات، وهو أمر يدخل ضمن صلاحياتها الدستورية".
ويندرج القرار ضمن خطة أشمل لإعادة هيكلة المؤسسات الحكومية، تقودها الحكومة لتقليل الإنفاق الإداري، وتبسيط المنظومة المالية، وتحسين الحوكمة ومكافحة الفساد، بحسب خبراء
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام