الاقتصاد نيوز - بغداد
في وقت يسعى فيه العراق لتنويع منافذ تصدير نفطه وتقليل اعتماده شبه الكامل على موانئ البصرة، يعود ملف خط كركوك – بانياس إلى الواجهة مجدداً، بعد إعلان وزير الطاقة السوري عزمه زيارة بغداد لبحث إعادة تأهيل هذا الخط النفطي التاريخي الذي شُيد في ثلاثينيات القرن الماضي وتوقف عن العمل منذ سنوات طويلة.
المشروع الذي يربط حقول كركوك بميناء بانياس على البحر المتوسط، يوصف بأنه خيار استراتيجي يمنح العراق مرونة أكبر في تسويق نفطه، لكنه يواجه عقبات معقدة.
زيارة مرتقبة لوزير الطاقة السوري
وزير الطاقة السوري محمد البشير قال، أمس السبت، إنه سيزور العراق قريباً لدراسة إعادة تأهيل خط النفط، في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقة بين البلدين، مشيراً في تصريحات نقلتها قناة الإخبارية السورية إلى أن بلاده حصلت على منحة من البنك الدولي لإصلاح الشبكة الكهربائية التي تربطها بدول الجوار، وأن هناك دراسة لإنشاء مصفاة نفط جديدة تجعل من سوريا دولة مصدرة للمشتقات النفطية.
هذا الخط الذي أُنشئ في ثلاثينيات القرن الماضي كان جزءاً من شبكة تصدير النفط العراقي إلى الأسواق الأوروبية عبر الساحل السوري، بطاقة تصميمية تصل إلى 300 ألف برميل يومياً، وشكل أحد أعمدة اقتصاد العراق قبل الحروب والعقوبات. ومع بداية التسعينيات وفرض الحصار الدولي، تقلص نشاطه إلى نحو 10 آلاف برميل يومياً ضمن برنامج “النفط مقابل الغذاء”، قبل أن يتوقف تماماً بفعل التطورات السياسية والعسكرية.
الى ذلك، أكد مستشار رئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن هذا الخطّ ليس مجرد مشروع اقتصادي، بل خيار استراتيجي يمنح العراق مرونة أكبر في تسويق نفطه، ويعزز أمنه وقطاع الطاقة.
وبيّن صالح أن "إعادة تشغيل الخط تتطلب جهدًا ووقتًا طويلين، إلى جانب إعادة تأهيل شاملة للبنية التحتية واستقرار أمني وفني على طول مساره".
وأضاف أن "الإسراع في إعادة فتح خطّ كركوك – بانياس هو خيار يمنح العراق منافذ إضافية لتصدير النفط، ما يعزز حضوره في الأسواق العالمية، ويقلل من المخاطر المحتملة لاعتماده على منفذ تصديري واحد".
التحديات الأمنية والمالية
من جانبه، أوضح خبير النفط والطاقة كوفيند شيرواني أن المشروع يواجه تحديات كبرى، أبرزها الوضع الأمني في سوريا حيث لا تزال أجزاء من مسار الخط خارج سيطرة الحكومة السورية، إضافة إلى وجود جماعات إرهابية في بعض المناطق، متوقعاً أن يحتاج تحقيق الاستقرار الكامل إلى عامين أو ثلاثة.
وأضاف خلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز" أن الخط القديم خرج من الخدمة نهائياً ولا يمكن إصلاحه، والحل الوحيد هو إنشاء خط جديد بالكامل يربط كركوك والمنطقة الشمالية بميناء بانياس، وهو ما يتطلب استثمارات تتجاوز 10 مليارات دولار، وهو مبلغ يصعب توفيره حالياً.
أهمية تنويع المنافذ التصديرية
وأشار شيرواني إلى أن تنويع المنافذ التصديرية ضروري للعراق الذي يعتمد حالياً بنسبة 99% على موانئ البصرة، فيما كان جزء من النفط يصدر عبر ميناء جيهان التركي المتوقف منذ أكثر من عامين. وربط المشروع مع سوريا قد يشمل نفط محافظات مثل صلاح الدين والموصل التي لم تكن منتجة عند إنشاء الخط القديم. كما يرى أن المشروع يمكن أن يشكل ورقة ضغط على أنقرة في مفاوضات تجديد اتفاقية خط الأنابيب العراقي – التركي، المقرر انتهاء صلاحيتها في تموز من العام المقبل.
بدائل وخيارات أخرى
ويرى الخبير النفطي أن خط كركوك – بانياس قد يكون منافساً لخط جيهان التركي، لكن الأخير يمتلك بنية تحتية متكاملة ويمتد لمسافة 900 كيلومتر، داعياً إلى الاستفادة منه بالكامل مع التفكير بخطوط بديلة لأي طارئ فني أو أمني. وحذر من المخاطر الكبيرة لاعتماد العراق على منفذ تصدير وحيد، حيث أن توقف موانئ البصرة ليوم واحد قد يكلف البلاد نحو 220 مليون دولار بخسارة تصدير 3.3 ملايين برميل يومياً.
أما عن مشروع خط البصرة – العقبة، فأكد شيرواني أنه يأتي ضمن نفس هدف تنويع المنافذ، لكنه يحتاج إلى دراسة جدوى اقتصادية دقيقة، مشيراً إلى أن مساره طويل وتكلفته تصل إلى 17 مليار دولار سيتحملها العراق بالكامل، فضلاً عن بيع نفط بأسعار منخفضة للأردن وتقديم تسهيلات كبيرة، ما يجعل من الضروري إعادة تقييمه قبل المضي فيه.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام