تتّجه تركيا نحو توسيع شبكة مطاراتها في خطوة تعكس طموحاتها لتعزيز حضورها في مجال الطيران الإقليمي والعالمي، فقد أعلنت الحكومة التركية عن خطط لإنشاء أول مطار بحري في البلاد على ساحل البحر الأسود، ضمن مشروع ضخم يستهدف تعزيز البنية التحتية وربط المدن الساحلية بالأسواق الدولية.
وزير النقل والبنية التحتية، عبد القادر أورال أوغلو، كشف هذا الأسبوع، أن المطار سيقام شمال مطار طرابزون الحالي، ليكون ثالث مطار في البلاد يُبنى على البحر، مشيراً إلى أن المشروع لا يزال في مرحلة التخطيط، وسيُنفذ ضمن جدول زمني «واقعي»، دون الكشف عن تفاصيل مالية.
بنية تحتية لمواكبة الطلب المتصاعد
ويأتي المشروع في وقت تشهد فيه تركيا نمواً متسارعاً في قطاع الطيران، حيث سجلت المرتبة السادسة أوروبياً في عدد الرحلات اليومية خلال 2024، بمتوسط 3,140 رحلة، وفقاً لإحصاءات رسمية.
كما تجاوز عدد المسافرين في المطارات التركية حاجز الـ230 مليون مسافر خلال العام، بزيادة سنوية بلغت 7.5%، فيما ارتفعت حركة الطائرات بنسبة 5% لتصل إلى 2.3 مليون رحلة، بحسب بيانات وزارة النقل.
مطار إسطنبول حافظ على موقعه كأكثر مطارات القارة ازدحاماً، متفوقاً على مطارات أمستردام ولندن وباريس، في حين تتزايد الحاجة إلى تطوير مطارات جديدة لتخفيف الضغط وتحسين الربط مع المناطق الأقل خدمة مثل البحر الأسود.
الخبير الاقتصادي باسم حشاد، وفي تصريح خاص لـ«إرم بزنس»، قال إن التزام الحكومة التركية، بتحسين بنيتها التحتية للنقل البحري، يتجلى من خلال هذا المشروع. إذ تعزز نتائج المطار البحري الجديد جاذبية تركيا كوجهة سفر عالمية وموقع لوجستي.
بوابة جديدة للسياحة والتجارة
من المنتظر أن يُسهم المطار الجديد في تسهيل حركة السياحة الداخلية والخارجية، عبر ربط مدن مثل «طرابزون» و «ريزا» مباشرة بالأسواق الأوروبية والآسيوية، وتقليص زمن الرحلات بنسبة تصل إلى 15%، بحسب تقديرات جمعية وكالات السفر التركية.
ويتوقع خبراء القطاع أن يسهم المطار في رفع عدد السياح إلى منطقة البحر الأسود بنسبة 20% سنوياً، ليصل إلى 7 ملايين سائح بحلول 2030، ما سينعكس إيجاباً على معالم سياحية شهيرة مثل «دير سوميلا وشلالات أوزونغول»، بالإضافة إلى تسهيل الوصول إلى الفعاليات المحلية مثل «مهرجان شاي ريزا».
دعم اقتصادي وفرص عمل
يمتد تأثير المشروع إلى القطاعات الاقتصادية، إذ من المتوقع أن يُسهِم في تعزيز المنتجات المحلية، مثل الشاي والبندق، بنسبة 12% بحلول نهاية العقد، وفقًا لغرفة تجارة ريزا.
كما سيوفر المشروع نحو 5,000 فرصة عمل مباشرة، و15,000 فرصة غير مباشرة، مما ينعش سوق العمل في منطقة البحر الأسود التي شهدت نمواً سياحياً بنسبة 8% العام الماضي.
تطوير شامل للنقل الجوي
بالتوازي مع المشروع البحري، تعمل الحكومة التركية على تحديث مطار طرابزون، لزيادة قدرته الاستيعابية إلى ما بين 140 و160 رحلة يومياً، في ظل استقباله حالياً أكثر من 4 ملايين مسافر سنوياً.
سبقت هذه الخطوة ، أخرى على ساحل البحر الأسود، إذ شيدت أنقرة مطاري «ريزه - أرتفين وأوردو- جيرسون».
وبحسب الخبير الاقتصادي باسم حشاد، تُعدّ هذه التحسينات جزءاً من مبادرة أوسع نطاقًا لتحديث البنية التحتية للنقل الجوي في البلاد، بما يضمن بقاء تركيا قادرة على المنافسة في سوق الطيران العالمي.
تصميم مبتكر واستدامة بيئية
سيراعي تصميم المطار الجديد الاستفادة من التضاريس الساحلية، مع دمج حلول صديقة للبيئة، مثل أنظمة الإضاءة بالطاقة الشمسية، التي تُخفض استهلاك الطاقة بنسبة 30% مقارنة بالمطارات التقليدية، وفقًا لتقرير صادر عن جامعة إسطنبول التقنية.
كما سيُزوّد المطار بأنظمة متقدمة لإدارة الحركة الجوية، تُقلل أوقات الانتظار بنسبة 20%، وتُمكّن من استقبال طائرات كبيرة من طراز بوينغ 737، مما يُحسن الكفاءة التشغيلية.
تحديات التمويل والتنفيذ
رغم التفاؤل، يواجه المشروع تحديات على صعيد التكاليف والموافقات البيئية، نظرًا لتعقيدات البناء في البحر. وتشير دراسة جدوى لبنك التنمية التركي إلى احتمال تأجيل إنجاز المشروع إلى ما بعد عام 2028 في حال تعثرت عمليات التمويل.
ومع ذلك، يتوقع البنك أن يسهم المشروع في زيادة حصة تركيا في سوق الطيران الإقليمي بنسبة 10% بحلول 2030، مما يعزز موقعها كمحور جوي يربط بين أوروبا وآسيا.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام