في تحول لافت بمسار الاقتصاد العراقي ومساعيه لتنويع مصادر الدخل غير النفطي، أعلنت الحكومة العراقية انضمام البلاد رسمياً إلى اتفاقية النقل البري الدولي "التير – TIR"، في خطوة اعتبرها خبراء ومسؤولون نقطة ارتكاز رئيسية لمشروع "طريق التنمية"، الذي تسعى الحكومة من خلاله إلى ترسيخ موقع العراق كممر تجاري إقليمي يربط بين الخليج وأوروبا.
كما يدعم النظام تنفيذ اتفاقية تيسير التجارة التابعة لمنظمة التجارة العالمية، من خلال تعزيز الشفافية، وتيسير العبور، وتحسين التعاون الجمركي ونشر المعلومات.
وفي وقت سابق، أكد وزير النقل، رزاق محيبس السعداوي، أن انطلاق نظام التير رسمياً في العراق يمثل "نقلة نوعية" في شبكة التجارة والنقل الدولية، مشيراً إلى أن الوزارة عملت على تهيئة البنية التحتية وتأهيل المنافذ الحدودية بالتنسيق مع باقي الجهات الحكومية.
وقال السعداوي خلال احتفالية انطلاق النظام: "نظام التير يُعد من أنجح الأنظمة الجمركية في العالم، وسيسهم في تسريع مرور البضائع وتقليل التكاليف من خلال نموذج موحد للضمانات الجمركية."
ودعا الوزير المستثمرين وشركات النقل والتخليص الجمركي إلى الانخراط في النظام للاستفادة من ميزاته التنافسية، مشيداً بدور القطاع الخاص العراقي والدعم التقني من الاتحاد الدولي للنقل الطرقي (IRU).
الى ذلك، وصف مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية والمالية، مظهر محمد صالح، انضمام العراق إلى الاتفاقية بأنه "واحد من أهم خطوات تعزيز الموقع الجيو- اقتصادي للبلاد.
وقال صالح، في حديث لـ"الاقتصاد نيوز"، إن العراق يتجه بقوة نحو مشروع "طريق التنمية"، الذي يُعد امتداداً طبيعياً للاتفاقية، ويعزز مكانة البلاد كممر بري استراتيجي يربط بين الشرق والغرب.
وأضاف، أن الاتفاقية تُسهّل مرور الشاحنات والبضائع بوثيقة جمركية واحدة، ما يقلل من التكاليف ويزيد من سرعة حركة التجارة، ويجعل الدول المنضوية تحتها أكثر جاذبية للتجارة الدولية. العراق بحاجة ماسة لهذا التكامل الدولي لدعم بنيته الجيو-اقتصادية."
وأشار الى أن العراق سيستفيد مالياً من عائدات الكمارك، والتأمين، والوقود، والخدمات اللوجستية كالموانئ والفنادق والمطاعم، مؤكداً أن هذه الخطوة ستوفّر آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، مشيراً إلى أن العائدات المتوقعة قد تصل إلى 7 مليارات دولار سنوياً.
الى ذلك، شدد الخبير الاقتصادي نبيل العلي على أن اتفاقية "تير" تمثل ركيزة محورية لتعظيم الإيرادات غير النفطية، إذ "توفر إطارًا قانونيًا وتنظيميًا يُسهّل التجارة عبر الحدود".
وأضاف العلي: العراق يمكنه استثمار موقعه الجغرافي كممر عالمي للبضائع، لا سيما أن مشروع طريق التنمية، الذي يربط ميناء الفاو بالحدود التركية، يعتمد على هذه الاتفاقية كنواة للتنفيذ الفعلي
وأشار خلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز" إلى أن الاتفاقية ستسهم في تقليل التكاليف اللوجستية، وتحفيز الاستثمارات في النقل والخدمات، ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني.
مع انضمام العراق إلى "تير"، يبدأ مسار عملي لتحويل البلاد من اقتصاد ريعي يعتمد على النفط، إلى اقتصاد متنوع يقوم على اللوجستيات والنقل والخدمات.
وتأتي هذه الخطوة ضمن رؤية أوسع تتبناها الحكومة، تسعى فيها إلى جعل العراق مركز عبور إقليمي، وشريكاً أساسياً في التجارة العالمية.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام