في ظل التصعيد المستمر في التوترات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط، خصوصًا بين الولايات المتحدة وإيران، تتصاعد المخاوف من احتمال تعرض الممرات البحرية التجارية في الخليج العربي لتهديد مباشر، ما قد يؤثر بشكل كبير على صادرات النفط، لا سيما من الدول المعتمدة بشكل شبه كلي على هذه الممرات الحيوية مثل العراق.
وفي وقت سابق، ذكرت وكالة رويترز، ان السفارة الأميركية في العراق تستعد لإخلاء رسمي بسبب تصاعد المخاطر الأمنية، في وقت حذرت وزارة الخارجية الأمريكية مواطنيها من السفر إلى العراق، الذي لا يزال مصنفا ضمن "المستوى الرابع – لا تسافر"، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.
وجاء في التحديث الرسمي، أن الوزارة أمرت بمغادرة الموظفين الحكوميين الأمريكيين غير الأساسيين من سفارة الولايات المتحدة في بغداد، معتبرة أن المواطنين الأمريكيين في العراق يواجهون مخاطر مرتفعة، تشمل العنف والاختطاف.
وأشارت الوزارة إلى أن موظفي الحكومة في بغداد ممنوعون من استخدام مطار بغداد الدولي.
ويواجه العراق تحديات مستمرة في تصدير نفطه عبر ميناء جيهان التركي، بسبب توقف الأنبوب الناقل من إقليم كردستان منذ مارس/آذار 2023، بعد صدور حكم من محكمة التحكيم الدولية في باريس لصالح تركيا، يُلزم العراق بوقف تصدير النفط الكردي دون تنسيق مع الحكومة الاتحادية. وقد أدى هذا القرار إلى تعليق تدفق النفط من الخط، مُسببًا خسائر اقتصادية ملحوظة للطرفين، وسط جهود سياسية وقانونية لم تُثمر حتى الآن في استئناف الضخ.
وفي هذا السياق، أكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية، مظهر محمد صالح، أن تنويع خطوط تصدير النفط بات يمثل خيارًا استراتيجيًا لا يمكن تأجيله، في ظل التقلبات المستمرة التي تشهدها الجغرافيا السياسية.
وأوضح خلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز" أن تجربة العراق السابقة، وتحديدًا خلال حرب الخليج الأولى حينما توقف خط التابلاين مع سوريا عام 1982، دفعت بغداد إلى الإسراع بإنشاء خط العراق – تركيا (ITP)، والمباشرة بمشروع خط ينبع مع السعودية لتأمين بدائل تصديرية فاعلة.
ورغم ما يعانيه خط جيهان من تقادم فني وأضرار سابقة، إلى جانب الخلاف القانوني المستمر مع أنقرة، يرى صالح أنه لا يزال يشكل خيارًا ضروريًا في حال حدوث أزمة كبرى في منطقة الخليج، خصوصًا أن طاقته التصديرية الحالية تصل إلى أقل من مليون برميل يوميًا، ما يعني إمكانية تفعيله ولو بشكل جزئي في حالات الطوارئ.
وأضاف مستشار رئيس الوزراء، أن الخليج ما يزال يمثل المجال الحيوي الأهم لصادرات النفط العراقية، حيث يتم تصدير نحو 70% من الخام عبر هذه الممرات باتجاه أسواق آسيا، وذلك عبر أقصر المسافات وأكثرها كفاءة. إلا أن الاعتماد على هذا المسار الوحيد يجعل من العراق عرضة لتأثيرات أي تصعيد عسكري أو سياسي في المنطقة، وهو ما يستدعي تفكيرًا اقتصاديًا وأمنيًا موسعًا في فتح منافذ بديلة ومتنوعة لتصدير النفط.
من جهته، حذّر الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي من تداعيات اندلاع أي صراع مسلح بين واشنطن وطهران، مؤكدًا أن ذلك قد يؤدي إلى إغلاق الممرات البحرية، وتدمير منصات تصدير النفط، وارتفاع كبير في تكاليف النقل والتأمين، ما ينعكس سلبًا على الإمدادات النفطية وأسعار السوق العالمية.
وأوضح المرسومي في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أن دول الخليج المصدّرة ستكون في مقدمة المتضررين، نظرًا لاعتمادها الكبير على ممرات بحرية محدودة. وأكد أن البلدان التي لا تمتلك منافذ تصديرية بديلة ستكون الأكثر هشاشة في حال وقوع أزمة.
واختتم المرسومي تأكيده بأن إحياء خط جيهان بات ضرورة ملحّة أكثر من أي وقت مضى، داعيًا إلى الإسراع في استئناف الصادرات عبر هذا الخط، لما يمثله من عامل أمان اقتصادي واستراتيجي في وجه التطورات المتسارعة التي قد تهدد الأمن النفطي في المنطقة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام