في تطور لافت يعكس عودة الروح إلى قلب العاصمة العراقية، كشفت دراسة ميدانية حديثة أجرتها الجمعية العراقية للعلوم الإحصائية بالتعاون مع هيأة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية، عن تحولات اقتصادية وسياحية ملموسة في شوارع المتنبي والسراي والرشيد، عقب سلسلة من مشاريع الإعمار والتنشيط الحضري التي طالت هذه المناطق التراثية.
ووفقاً للدراسة، فقد أسهمت الجهود الحكومية والمحلية في إعادة الحياة إلى هذه الشوارع، ما أدى إلى خلق أكثر من 7300 فرصة عمل مباشرة في مختلف القطاعات، بدءًا من التجارة والضيافة، مرورًا بالصناعات الإبداعية، وانتهاءً بالخدمات المرتبطة بالسياحة.
كما أظهرت الأرقام أن ساعات تشغيل المحال التجارية ارتفعت لتتجاوز عشر ساعات يومياً، ما يشير إلى انتعاش حقيقي في دورة السوق اليومية، وعودة الثقة بين أصحاب الأعمال والمستهلكين.
اللافت أكثر هو ما سجلته الدراسة من ارتفاع في أسعار العقارات بنسبة تفوق 50 %، مقارنة بما كانت عليه قبل الشروع في أعمال التأهيل، في دلالة واضحة على تعافي القطاع العقاري واستعادته لعافيته بعد سنوات طويلة من الجمود.
ولم يكن التحسن مقتصراً على الشق الاقتصادي فقط، بل امتد إلى قطاع السياحة، الذي بدأ يشهد إقبالاً متزايداً من السيّاح الأجانب على المناطق القديمة من بغداد، وفي مقدمتها شارع المتنبي وسوق السراي وساحات الرشيد، حيث تتلاقى الثقافة بالتاريخ، وتنبض الأرصفة بقصائد السيّاب وجدران المقاهي بصور جواد سليم وموسيقى روحي الخماش.
ويُعدّ هذا الإقبال مؤشراً مهماً على التحسّن في الواقع الأمني والاستقرار العام في بغداد، ما يجعل المدينة مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لتكون وجهة سياحية إقليمية وعالمية، خصوصاً بعد اختيارها مؤخرًا عاصمةً للسياحة العربية.
خبراء الاقتصاد يؤكدون أن الاستثمار في الهوية الثقافية والتراث الحضاري هو بوابة ذهبية لتحقيق التنمية المستدامة، وأن تجربة بغداد الأخيرة تمثل أنموذجاً يمكن تعميمه على مدن عراقية أخرى مثل الموصل والبصرة وكربلاء المقدسة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام