العراق: ارتفاع ملحوظ في الإيرادات غير النفطية خلال عام 2024

الاقتصاد نيوز - بغداد

قال المستشار المالي للحكومة العراقية مظهر محمد صالح إن الإيرادات غير النفطية في العراق شهدت تطورًا ملحوظًا من جهة مساهمتها في رفد موارد الموازنة العامة للدولة العراقية، مؤكدًا السعي لرفعها إلى 20% من مجمل موازنة البلاد، وفقًا للبرنامج الحكومي.

والشهر الماضي، ذكر مركز مالي عراقي مستقل أن الإيرادات غير النفطية للدولة العراقية ارتفعت خلال الأشهر التسعة الماضية لتصل إلى أكثر من 12% من إجمالي الموازنة العامة للعراق، مقارنة بنحو 7% فقط إيرادات غير نفطية من مجمل الموازنة العراقية خلال السنوات السابقة، معبرًا عن تفاؤله بهذه الأرقام.

وبحسب المستشار المالي للحكومة العراقية، فإن الحكومة تعمل ضمن خطة طويلة الأمد، عبر مسارات متعددة، لزيادة الإيرادات غير النفطية ورفع مساهمتها في موارد الموازنة العامة، من خلال رفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي. وقال صالح: “هناك تطور في النشاطات المنتجة من القطاعات الاقتصادية غير النفطية، المتمثلة في قطاع النقل، وتكنولوجيا الاتصالات الرقمية، والسكن والتشييد، والبنية التحتية، والزراعة، والتحول الصناعي الواضح، بالإضافة إلى الإيرادات العامة للجمارك والموانئ والضرائب”.

وبيَّن أن “التطور الحاصل في موارد الموازنة العامة من غير النفط جاء نتيجة الانضباط العالي في التحصيل الضريبي والجمركي، بعد إدخال العمليات الرقمية والأتمتة والتوسع الضريبي”، مؤكدًا أن “الحكومة تعمل لتحقيق ما ينسجم مع البرنامج الحكومي من خلال السعي لرفع حصة الإيرادات غير النفطية بمرور الوقت، وضمن حزم الإصلاح الاقتصادي”.

ويوم الخميس الماضي، أعلنت دائرة الموانئ العراقية تحقيق البلاد أكثر من تريليون دينار عائدات مالية من الموانئ خلال عام 2024. ووفقًا لبيان صدر عن الموانئ العراقية، فإن عمليات التبادل التجاري في الموانئ الواقعة جميعها في محافظة البصرة، المطلة على مياه الخليج العربي جنوب العراق، ارتفعت بشكل كبير، حيث بلغ عدد البواخر الراسية في موانئ العراق أكثر من ثلاثة آلاف باخرة.

وبحسب تصريحات سابقة لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، فإن الإيرادات غير النفطية وصلت إلى 14% بعد أن كانت 7%. وأكد السوداني أيضًا انخفاض نسبة البطالة في البلاد من 16.5% إلى 14.4%، فيما انخفضت نسبة الفقر من 23% إلى 17%. ووفقًا لمركز “المستقبل للدراسات والاستشارات الاقتصادية” في العراق، فإن “مجمل الإيرادات غير النفطية للدولة العراقية خلال عام 2024 بلغت 14 تريليون دينار عراقي (الدولار يساوي 1320 دينارًا عراقيًا)، بعد أن كانت في نفس الفترة من عام 2023 لا تتجاوز 4.7 تريليونات دينار عراقي”.

وعزا المركز هذا الارتفاع إلى جملة من الأسباب، منها ارتفاع الضرائب على السلع والرسوم الجمركية، والإصلاحات الأخيرة التي أجرتها الحكومة في مختلف قطاعات الدولة، مؤكدًا أنه ولأول مرة انخفضت نسبة مساهمة الإيرادات النفطية للدولة العراقية إلى 88% من مجمل الإيرادات. وحول ذلك، قال رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي عطوان العطواني إن الحكومة تعمل على زيادة الإيرادات غير النفطية لتحقيق استقرار اقتصادي ورفع معدل الإيرادات المالية والناتج المحلي الإجمالي.

وأضاف العطواني أن اللجنة المالية في البرلمان تدعم جهود الحكومة العراقية لتحقيق التقدم الاقتصادي الناتج عن تعدد مصادر الإيرادات المالية في مختلف القطاعات، بما ينسجم مع المصلحة العليا للدولة العراقية وتنمية اقتصادها. وأفاد بأن البرلمان العراقي يعمل وفق مبدأ التكامل المشترك لدعم الحكومة، لأن الظروف تتطلب التكاتف في دراسة الوضع المالي والاقتصادي، حيث إن الاعتماد على النفط مورداً رئيسياً لا يحقق الاستقرار المالي المطلوب لتحقيق التنمية المستدامة.

وشدد العطواني على أهمية تشكيل لجنة لدراسة الإيرادات غير النفطية ومراقبة توزيعها، بالإضافة إلى تحليل أصول الدولة ودراسة البيانات المالية بالتعاون مع المؤسسات المعنية في الحكومة العراقية. وقال مدير قسم الهيئة العامة للجمارك العراقية أحمد العكيلي إن الحكومة عملت على زيادة الإيرادات غير النفطية من أجل رفد موازنة الدولة العراقية والمساهمة في تحقيق عوائد مالية يمكن الاعتماد عليها لتغطية النفقات العامة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.

وبيَّن العكيلي أن الهيئة العامة للجمارك حققت نسبة إيرادات عالية خلال عام 2024 تجاوزت 128% مقارنة بالعام 2023، حيث حققت إيرادات مالية بلغت أكثر من تريليون و902 مليار دينار عراقي، بعدما كانت الإيرادات قد بلغت في عام 2023 حوالي 900 مليار دينار فقط.

وأوضح العكيلي أن الارتفاع في نسبة الإيرادات المحققة خلال عام 2024 جاء نتيجة التطور الحاصل في نظام التحصيل الجمركي، بالإضافة إلى الكفاءة والأداء المتقدم من الكوادر العاملة وأتمتة المراكز الجمركية. وأضاف أن برامج الأتمتة التي اعتمدتها الهيئة ساهمت في زيادة الإيرادات وتسهيل الإجراءات الجمركية، مشيرًا إلى أن العمل مستمر لتشمل جميع مراكز الهيئة بنظام الأتمتة الإلكترونية، بناءً على توصيات الحكومة بتطوير القطاعات الحكومية.

من جانبه، انتقد أستاذ الاقتصاد همام الشماع عدم استثمار العراق الموارد الطبيعية والبشرية والمياه والثروات، حيث لا تزال مفاصل مهمة منها معطلة لأسباب سياسية. كما لم يُستثمَر أحد أهم الموارد الاقتصادية، وهو السياحة الدينية والترفيهية. وبيَّن الشماع أن السياحة الدينية في العراق مهيأة لاستقبال الزائرين، إلا أن العراق يفتقر إلى التوظيف السليم والصحيح لهذا القطاع الحيوي والمهم، والذي يمكن أن يضخ أموالًا طائلة تُضاف إلى الناتج المحلي الإجمالي، لكنه يستهلك الناتج المحلي لأنه يقدم خدمات مجانية لملايين السائحين الذين يزورون العراق.

وأضاف أن السياحة الترفيهية متاحة في شمال وغرب وجنوب العراق، إلا أن هذا النوع من السياحة لم يُستثمَر، خاصة مع اضطرابات لبنان الأخيرة، حيث كان من المفترض أن يكون العراق بديلًا مهمًا للسياحة العربية. وأوضح أن “العراق يمتلك ثروات معدنية وطبيعية هائلة لم يُستثمَر الكثير منها، كما أن لدى العراق إمكانيات للتحول إلى الاقتصاد الصناعي وتصدير البتروكيماويات بدلًا من تصدير الخام”. وأشار إلى إمكانية تطوير القدرات الزراعية باستخدام التقنيات الحديثة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

وشدد الشماع على أهمية تطوير هذه القطاعات لتكون داعمة للقطاعات غير النفطية مثل الجمارك والضرائب، بالإضافة إلى الاستفادة من الموقع الجغرافي للعراق، الذي يمكن أن يصبح مركزًا للنقل العالمي بديلاً للخطوط البحرية، من خلال تطوير خطوط النقل واستكمال طريق التنمية البري.


مشاهدات 263
أضيف 2025/01/06 - 12:04 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 15544 الشهر 65535 الكلي 12176466
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/1/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير