نصحت شركة فيت بروجكت الروسية، التي تم تأسيسها للإشراف على تنفيذ مشروع ممر الشمال-الجنوب، الحكومة الروسية بالانسحاب من الاتفاقية مع إيران بشأن بناء خطوط للسكك الحديدية في رشت-آستارا.
ومطلع العام الماضي، توصلت إيران وروسيا إلى اتفاق بشأن بناء هذا الخط الذي يبلغ طوله 162 كيلومترًا، والذي يوصف بالحلقة المفقودة لخطوط السكك الحديدية لممر الشمال-الجنوب.
وفي الأيام الأخيرة، تعهد إيغور ليفيتين، مستشار الرئيس الروسي، الذي تم تعيينه رئيساً لمشروع هذا الممر، الجانب الإيراني خلال زيارته العاشرة لطهران بأن جميع الاتفاقات التي تم التوصل إليها هي في مرحلة التنفيذ.
وفي إطار تطوير ممر الشمال-الجنوب، ترى شركة “فيت بروجكت” أنه بدلاً من الشراكة مع إيران في بناء خط سكة حديد رشت-آستارا، يتوجب على الحكومة الروسية أن تفكر في بناء محطة للسكك الحديدية بين إميشلي في جمهورية أذربيجان وبارس آباد في إيران.
وفي إطار هذا المشروع، تتم الدراسة لإنشاء خط سكة حديد بعرض 1520 ملم من الحدود الروسية إلى الموانئ الجنوبية لإيران عبر أذربيجان. ويعتقد الخبراء الروس أنه بحلول عام 2030، يمكن نقل أكثر من 30 مليون طن سنويا ونحو 80 مليون طن بحلول عام 2040 من البضائع التي تتراوح بين الحبوب والمعادن والفحم والمنتجات البتروكيماوية. وبحسب هذا المشروع، فمن الممكن البدء في بناء هذه الخطوط نهاية العام المقبل والانتهاء منها بحلول عام 2032. ولم يتم تقديم تفاصيل أخرى في مقدمة المشروع البديل.
حظي ممر الشمال-الجنوب باهتمام خاص للرئيس الروسي منذ أن زار إيران قبل عامين، وبحسب إيغور ليفيتين، المسؤول عن المشروع في الكرملين، فإن التوصل إلى قرار الحكومة الروسية بمساعدة إيران في بناء خطوط رشت-آستارا كان يحظى باهتمام شخصي من الرئيس الروسي.
وتزامنا مع الإعلان عن هذه الاتفاقية في مايو 2023، أوضحت الأطراف أن عام 2027 سيكون موعدا لاستكمال خطوط رشت-آستارا، لكن في منتصف الصيف الماضي، أعلنت روسيا عن موعد إنجاز هذا المشروع بعد عام واحد من التقديرات السابقة.
وبحسب شركة السكك الحديدية الروسية، فإن تكلفة بناء خطوط رشت-آستارا الحديدية تبلغ مليار و600 مليون يورو. وتم الاتفاق بين الجانبين على أن تقرض روسيا إيران مليار و300 مليون يورو. وفي البداية، تم الاتفاق على تقديم القرض الروسي لإيران بفائدة 6%، لكن أواخر العام الماضي، أعلنت إيران خفض فائدة هذا القرض إلى 3%.
وأعلن إيغور ليفيتين، خلال زيارته إلى طهران نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، عن “تخصيص ميزانية لتنفيذ هذا المشروع”، وأضاف: “إن البنك الروسي وشركة فيت بروجكت ينفذانه حسب الأوامر الصادرة”.
وفي أحدث تقرير لـ “فيت بروجكت” (الفرع الخاص لممر الشمال-الجنوب في بنك فيت) أعلن أن طريق إميشلي-بارس آباد “أكثر اقتصادا وكفاءة وأسرع” من استكمال خط سكة حديد رشت-أستارا.
وترى ماريا نيكيتينا، الخبيرة في قضايا ممر الشمال-الجنوب، أنه على الرغم من الجهود العديدة التي بذلت للتحضير لبناء خطوط رشت-أستارا، إلا أن بعض العقبات، وفي مقدمتها مشكلة شراء الأراضي من أصحابها، أوصلت هذا المشروع إلى طريق مسدود.
وقال أركادي إيفانوف، مدير شركة ترانس آسيا لوجيستيكس، لوكالة سبوتنيك للأنباء، في إشارة إلى أن بناء النفق والجسر على طريق رشت-آستارا مكلف ويستغرق وقتاً طويلاً: إذا دفعت إيران ثمن ذلك، فلا توجد مشكلة، لكن إذا كانت روسيا ستدفع، فليس من الواضح ما إذا كان هذا الاستثمار سيكون مربحًا لنا أم لا. علاوة على ذلك، على حد قوله، ليس من الواضح كيف ستكون سياسة إيران. ألم تسمعوا خطاب الرئيس الإيراني في الأمم المتحدة؟
ولاقت التصريحات الأخيرة للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في نيويورك ردود فعل واسعة في روسيا، وارتبطت بالتشاؤم من أن الحكومة الإيرانية الجديدة ستحاول استعادة العلاقات الإيجابية مع الغرب وتحذف توسيع التعاون مع روسيا من أولوياتها على عكس حكومة رئيسي.
تقول نيكيتينا: إن الاضطرابات في الشرق الأوسط والقوقاز تمنع تنفيذ ممر الشمال-الجنوب منذ أكثر من عشرين عاماً وما زالت سارية المفعول. يبدو أن خبراء شركة فيت لم يتمكنوا من التنبؤ بالتغيير في لهجة إيران، ولكن تم تكييف اقتراحاتهم مع الواقع الجديد.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية “سبوتنيك”، فإن الحكومة الروسية لم تعلن عن إلغاء الاتفاقيات القائمة مع إيران بشأن رشت-آستارا، ومن غير الممكن استبعاد هذا المشروع حتى الآن.