وجهت الولايات المتحدة التي تعتبر أكبر سوق استهلاكي في العالم، ضربة تجارية جديدة لمنافستها الصين، وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث دخلت الزيادات الحادة في الرسوم الجمركية والتي فرضتها واشنطن على السلع الصينية حيز التنفيذ.
واعتباراً من يوم الجمعة بدأت الولايات المتحدة تفرض رسوماً جمركية مرتفعة على السلع الصينية، وهو ما دفع بكين إلى انتقاد هذه الخطوة باعتبارها "حمائية مدمرة للطرفين".
وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أعلنت في مايو/أيار الماضي أنها ستبقي على الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، وذلك بعد مراجعة استمرت أربع سنوات، كما تقرر زيادة الرسوم الجمركية أيضاً على السلع الصينية، وهو ما يُشكل تحدياً كبيراً أمام الصناعات الصينية.
وقال تقرير نشرته مجلة "نيوزويك" الأميركية، واطلعت عليه "العربية نت"، إنه بموجب الوضع الجديد فإن الخلايا الشمسية وأشباه الموصلات والإمدادات الطبية المصنوعة في الصين مثل الأقنعة والقفازات الجراحية أصبحت تخضع حالياً لرسوم جمركية بنسبة 50%، ارتفاعاً من 25%، كما تم رفع الرسوم الجمركية على بطاريات الليثيوم أيون من 7.5% إلى 25 في المائة.
كما تضاعفت الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية الصينية، وهو القطاع الذي تهيمن عليه الصين الآن ولكن حصته السوقية في الولايات المتحدة ضئيلة، من 25% إلى 100%.
وقالت الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي: "ستستهدف الزيادات الجمركية النهائية السياسات والممارسات الضارة لجمهورية الصين الشعبية التي لا تزال تؤثر على العمال والشركات الأميركية".
وأكد ليو بينغيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في الولايات المتحدة، معارضة بكين للرسوم الجمركية بموجب المادة 301، قائلاً إنها تشكل "أحادية وحمائية".
والمادة 301 من قانون التجارة الأميركي لعام 1974 تسمح للولايات المتحدة بالتحقيق في ممارسات التجارة الخارجية التي تعتبر غير عادلة أو ضارة بمصالح الولايات المتحدة والرد عليها.
وقال ليو إن لجنة تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية قضت بأن الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها إدارة ترامب آنذاك على واردات صينية بقيمة 234 مليار دولار تنتهك مبدأ الدولة الأكثر تفضيلاً. وهذا يتطلب تعريفات متساوية لجميع أعضاء منظمة التجارة العالمية، وتجاوزت التعريفات الجمركية المستويات القصوى التي وافقت عليها الولايات المتحدة سابقاً.
وأضاف المتحدث أن التدابير فشلت في تضييق العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين أو تعزيز التوظيف، بل "شوهت العرض والطلب في السوق" وألحقت الضرر بسلسلة التوريد العالمية. ودعا الممثل التجاري إلى إلغاء التعريفات الجمركية على الفور.
ويشير بعض المحللين إلى أن زيادات الرسوم الجمركية تهدف إلى تسجيل نقاط سياسية قبل الانتخابات أكثر من إحداث ألم اقتصادي حقيقي، بحسب ما نقلت "نيوزويك".
وقال فينسنت ديلوارد، مدير استراتيجية الاقتصاد الكلي العالمية في شركة الخدمات المالية "ستون إكس غروب" إنه "بشكل عام، تبدو الجولة الأخيرة من الرسوم الجمركية على الصين رمزية وذات دوافع سياسية، ومن غير المرجح أن يكون لها تأثير اقتصادي قوي".
وأشار ديلوارد إلى النطاق المحدود لزيادات الرسوم الجمركية، التي فرضت على منتجات بقيمة 18 مليار دولار فقط مقارنة بـ300 مليار دولار استهدفت لأول مرة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. وعلاوة على ذلك، لا يوجد الكثير مما يمكن اكتسابه من فرض رسوم جمركية بنسبة 100%على المنتجات التي لا يتم استيرادها إلى الولايات المتحدة، مثل السيارات الكهربائية الصينية والصلب.
وأضاف ديلوارد: "صُممت هذه الرسوم الجمركية لتبدو صعبة في القطاعات الحساسة سياسياً قبل الانتخابات ولكنها لن تكون مهمة إلى هذا الحد"، وتابع: "الخبر الكبير بالنسبة للصين هو التحفيز الأكبر من المتوقع، وارتفاع الأسهم، وصدمة الثقة المحتملة بعد ثلاث سنوات من التوقعات الفاشلة".
وتصاعدت التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة هذا العام، حيث ردت بكين من خلال تدابير حمائية وسط مخاوف من أن السلع الصينية منخفضة التكلفة تقوض الأسواق المحلية.
واتخذ الاتحاد الأوروبي، الذي كان تاريخياً أكثر تردداً من الولايات المتحدة في اللجوء إلى الرسوم الجمركية في علاقاته مع بكين، إجراءات أقوى ضد فائض الطاقة الصيني المزعوم هذا الصيف.