يعاني اقتصادنا الوطني منذ عقدين من عدم وضوح للمنهجية وتشتت للسياسات وضبابية في اتخاذ القرارات الاقتصادية اضافة الى تأثره بالمتغيرات الاقتصادية والسياسية والامنية في دول العالم ودول الاقليم.
وفي الداخل العراقي مما ادى وبشكل واضح الى عدم تحقيق الاستقرار في النظام النقدي والنظام المالي وبالتالي الى عدم تحقيق الاستقرار الاقتصادي المطلوب ومما زاد في الامر تعقيدا هو ضعف التنسيق بين السياسة النقدية والسياسة المالية وبالتالي عدم وجود سياسات واضحة للقطاع الحقيقي وبشكل خاص للزراعة والصناعة والتجارة بشقيها الداخلية والخارجية وبالتأكيد اثر ذلك على عدم السيطرة على عمليات التحويلات الخارجية للاستيرادات بالدولار الامريكي ومما اربك السوق النقدي والسوق التجاري خلال السنوات 2021 و2022 والزام العراق من قبل الفيدرالي الامريكي بمرور جميع التحويلات الخارجية عبر المنصة الالكترونية وفقا لضوابط جديدة وبرقابة صارمة لضبط وصول الدولار للمستفيد النهائي .
يضاف الى ذلك عدم سيطرة الجهات المعنية الحكومية على التجارة غير المشروعة وعدم السيطرة على المنافذ الحدودية غير الرسمية الامر الذي اضطر البنك المركزي ان يتولى القيام بدوره المحدد بقانونة 56 لسنة 2004 ويتأخذ اعتبارا من الربع الاول لعام 2023 عدد كبير من الاجراءات والآليات والجهود التفاوضية مع الفيدرالي الامريكي وبنوك الدول الاخرى التي للعراق تبادل تجاري مهم معها كالصين والهند وبعض المصارف المراسلة الرصينة لغرض تنظيم عمليات التجارة الخارجية وضبط حركة التحويلات الخارجية وفقا للمعايير المصرفية الدولية السليمة.
وقد اثمرت جهود البنك المركزي في الاسبوع الماضي بعد عدد من الجولات التفاوضية استمرت لعدة اشهر على التوصل الى اتفاق جديد مع البنك الفيدرالي الامريكي وبالتعاون مع مصارف ( ستي بنك) و( جي بي مورغان) و(بنك التنمية السنغافوري) وبواسطة بعض المصارف الاردنية والتي لديها حسابات مفتوحة لبعض المصارف العراقية على فتح مصارف جديدة وتعزيز ارصدتها بالدولار الامريكي واستخدام عملات جديدة وهي اليورو واليوان الصيني والروبية الهندية والدرهم الاماراتي بهدف زيادة قنوات استقبال التجار والمستوردين وتسهيل اجراءات تحويلاتهم الخارجية واختصار السقوف الزمنية للحوالات الخارجية في المنصة الالكترونية ومعالجة حالات الرفض التي تحدث سابقا لبعض حوالات بعض التجار .
وكذلك صدور التعليمات للسماح للمصارف باستيراد العملات الاجنبية التي يحتاجوها لاغراض تغطية تعاملاتهم اليومية وفقا لشروط وضوابط خاصة تحت اشراف البنك المركزي وان نجاح هذه الخطوات تتطلب من المصارف المشمولة بالاتفاق مع الفديرالي الامريكي والراغبة باستيراد العملات الاجنبية ان توفر المسلزمات والشروط اللازمة وتوفير جميع الظروف والامكانات على جذب التجار والمستوردين والزبائن وفقا للمعايير والضوابط التي تم الاتفاق عليها وهذا قد يتطلب بعض الوقت للدخول للاسلوب الجديد للتحويلات الخارجية بتغطية مباشرة من البنوك المراسلة التي تم الاتفاق معها للتنفيذ المباشر لتعزيز ارصدة المصارف وتنويع العملات الاجنبية .
اني اعتقد وبما لايقبل الشك ان البنك المركزي بدأ بتنفيذ استراتيجيته الجديدة بخطوات رصينة مستندة الى تشخيص دقيق لمشكلات التحويلات الخارجية واستقرار سعر الصرف ونأمل ان تزداد عدد المصارف المشمولة وعدد البنوك المراسلة العالمية الرصينة والتي تنال تعاملاتها الثقة من البنوك المركزية ومنها البنك الفيدرالي الامريكي وان ازمة استقرار سعر الصرف بدأت بالانفراج.