سمير النصيري*
استضاف مجلس النواب العراقي الموقر السيد محافظ البنك المركزي العراقي لمناقشة سعر صرف الدينار العراقي وسياسة البنك المركزي النقدية للسيطرة على العملة الاجنبية في نافذة البيع اليومية .وان هذه الاستضافة هي الثالثة او الرابعة في سلسلة الاستضافات للسيد المحافظ خلال 2020 و2021 وبالتأكيد انه قد اوضح للسادة النواب وبشفافية عالية الاسباب التي ادت الى تغيير سعر الصرف في كانون الاول 2020 وهي كما معروفة للجميع مختصين وغير مختصين وهي التحديات والازمات الاقتصادية التي كان يعاني منها العراق في الربع الاخير من 2020 وعدم تمكن الحكومة من دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية اضافة الى التزامات الحكومة الاخرى بتسديد ديونها الخارجية والتزاماتها الداخلية ومعالجة العجز الحقيقي في سد النفقات الحكومية وعدم وجود احتياطيات للحكومة في الخزينة العامة وضعف المركز المالي للحكومة وكان من واجب البنك المركزي في هكذا ظروف ان يدعم الاقتصاد الوطني وفقا لاهدافه ومهامه الواردة في قانونه وباستخدامه لادوات السياسة النقدية وتطبيقاتها لانقاذ المالية العامة وانقاذ الاقتصاد الوطني الذي كان يعاني من الكساد الاقتصادي مما كان لو استمر الحال سيؤدي الى كارثة مالية وسياسية كبيرة ووتم عرض الموضوع على جميع الكتل السياسية الممثله في مجلس النواب باجتماع موسع وحصلت موافقتهم على تغيير سعر الصرف لذلك اصدر البنك المركزي بيانه بتعديل سعر الصرف وكان البنك المركزي والمالية قد شخصا مسبقا ان الطبقات واطئة الدخل والفقيرة ستتأثر بالسعر الجديد وسترتفع اسعار المواد المستوردة ووضعت خطة لمعالجة ذلك لتخفيف الاعباء عن هذه الفئة تشترك بتنفيذها البنك المركزي والوزارات المعنية
ولكن مع الاسف لم يلتزم بالخطة من قبل جميع الجهات باستثناء البنك المركزي الذي اطلق عدة مبادرات لتحفيز وتنشيط الدورة الاقتصادية وخصص بحدود( 9 ) تريليون دينار لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والاسكانية والاستراتيجية في عام 2021 اضافة الى ( 6 ) تريليون دينار خصصت سابقا وخصص في بداية هذا العام ترليوني دينار اضافية لادامة مبادراته التحفيزية والتي استطاع من تشغيل اكثر من 40000 عاطل اضافة الى دعمه لخزينة الدولة بحدود 30 ترليون دينار في عامي 2021و2022. وبلغت نسبة القروض المنوحة للقطاع الخاص تشكل بحدود 30 % من اجمالي القروض الممنوحة له واصدر تعليمات بيع وشراء العملة الاجنبية لعام 2021 وهي تعليمات لضبط السيطرة على نافذة بيع العملة الاجنبية ومنع تهريبها والمحافظة على استقرار سعر الصرف ومكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب ومع كل هذه الجهود التي بذلها البنك المركزي بادارته الجديدة خلال 15 شهر فقط
نلاحظ بين فترة واخرى توجه للبنك المركزي موجة من الانتقادات بهدف خلق حالة من التشويش وعدم الاستقرار ومحاولة جر السوق النقدي الى عدم الاستقرار وافشال خطط البنك المركزي في السيطرة على المعدلات التي اعلنها البنك المركزي لاسعار االصرف المحددة لوزارة المالية وللمصارف وللجمهور
وبالرغم من ان العراق يعتمد سعر الصرف الثابت ولكن استقرار سعر الصرف يحدده العرض والطلب بشكل كبير وفقا لثاثيرات وانعكاسات الواقع الاقتصادي في بلد مثل العراق يعاني من تحديات وتداعيات وازمات اقتصادية ومالية وسياسية وخلل بنيوي ومنهجي في ادارة الاقتصاد والمال لايتحملها البنك المركزي بمفرده لان دوره واضحا ومحددا ومستقلا يتركز في تحفيز الاقتصاد وفقا لادوات وتطبيقات السياسة النقدية ولكن ذلك لايتحقق بدون التنسيق المشترك مع السياسة المالية والقطاعات الاقتصادية الاخرى وتفعيل الاقتصاد الحقيقي وتنويع مصادر الدخل القومي ومغادرة احادية الاقتصاد بالاعتماد على النفط كمورد رئيسي يشكل 93% من ايرادات الموازنة العامة 60% من الناتج المحلي الاجمالي.
لذلك فاني ادعو السادة نواب الشعب والسياسيون ان ينصفوا موسستهم السيادية الوطنية المستقلة (( البنك المركزي العراقي ))ا وان لايعرضوه الى مخاطر السمعة الدولية وبالتالي سينعكس سلبا على سمعة البنك المركزي والقطاع المصرفي العراقي دوليا وعندها سيتم اعادة ادراج العراق تحت بند (بلد عالي المخاطر) في منظمة العمل المالي ومن قبل الاتحاد اللوربي لان الامور الاقتصادية والسياسة المالية لايتم مناقشتها امام وسائل الاعلام وانما من خلال الموسسات القانونية والدستورية وباجتماعات مغلقة لان الموضوع هو استضافة ومناقشة وليس استجواب . ويتطلب من جميع الجهات العودة لبيان البنك المركزي الذي حدد فية اسعار الصرف الجديدة بتاريخ 19/كانون الاول / 2020 واالذي حدد فيه بوضوح وشفافية عالية اسباب وحثيثيات تحديد السعر وماهي الاجراءات التي سيتخذها وما يتوجب على الجهات الاخرى اتخاذها لكي نحافظ على استقرار السعر الجديد لان البنك لايمكن العمل بمفرده بدون منهجية اقتصادية ومالية حكومية منسقة يدعمها البنك المركزي وفقا لما ورد بقانونه 56 لسنة 2004 من مهام واهداف ويمكننا هنا ان نعيد ماورد ببيان البنك المركزي وهو الجواب الشافي على من يحمل البنك مسوؤلية عدم الاستقرار بسعر الصرف.
حيث اعلن البنك في بيانه إنه خلال الأشهر الأخيرة من عام 2020 جرت مداولات مكثفة مع رئيس الوزراء ووزير المالية والسلطة التشريعية، بشأن الوضع الاقتصادي عموماً والأزمة المالية التي تمر بها المالية العامة بسبب انخفاض أسعار النفط وإنتاجه والتحديات الاقتصادية والصحية.
كما عقد مجلس إدارة البنك المركزي عدداً من الاجتماعات استضاف في بعضها السيد وزير المالية لذات الغرض.موضحا ان اسباب التعديل في سعر الصرف والمحافظة على استقرارة مستقبلا هي كما يلي:‐
1- إن التشوهات الهيكلية في الاقتصاد العراقي هي التي أفقرت المالية العامة وقيدّت قدرة الإصلاح التي تسعى إليها الحكومة ووزارة المالية
فليس مصادفة أن يكون الوضع المالي بهذا السوء، ولكنه تأصل منذ أكثر من عقد ونصف بسبب قيادة السياسة للاقتصاد وتغليب التفكير السياسي على الفكر الاقتصادي وأولويات التنمية وقواعد العلاقة فتخلفت السياسة المالية عن أداء أدوارها، وانشغلت السياسة النقدية بترميم مخرجات السياسة المالية المرتبكة.
2- إن تبعية السياسة الاقتصادية والمالية لطموحات السياسيين ومشاغلهم، أودت بآخر النماذج المقبولة للإدارة المالية في العراق، وحصرت دور تلك الإدارة بتوزيع الموارد النفطية على متطلبات إدامة الحياة كالرواتب والمتطلبات التشغيلية،
3- بسبب هذهِ الأحوال مجتمعة، لم يكن أمام البنك المركزي إلا التدخل في أكثر من مناسبة، لدعم المالية العامة وإنقاذ متطلبات الانفاق العام الحرجة.،
4- يتفهم البنك المركزي المصاعب التي تواجه نوايا الإصلاح التي تتجه الحكومة للقيام بها، ولكن ذلك لا يمنع من رهن أية خطوات يمكن أن تقوم بها السلطة النقدية بخطوات فاعلة لإجراء الإصلاحات التي تمس حتماً مؤسسات السلطة المالية، وخصوصاً مؤسسات الجباية الفاعلة، الجمارك والضرائب، ومؤسسات الجباية العامة الأخرى، وأن يجري ترشيق الانفاق وترشيده، وكل ذلك يعتمد على الإرادة السياسية لمؤسسات الدولة العليا التي تدعم توجهات السلطة المالية لتحقيق ذلك.
ويتطلب الأمر توجه الحكومة لدعم الفئات الهشة التي ستتأثر حتماً بشكل مباشر خصوصاً بأي إجراء لتغيير سعر الصرف.
5- سيكون للسلطة التشريعية دور مهم في دعم توجه البنك المركزي لتعديل سعر صرف العملة الأجنبية، إذ أن عدم اتخاذ مثل هذا القرار قد يجعلنا مضطرين لاتخاذ قرارات صعبة قد تضع العراق في حالة مشابهة لما تعرضت إليه دول مجاورة.
كما يتوجب التأكيد هنا بأن هذا التغيير (التخفيض) في قيمة الدينار العراقي سيكون لمرة واحدة فقط ولن يتكرر، .
6- إن الأزمة المالية التي تعرض لها العراق بسبب جائحة كورونا وما أسفرت عنه من تدهور أسعار النفط وتراجع الإيرادات النفطية، أدى ذلك إلى حدوث عجز كبير في الموازنة العامة واضطرار وزارة المالية إلى الاقتراض من المصارف وإعادة خصمها لدى البنك المركزي وبمبالغ كبيرة، لغرض دفع الرواتب وتلبية *الاحتياجات الإنفاقية الأخرى المتعلقة بالخدمات المقدمة
للمواطنين.
* مستشار اقتصادي ومصرفي