تاميم المصارف العراقية

عقيل الأنصاري*

في الخمسينات و الستينات من القرن الماضي و مع انتشار المد الناصري، اصبح من السائد القضاء على القطاع الخاص و الرأسمالية و الاتجاه نحو الاشتراكية و التاميم. 

وفي الرابع عشر من تموز ١٩٦٤ اصدرت حكومة الرئيس السابق عبد السلام عارف قرار رقم ١٠٠ الذي نص على تاميم جميع المصارف الخاصة وفروع المصارف الاجنبية في العراق. ومن اباء هذا القرار الدكتور خير الدين  حسيب، صاحب التوجه و الفكر الناصري.

تاميم المصارف؛ لم يكن هناك اي دافع اقتصادي او مصرفي للتاميم في وقتها اي لم تكن المصارف العراقية و كذلك فروع المصارف الاجنبية تواجه اي صعوبات مادية  مما يؤكد ان القرار كان سياسيا بحتا، الخاسر الاكبر من هذا القرار كان المساهمين وملاك المصارف.

فالقرار نص على ان يعوض هؤلاء بسندات اسمية مستحقة الدفع بعد ١٥ سنة و بنسبة فائدة ٣ بالمئة!. وهنا لا نستطيع الجزم ان اي احد استلم حقه بعد عام ١٩٧٩!!، مما اثار التاميم السلبية على القطاع المصرفي بشكل كبير جدا.

المصارف  كانت تدار بالعقلية المركزية غير التنافسية مما اخرج القطاع المصرفي من دور المنافس و المستقطب للاموال المكتنزة عند المواطنين ليتحول الى نافذة تمرير المشاريع و المبادرات الحكومية مثل المبادرات الزراعية و الصناعية و الاسكان و غيرها.

المشكلة الاخرى، فقدان الثقة عند المستثمرين للاستثمار في المصارف خوفاً من تاميمها.. اما المواطن العادي فقد الثقة بشكل مطلق في القطاع المصرفي.

و على صعيد المصارف الاجنبية فقد فقدت تلك المصارف الثقة في السوق العراقي ولذلك لم نجد مصرفاً اجنبيا يعمل في العراق الى سنة ٢٠٠٤ اي بعد التغيير. وسيطرت الحكومة على القطاع المصرفي وتلك السيطرة تفقد التنافس و الابتكار و خير مثال على ذلك في يومنا هذا نرى ان اكبر مصرفين في العراق هما الرافدين و الرشيد بعيدين كل البعد عن التطوير و التكنلوجيا التنافسية هما حتى لا يمتلكون صراف الي واحد و هم لهم حصه سوقية مجتمعه تتجاوز ٨٥ بالمية!

و ذلك بسبب انتفاء الحاجة للتنافس و حتى في حال الخسارة و عدم تسجيل الارباح فالحكومة ملزمة بدفع رواتب الموظفين! 

و الحكومة هي من تعيين المدراء العامين اصالة او وكالة و تداخل صلاحيات بين البنك المركزي و وزارة المالية.

في اغلب دول العالم مصارف القطاع الخاص تدخل في عملية التنافس في تقديم افضل الخدمات لتحقيق الارباح للمساهمين.

فهنا الزبون سوف تصله افضل الخدمات الممكنه ليستمر مع المصرف و المساهم او المستثمر في المصرف سوف تزيد ارباحه.

عكس الحال في المصارف الحكومية.

المفروض الحكومات لا تدخل في العمل المصرفي لا من قريب او بعيد و هذا هو دور البنك المركزي دوره رقابه و تشريع..

الا في الحالة العراقية نجد الحكومة متمثلة بوزارة المالية تملك اكبر المصارف، و المصارف الخاصة لم تاخذ دورها المتوقع لاسباب كثيرة منها سيطرة مصارف الحكومة و كذلك ضعف بعض المصارف الخاصة.

هل هناك حلول؟ 

نعم تاهيل مصرفي الرافدين و الرشيد و ان تطرح الاسهم للاستثمار الداخلي في سوق العراق للاوراق المالية و ان يفتح الاكتتاب لكل المواطنين، بنسبة ٤٩ بالمية.  تحتفظ الحكومة كمساهم بنسبة ٥١ بالمية.

ان ينتخب مجلس ادارة ملزم بخطة تطويرية وان يكون هذا المجلس محاسب من قبل المساهمين و هم من ينتخب.

ان يكون الاشراف و الرقابة الفعلي على عمل المصارف فقط من البنك المركزي، و الحكومة هي مستثمر فقط.

العمل على تحفيز المصارف الخاصة على الاندماج فيما بينهم و كذلك توسيع شبكة أفرعهم و ايضاً وضع الحد الادنى للخدمات المصرفية المطلوبه التي يحتاجها السوق العراقي.

العمل على مراقبة الخدمات المقدمة من بعض المصارف و ايجاد قانون المنافسة المصرفية (الحزمة- bundling)  الذي يحد من اجبار الزبائن على تحويل توطين رواتبهم الى المصرف ما مقابل الحصول على خدمة اي تكون حزمة خدمات.
و هذا التشريع سوف يطور من القطاع المصرفي و يزيد المنافسة لان الزبون يكون هو صاحب القرار.

*اقتصادي و مصرفي


مشاهدات 2094
أضيف 2021/08/27 - 1:29 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 16786 الشهر 65535 الكلي 7642042
الوقت الآن
الخميس 2024/3/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير