العراق يتجه لتوقيع عقد مع شركة صينية لبيع نفطه بالدفع المسبق
النفط

الاقتصاد نيوز ـ بغداد

من المنتظر، أن يوقِّع العراق عقداً بعدة مليارات من الدولارات مع شركة النفط الصينية "زين هاو"، في خطوة اتخذتها بكين لإنقاذ الحكومة العراقية التي تفتقر إلى السيولة، إذ ستحصل الحكومة العراقية على دفعة نقدية مقدمة مقابل توريدات نفطية على المدى الطويل.

 

منتجو النفط المتعثرون

وتُعدُّ هذه الصفقة أحدث مثال على قيام الصين، من خلال الشركات والبنوك التجارية التي تسيطر عليها الدولة، بإقراض منتجي النفط المتعثِّرين، مثل أنغولا، وفينزويلا، والإكوادور، على أن يكون السداد على شكل براميل نفط بدلاً من السيولة النقدية، بعد أن تسبب انهيار أسعار النفط هذا العام في الإضرار بميزانية العراق بشكل كبير، ولم تتمكن الحكومة من دفع رواتب المعلمين والموظفين في موعدها.

 

واختارت شركة تسويق النفط (سومو)، التابعة لوزارة النفط العراقية، شركة "زين هاو" بعد طلب عروض من تجار النفط؛ بحسب أشخاص مطَّلعين على الأمر.

 

وصرَّح الوزير حسن ناظم، الناطق باسم مجلس الوزراء، أنَّ العراق تلقَّى "عدة عروض"، وتمَّ دراستها قبل أن يتخذ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي القرار النهائي.

 

صفقة لـ5 سنوات

وطبقاً لدفتر الشروط الذي أرسلته شركة تسويق النفط العراقية في الشهر الماضي، سيشتري الفائز بالصفقة 4 ملايين برميل شهرياً، أي حوالي 130000 برميل يومياً. وسيدفع مُقدَّماً ثمن صادرات سنة واحدة، التي سينتج عنها عائدات بأكثر من 2 مليار دولار أمريكي بالأسعار الحالية، وفقاً لحسابات بلومبرغ. وتسري هذه الصفقة لخمس سنوات، لكنَّ الدفعة المقدَّمة تنطبق على السنة الأولى فقط.

 

ووفق مصادر، فقد استقطبت هذه الصفقة اهتماماً واسع النطاق بين تجار النفط الرئيسيين. وتمَّ تمديد الموعد النهائي لقبول العروض من آخر نوفمبر للسماح لمزيد من الشركات بتقديم عروضها.

 

ولم ترد شركة "زين هاو" على رسالة بريد إلكتروني تمّ إرسالها إلى المقرِّ الرئيسيِّ في بكين بعد انتهاء ساعات العمل البارحة الثلاثاء لطلب تعليق منها.6

 

انهيار أسعار النفط

وتعرَّض جميع المنتجين الرئيسيين إلى ضربة قاصمة بسبب انهيار أسعار النفط نتيجة انتشار فيروس كورونا. لكنَّ العراق، الذي تمثِّل فيه عائدات النفط جميع عائدات الحكومة تقريباً، يمرُّ بوضع اسوأ من الغالبية. وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي؛ سينكمش الاقتصاد العراقي بنسبة 12% هذا العام، أكثر من أيَّة دولة أخرى من أعضاء "أوبك".

 

ونزل آلاف العراقيين إلى الشوارع في الأشهر الأخيرة للاحتجاج على سوء الأوضاع المعيشية، إذ تعاني الحكومة جرَّاء محاولتها تنفيذ التزاماتها نحو "أوبك"، التي اتفقت في ذروة الوباء في شهر أبريل على تخفيض الإنتاج. وقامت بغداد بضخِّ كميات أكبر من المستوى المحدَّد لها في مناسبات عدة، مما أغضب المملكة العربية السعودية القائد الفعلي لمنظمة أوبك.

 

صفقة نادرة

وغالباً ما كانت الدول الغنية بالنفط، التي تعاني نقصاً في العائدات، تعتمد على الصفقات المدفوعة مسبقاً لجمع المال، لكنَّ بغداد لم تفعل ذلك من قبل. مع الإشارة إلى أنَّ حكومة كردستان، ذات الحكم الذاتي في شمال العراق، انتهجت عقوداً مماثلة في السابق، وكذلك فعلت تشاد، وجمهورية الكونغو.

 

وفي الصفقات المدفوعة مسبقاً، يصبح مشتري النفط مُقرِضاً للبلاد، وتُعدُّ براميل النفط بمثابة ضمانات للقرض.

 

ومن الصعب على الحكومة العراقية جمع المال بطريقة تقليدية، مثل سوق السندات، بسبب المشاكل التي تمر بها، ويبلغ متوسط عائد سندات الدولار في البلاد 7.5% وهو واحد من أعلى المستويات.

 

وأفصحت "غولدمان ساكس" هذا الأسبوع أنَّ العراق من أكثر مصدِّري السندات المتوجهين لدخول عام 2021 ضعفاً.

 

وتُعدُّ الشريحة المسبقة الدفع من الصفقة الصينية-العراقية من بين الأضخم في التاريخ الحدي، بالرغم من أنَّه أقل من الرقم القياسي الذي جمعته شركة "روزنفت" التي تديرها الحكومة الروسية عام 2013 من شركتي "فيتول"، و"غلينكور".

 

شروط بيع صارمة

وإلى جانب حجمها، فإنَّ الصفقة العراقية نادرة لأنها تسمح للفائز بالعرض بشحن النفط الخام إلى أيَّّة وجهة يرغب بها طوال عام، فعادةً يُباع النفط الخام القادم من الشرق الأوسط وفق شروط صارمة، تمنع التجار ومصافي النفط من إعادة بيع البراميل إلى منطقة مختلفة.

 

وربما تمَّ اعتبار استثناء هذه القاعدة ميزةً، في مقابل أنَّ الأموال المدفوعة مسبقاً للعراق لا تستوجب دفع أيَّة فائدة من جانبه، إذ جرت العادة أن تدفع الدولة عائداً مقابل السيولة النقدية التي تقبضها مقدماً.

 

إعادة إحياء الصين

 

تنتج شركة "زين هوا" النفط، وتتاجر به. ولعبت الشركة دوراً كبيراً في سياسة بكين للطاقة المسماة "التوجه عالمياً"، واستثمرت في امتيازات نفطية في الإمارات العربية المتحدة، وكازاخستان، وميانمار، وتتاجر بالنفط الخام القادم من دولٍ، مثل الكويت، والبرازيل، وجمهورية الكونغو.

 

وتأسَّست الشركة عام 2003 كشركة تابعة لأضخم شركة مقاولات دفاعية تملكها الدولة الصينية، المعروفة باسم "نورينكو". وكما يرد في موقعها الإلكتروني، فإنَّ "زين هوا" تتداول بحوالي 1.3 مليون برميل يومياً من النفط والمنتجات النهائية.

 

ويُذكر أنَّ "يونيبيك"، و"تشاينا أويل"، و"سينوشيم" هم ضمن تجار النفط الصينيين الرئيسيين. وتحتلُّ هذه الشركات العائدة للدولة، التي كانت محاطة بسرية نسبية في الماضي، مكانةً بارزة أكثر فأكثر مع ارتفاع استهلاك الصين للنفط. ومن المفترض أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة بصفتها أضخم مستورد للنفط الخام في العالم.

 

وبدأت شركة "زين هوا"، التي يعني اسمها بلغة الماندرين "إعادة إحياء الصين"، مشروعاً مشتركاً مع شركة تسويق النفط العراقية (سومو) لتسويق براميل النفط في الصين عام 2018، لكن تمَّ صرف النظر عنه لاحقاً.

عن بلومبيرغ


مشاهدات 904
أضيف 2020/12/09 - 11:18 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 8931 الشهر 65535 الكلي 7634187
الوقت الآن
الخميس 2024/3/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير