صعوبات تواجه صناعة النفط الصخري
وليد خدوري

برزت أخيراً مؤشرات تدل على صعوبات تواجه صناعة النفط الصخري الأميركية في زيادة الإنتاج، في ظل مستوى الأسعار الحالية، خصوصاً في حال استمر النطاق الحالي للأسعار بين 50 و55 دولاراً لبرميل نفط وسط غرب تكساس (المؤشر المستعمل لتسعير النفط الخام الأميركي، والذي يقل سعره عادة عن سعر نفط برنت). ويتزامن القلق على صناعة النفط الصخري مع ارتفاع مستوى إنتاجه في الولايات المتحدة خلال تشرين الأول (أكتوبر) الجاري إلى نحو 6 ملايين برميل يومياً.

وتتوقع دراسات حول حقول النفط الصخري في الولايات الأميركية الجنوبية، تكساس ونيو مكسيكو وشمال لويزيانا، أن تواصل أسعار النفط سياقها المنخفض في الربع الثالث من هذه السنة، مقارنة بمستوى الأسعار في مطلعها، ما أدى إلى الحد من نمو صناعة النفط الصخري. ولم تستبعد الدراسات استمرار معدل السعر بين 50 و55 دولاراً لبرميل نفط وسط غرب تكساس في الأعوام الثلاثة المقبلة. وتشير الدراسات أيضاً إلى أن زيادة الأسعار عن المستوى الحالي، ستشجع الشركات على حفر مزيد من الآبار، في حين أن تدني السعر عن هذا المستوى، سيؤدي إلى تقليص الإنفاق الرأسمالي على صناعة النفط الصخري.

لكن، على رغم عدم إشارة خطط الشركات في القطاع إلى توسع الإنتاج ما دام أنها تعتمد معدل 50- 55 دولاراً، يوجد عدد كبير من الآبار التي حُفرت فعلاً من دون تطويرها في حوض «بيرمين» العملاق، ما يعني أنها غير جاهزة للإنتاج إلى حين إنجاز مرحلة التطوير.

وتدل التقديرات على أن الطاقة الإنتاجية للآبار التي حُفرت ولم تُطوّر، بإمكانها إضافة نحو 50 ألف برميل يومياً. وبحسب «إدارة معلومات الطاقة» الأميركية، بلغ عدد الآبار المحفورة حتى آب (أغسطس) الماضي نحو 7048 بئراً، ثلثها في حوض «بيرمين».

ولم يخفِ مراقبون خشيتهم من تردي نوعية آبار النفط الصخري، لأن الشركات تضغط لزيادة الإنتاج منها، والمؤشر على ذلك ازدياد معدل الغاز المصاحب للنفط، الذي يمثّل مؤشراً على أن ضغط المكمن في انخفاض. والدليل على شيوع هذه المخاوف، هو هبوط قيمة أسهم الشركات العاملة في حقول النفط الصخري أخيراً.

ويعبّر مراقبون أيضاً عن تخوفهم من ضغط الشركات العاملة على حقول النفط الصخري «الفتية» من خلال زيادة إنتاجها بسرعة، ومن الضغط على هذه الحقول الحديثة العهد ومحاولة رفع إنتاجها، في ظل الوضع الراهن الذي تتوافر فيه التقنيات الحديثة. ويسألون أيضاً عن مصير معدلات الإنتاج من هذه الحقول في فترات لاحقة، عند انكماش تدفق التقنيات الحديثة.

ويثير معدل الإنتاجية من حقل «إيغل فورد» على المدى الطويل قلقاً، ويُعزى إلى استمرار إنتاجية الحقل على مستوى منخفض نسبياً ومن دون زيادة، على رغم توافر التقنيات الحديثة. والسؤال الذي يُطرح ما الذي سيحدث لإنتاجية الحقل، عندما يتقلص تدفق تقنيات حديثة في شكل مستمر في المستقبل؟ ويقع حقل «إيغل فورد» في ولاية تكساس على حدود المكسيك. وتتطلع الشركات الأميركية العاملة في الحقل، إلى الاستثمار في الجانب المكسيكي، خصوصاً أن الحكومة المكسيكية في طور فتح المجال للشركات الدولية الاستثمار في بلادها.

وتحاول شركات النفط الصخري الاتجاه نحو حقل «إيغل فورد» لتعويض التحديات التي تواجههم في حوض «بيرمين». و»إيغل فورد» هو ثاني أكبر حقل للنفط الصخري الأميركي بعد حوض «بيرمين»، مع الأخذ في الاعتبار أنه أكبر بكثير من «إيغل فورد». وعلى سبيل المثال، تقدّر «ادارة معلومات الطاقة» الأميركية إنتاج «بيرمين» خلال هذا الشهر، بنحو 2,64 مليون برميل يومياً، في حين سيبلغ إنتاج «إيغل فورد» نحو 1,27 مليون برميل يومياً. كما تتوقع حجم إنتاج النفط الصخري الأميركي هذا الشهر بنحو 6,08 مليون برميل يومياً. مع العلم، أن معدل لإنتاج النفطي الإجمالي (التقليدي وغير التقليدي) الأميركي بلغ 9,547 مليون برميل يومياً في نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي.

لكن كما هو معهود في مثل هذه الحالات، تصدر وجهات نظر مختلفة. إذ تعلن دراسة للمكتب الاستشاري «أي تش اس ماركيت» بناء على مسح نحو 440 ألف بئر، أن الاحتياط النفطي الذي لا يزال قابلاً للإنتاج في حوض «بيرمين» العملاق يقدر بنحو 60 بليون برميل من النفط الصخري و70 بليوناً. كما تشير الدراسة إلى البدائل المتوافرة لإنتاج «النفط المحصور»، ما يؤمّن بدائل إنتاجية مختلفة للشركات بحسب معدلات سعر مختلفة.

ويشكل إنتاج النفط الصخري الأميركي عاملاً مهماً في تقديرات منظمة «أوبك» والدول المنتجة المتحالفة معها، في سياسة خفض الانتاج لإعادة التوازن للأسواق الدولية. لأن الولايات المتحدة هي أكثر دولة منتجة تزيد إنتاجها سنوياً، بسبب الطاقة الإنتاجية الفائضة لديها والمتأتية من النفط الصخري.

والتحدي الذي يواجه «أوبك» وحلفاءها هو أن الحفاظ على معدل السعر بين 50 و55 دولاراً لنفط «برنت»، يردع زيادة إنتاج النفط الصخري السنوي. لكن في الوقت ذاته، يشكو بعض دول «أوبك» من أن هذا المستوى في السعر غير مناسب لموازناتها السنوية، ما يفضي إلى عجز فيها.

* كاتب عراقي متخصص في شؤون الطاقة.

نقلا عن صحيفة الحياة اللندنية


مشاهدات 3500
أضيف 2017/10/08 - 12:03 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 12543 الشهر 65535 الكلي 8191548
الوقت الآن
الأربعاء 2024/5/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير