
أعلنت وزارة الكهرباء عن توقف ضخ الغاز الإيراني بكمية خمسة ملايين متر مكعب يوميًا مما أدى إلى فقدان (4500 ميغاواط) من القدرة الإنتاجية في منظومة الكهرباء العراقية. هذا التصريح أثار جدلًا واسعًا، ليس فقط بسبب خطورة الانقطاع، بل أيضًا بسبب عدم دقة الأرقام المعلنة من الناحية الفنية.
للأسباب التالية:
• القاعدة العلمية: كل مليون متر مكعب قياسي
من الغاز الطبيعي يوميًا يمكن أن ينتج ما بين
( 150–200 ) ميغاواط من الكهرباء، اعتمادًا على كفاءة المحطات.
• الحساب الواقعي: خمسة ملايين متر مكعب يوميًا تعادل تقريبًا (750–1000)
ميغاواط فقط، وليس (4500) ميغاواط كما ورد في التصريح الرسمي.
• الخلط المحتمل: يبدو أن الوزارة خلطت بين الكمية الفعلية (5 مليون م³) والكمية المتفق عليها أصلًا (25 مليون م³)، أو أنها جمعت تأثيرات أخرى مثل توقف وحدات لأسباب صيانة وتشغيلية مختلفة.
• تضخيم الأرقام يخلق صورة ذهنية بأن الأزمة أكبر من حجمها الفني الحقيقي، وهو ما يضعف ثقة المواطن في الخطاب الرسمي.
• غياب الشفافية في عرض الحقائق يعمّق الفجوة بين الجمهور والمؤسسات، ويمنع الوصول إلى حلول جذرية قائمة على بيانات دقيقة.
• ربط كل العجز بالغاز الإيراني يُغفل مسؤوليات داخلية تتعلق بكفاءة التشغيل، تنويع مصادر الوقود، وإدارة الطلب.
إن كشف الحقائق بالأرقام الدقيقة ليس مجرد تصريح اعلامي ، بل هو واجب وطني. المواطن العراقي يستحق خطابًا صادقًا شفافاً يضع أمامه الواقع كما هو، لا كما يُراد له أن يُفهم. الإصلاح يبدأ من الشفافية، والشفافية تبدأ من احترام العلم والأرقام.
إن أزمة الكهرباء في العراق ليست أزمة وقود فقط، بل أزمة إدارة وثقة. وإذا أردنا أن نخطو نحو إصلاح حقيقي، فعلينا أن نواجه الأرقام كما هي، بلا تضخيم ولا مراوغة. أن الحقيقة الفنية هي أساس أي حل، وأن تضليل الرأي العام بالأرقام المبالغ فيها لن يضيء بيتًا ولن يشغّل محطة.
د.فرات الموسوي
رئيس مركز العراق للطاقة
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام