
مع تحويل الحكومة إلى حالة تصريف الأعمال اليومية وانتهاء أعمال مجلس النواب للدورة الخامسة، تبرز تساؤلات جوهرية حول كيفية استمرار الدولة في إدارة شؤونها المالية، ولا سيما تأمين الرواتب والأجور لملايين الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بالحماية الاجتماعية، في وقت قد لا تكفي فيه الإيرادات الشهرية من النفط والضرائب والرسوم لتغطية النفقات الجارية بشكل كامل.
1️⃣ ماذا يحدث عند غياب الموازنة؟
طبقاً لقانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019، تلجأ الحكومة حكماً إلى آلية الصرف وفق قاعدة (1/12) من إجمالي نفقات السنة السابقة، وبما لا يتجاوز الإيرادات الفعلية المتحققة. وهذا يعني عملياً:
- إذا كانت الإيرادات الشهرية تكفي لتغطية الرواتب والنفقات الأساسية، تستمر الدولة بالإنفاق دون أزمة.
- أما إذا تراجعت الإيرادات إلى مستوى لا يغطي الرواتب، تصبح الحكومة مقيدة قانونياً ولا تستطيع الإنفاق بما يتجاوز ما يدخل فعلياً إلى الخزينة.
في هذه الحالة قد تواجه الدولة سيناريوهات صعبة، أبرزها تأخير الرواتب أو دفعها بشكل منقوص، وهو خيار غير مقبول اجتماعياً وسياسياً، ولا يمكن تبنيه في ظل الظروف الحالية.
2️⃣ الخيارات المتاحة للحكومة
في ظل غياب السلطة التشريعية وتعذر إقرار قانون الموازنة أو قانون الاقتراض، لا يبقى أمام الحكومة إلا مسارين في مواجهة هذا الانسداد، ومع وجود عجز حقيقي (أي أن الإيرادات الشهرية، كالنفط، لا تغطي الرواتب)، وكلاهما مرّ:
#الخيار_الأول (والأكثر قانونية): تطبيق قانون الإدارة المالية (1/12)…
حيث تستمر الحكومة في الإنفاق وفق آلية 1/12 من مصاريف السنة السابقة. لكن النقطة الحاسمة هي (يتم الصرف بما لا يتجاوز الإيرادات الفعلية المتحققة) .
((إجمال النفقات لغاية شهر تشرين الاول 2024 = 122 ترليون دينار . منها 100 ترليون نفقات جارية .
تعويضات الموظفين لغاية شهر تشرين الاول 2024 = 49 ترليون دينار )).
((اجمالي النفقات لغاية شهر تشرين الثاني 2024 = 136 ترليون دينار. منها 113 ترليون نفقات جارية .
تعويضات الموظفين لغاية شهر تشرين الثاني 2024 = 55 ترليون دينار )).
#على_سبيل_المثال / إذا كانت الإيرادات الشهرية (نفط وغيره) 10 تريليون دينار، والرواتب 8 تريليون، فلا مشكلة. أما إذا كانت الإيرادات 5 تريليون فقط (بسبب العجز الذي قمنا بافتراضه)، فلا يجوز للحكومة قانوناً أن تنفق الـ 8 تريليون.
بالنتيجة العملية(( تأخير دفع الرواتب أو دفعها بشكل منقوص، وهو ما لا يمكن قبوله سياسياً وشعبياً)).
#الخيار_الثاني (الحل الاستثنائي): اللجوء إلى القضاء الدستوري …
وهذا هو السيناريو الأكثر ترجيحاً في الواقع العراقي لحل الأزمات المستعصية ويكون ذلك عبر الآتي :-
1- تقديم طعن للمحكمة الاتحادية العليا من قبل رئيس مجلس الوزراء (بصفته رئيساً لحكومة تصريف الأعمال) أو وزير المالية بتقديم طلب عاجل إلى المحكمة الاتحادية العليا.
2- يتم الاستناد إلى (مبدأ الضرورة) و (مبدأ استمرارية المرفق العام) والحجة تكون: ((نحن أمام خطر انهيار الدولة وتجويع الشعب (الرواتب والأجور))، والسلطة التشريعية غائبة عن المشهد العراقي .
3- القرار القضائي (الولائي).. هنا قد تُصدر المحكمة الاتحادية (وهي السلطة الوحيدة العاملة في هذا السيناريو) قراراً ((ولائياً)) (أو تفسيراً استثنائياً) يمنح الحكومة صلاحية مؤقتة ومحددة جداً (#مثلاً)..الاقتراض بمبلغ محدد يكفي للرواتب فقط، ولمدة شهر واحد او شهرين او لغاية انعقاد البرلمان الجديد ومن ثم تشكيل الحكومة الجديدة) .
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام