أقرّ مجلس الشيوخ الأميركي مساء الخميس نسخة موازنته الدفاعية السنوية، متضمنة مادة تنص على إلغاء قانون قيصر للعقوبات على سوريا دون قيد أو شرط، مع نهاية العام الجاري، وذلك بنتيجة تصويت قوية بلغت 77 صوتاً مؤيداً مقابل 22 معترضاً.
ويمثل هذا الإجراء اختراقاً سياسياً لافتاً في مسار التشريع الأميركي تجاه سوريا، ويُعتبر من وجهة أنصاره "نصراً دراماتيكياً"، نظراً لشدة المعارضة التي واجهها خلال مراحل الإعداد والمفاوضات.
وفي تعليق على القرار، عبّر النائب الجمهوري جو ويلسون عن ترحيبه بالخطوة، قائلاً: "أشعر بالامتنان لإقرار مجلس الشيوخ إلغاء قانون قيصر كجزء من موازنة الدفاع. لقد فُرضت هذه العقوبات القاسية على نظام لم يعد موجوداً، ولذا فإن نجاح سوريا الآن يعتمد على إلغاء كامل ونهائي لهذه العقوبات".
تصريحات ويلسون تعكس تصوراً لدى العديد من المشرعين الأميركيين بأن المشهد السياسي في سوريا قد تغيّر، وأن الإبقاء على نظام العقوبات الحالي يعيق فرص التعافي الاقتصادي والانفتاح الاستثماري.
وتستهدف المادة إلغاء القانون الذي فُرض عام 2019 كأداة للضغط الاقتصادي والسياسي على الحكومة السورية إبان حكم بشار الأسد، ومنع الاستثمار الدولي في البنى التحتية داخل البلاد، حيث اعتبره المشرّعون حينها وسيلة لمحاصرة النظام السوري وحلفائه.
البنود التكميلية.. من الشروط إلى الأهداف
في خطوة موازية، أقر مجلس الشيوخ مادة أخرى تتعلق ببنود يجب على الحكومة السورية "تحقيق تقدّم فيها" خلال 12 شهراً، لكنها لم تعد شروطاً ملزمة، بل أهدافاً سياسية غير مُلزمة تُستعمل كمؤشر للتقييم.
وبحسب الصيغة المعدّلة، فإن الفشل في تحقيق تقدّم بتلك البنود لن يؤدي تلقائياً إلى إعادة فرض "قيصر"، بل يستوجب مناقشة جديدة في الكونغرس حول جدوى إعادة العقوبات.
وتشمل البنود أهدافاً تتعلق بالإفراج عن المعتقلين، وتسهيل عودة اللاجئين، وتحسين سلوك الحكومة في ملفات حقوق الإنسان، دون أن يترتب على عدم تنفيذها تدابير عقابية مباشرة.
وفي مؤشر على تحول أوسع في السياسة الأميركية تجاه سوريا، أُجيز كذلك بند جديد يطالب الإدارة الأميركية بتقديم تقرير حول سبل إعادة افتتاح السفارة في دمشق، وتقييم فرص تطوير العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ويشير هذا التحوّل إلى إعادة تقييم من واشنطن لسياساتها تجاه دمشق، في ظل وجود رغبة دولية في إعادة دمج سوريا في النظام الإقليمي والدولي.
مرحلة جديدة من التعافي
تعليقاً على القرار، أكد وزير الاقتصاد والصناعة السوري نضال الشعار، أن إلغاء قانون قيصر يمثل لحظةً تاريخيةً فارقةً، وبداية مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي في سوريا، بعد سنوات من القيود والعزلة.
وأوضح الشعار، في تصريح أوردته وكالة الأنباء السورية، أن القرار جاء بعد تنسيق بين مؤسسات الدولة والشركاء في الخارج، لإعادة فتح الأبواب أمام الإنتاج والاستثمار والتبادل التجاري، مؤكداً أن سوريا اليوم أمام عهد اقتصادي جديد، عنوانه العمل، والانفتاح، والمسؤولية. وأضاف: "الفرصة اليوم حقيقية لإطلاق نهضة صناعية واقتصادية شاملة، تعيد للقطاع الخاص دوره، وتنعش البنية الإنتاجية".
بدوره، قال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية إن إلغاء قانون قيصر يمثل نقطة تحول في تاريخ سوريا. وأضاف في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن "الجهود المطلوبة كبيرة للاندماج مجدداً في النظام المالي العالمي، وسيواصل مصرف سوريا المركزي التزامه بإعادة الاستقرار المالي، وتعزيز الثقة بالليرة السورية".
النسخة التي أقرّها مجلس الشيوخ ستدخل الآن مرحلة المفاوضات مع مجلس النواب الأميركي، لصياغة النسخة النهائية من موازنة وزارة الدفاع لعام 2025، وهي النسخة التي سيُوقّعها الرئيس الأميركي لاحقاً في حال أقرها مجلس النواب.
ورغم أن إقرار الشيوخ يُعدّ خطوة محورية، إلا أن مصير المادتين لا يزال مرتبطاً بنتائج تلك المفاوضات، وسط جهود مستمرة من داعمي الإلغاء لإيصال هذه البنود إلى "خط النهاية" التشريعي.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام