العراق يُسجل 55 ألف حريق خلال 3 سنوات

الاقتصاد نيوز - بغداد

سجل العراق (باستثناء إقليم كردستان) أكثر من 55 ألف حريق خلال السنوات الثلاث الماضية، حاصدة أرواح المئات من الأشخاص إلى جانب الخسائر المادية الجسيمة.

وبحسب معلومات خاصة حصلت عليها وكالة شفق نيوز، فقد سجل العراق (عدا إقليم كردستان) 32477 حادثة حريق عام 2022، و 21024 حادثة حريق عام 2023، و 2300 حادثة حريق عام 2024، وتعكس هذه الأرقام انخفاضاً سنوياً ملحوظاً في معدل الحرائق.

أبرز الحرائق المأساوية

ومن أبرز الحرائق التي سجل فيها خسائر بالأرواح هي حريق مستشفى ابن الخطيب بالعاصمة بغداد عام 2021، إذ تراوحت أعداد الضحايا بين 82–92 ضحية وأكثر من 110 جرحى، ونجم الحريق عن انفجار أسطوانة أوكسجين في وحدة العناية المركزة لمرضى كورونا.

وفي قسم عزل كورونا أيضاً، نشب حريق في مستشفى الحسيني بمدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق عام 2021، وأدى الحريق إلى مقتل ما بين 60 إلى 92 شخصاً، بالإضافة إلى عدد كبير من المصابين، وكان بسبب كابلات كهربائية معطوبة تأثرت بأسطوانات أوكسجين.

كما سُجّل حريق قاعة الزفاف في قراقوش بقضاء الحمدانية في مدينة الموصل مركز محافظة نينوى عام 2023، وحصد أكثر من 100 ضحية ومئات الجرحى، نتيجة ألعاب نارية داخل القاعة واحتراق ألواح (الساندوتش بانل) سهلة الاشتعال.

وفي الموصل أيضاً، سجل حريق مصنع الكبريت (المشراق) في قضاء القيارة جنوبي المدينة عام 2023، واستمر احتراق المصنع حوالي ثلاثة أسابيع، مسبّباً أكبر انبعاث بشري لغاز ثاني أكسيد الكبريت (SO₂) بحوالي 21 ألف طن يومياً.

وكان من أبرز حرائق عام 2025، حريق (هايبر ماركت) في مدينة الكوت مركز محافظة واسط، يوم الأربعاء الماضي، وأدى الحريق في هذا المول الجديد المكون من خمسة طوابق إلى 69–77 ضحية و11 مفقوداً وأكثر من 43 جريحاً.

فيما تشير المعلومات إلى أن سبب الحريق هو انفجار وحدة تكييف في "كوزماتيك عطور" وتفاقم الحريق بسبب مواد بناء قابلة للاشتعال وغياب مخارج الطوارئ.

الأسباب والتحديات

وبحسب تقارير الدفاع المدني، فإن الأسباب الرئيسية للحرائق بصورة عامة، تعود إلى عطل كهربائي أو استخدام الألعاب النارية في المناسبات، أو استخدام مواد قابلة للاشتعال أثناء عملية بناء المجمعات لرخص سعرها، فضلاً عن حرائق متعمدة نتيجة نزاعات عشائرية. 

كما يسجل غياب معايير السلامة مثل الإنذارات ومخارج الطوارئ في الكثير من المشاريع، وتهاون من قبل المديرين المسؤولين عن السلامة والجهات المسؤولة في إصدار إجازات مقابل فوائد مالية. 

توصيات الدفاع المدني وإجراءات السلامة

وللحد من الحرائق الكارثية، أصدر الدفاع المدني عدة توصيات في السنوات السابقة، بينها حظر استخدام ألواح (الساندوتش بانل) القابلة للاشتعال، وإلزام أصحاب المجمعات بتوفير مخارج طوارئ وإنذارات قوية وأنظمة رش أوتوماتيكي، وتدريب وتوعية دورية.

ومن توصيات الدفاع المدني أيضاً، تشديد المساءلة القانونية للهيئات والسلطات المحلية في منح تراخيص البناء أو التشغيل عند وجود مخالفات واضحة.

إهمال شروط السلامة 

وبهذا السياق، يقول مدير شعبة الإعلام في مديرية الدفاع المدني العامة، نؤاس صباح، إن الدفاع المدني يتابع شروط السلامة في كل المشاريع بواقع كشفين سنوياً.

ويُجرى الكشف الأول، وفق ما يقول صباح لوكالة شفق نيوز، لتسجيل ملاحظات السلامة، والكشف الثاني يتم فيه متابعة ما تم تنفيذه من ملاحظات سواء في المولات أو الأسواق والمباني التجارية.

وعن أسباب اندلاع الحريق، يوضح صباح، أنها غالباً ما تكون بسبب الإهمال بشروط السلامة ومتطلبات الدفاع المدني وكذلك التماس الكهربائي بسبب تذبذب التيار وتعدد مصادره.

وهذه الأسباب هي نفسها التي يذكرها المتحدث باسم وزارة الداخلية، العقيد عباس البهادلي، إذ أرجع الحوادث التي حصلت في الأعوام الماضية إلى "تماس كهربائي أو أعطال أخرى، فيما لم يتم تسجيل حريق يحتوي على مؤشرات لعمل جنائي أو فعل متعمد".

ويؤكد البهادلي لوكالة شفق نيوز، أن كل الحرائق يتم فيها تشكيل لجان تحقيقية كما حدث مع حريق الكوت وما تزال اللجان تعمل حتى اليوم مع كل الجهات المعنية في المحافظة سواء بالحكومة المحلية أو بفرق الدفاع المدني.

أغلب نتائج التحقيق تنتهي بـ"قضاء وقدر"

من جهته، يعزو عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، علي نعمة البنداوي، أغلب حوادث الحريق في العراق إلى "نقص في متطلبات السلامة في البنايات أو المولات والمراكز التجارية العامة، وكذلك النقص في أجهزة ومعدات الدفاع المدني".

ويشير البنداوي، إلى أن "ما حدث في الكوت يعد دليلاً على إهمال السلطات المختصة بهذا الأمر، لذلك نشدد على قيام مديرية الدفاع المدني والمحافظات والدوائر الخدمية فيها، بزيارات ميدانية إلى الأماكن العامة وخاصة الأماكن التجارية، وغلق كل بناية مخالفة لحين إكمال متطلبات السلامة".

وينوّه البنداوي إلى أن "أغلب الحرائق هي بسبب الإهمال، أو رداءة جودة المواد المستخدمة، خاصة (الساندوتش بانل) الذي يحتوي على مواد سريعة الاشتعال، لذلك يجب منع استخدامه في جميع الأبنية، واستخدام مواد غير قابلة للاشتعال ووضع مخارج طوارئ لكل بناية لعدم تكرار حوادث الحريق".  

فيما كشف عضو لجنة الأمن إلى أن "أغلب نتائج التحقيق تنتهي إلى اعتبار الحرائق قضاءً وقدراً".

ولأهمية توفر منظومات السلامة والأمان في جميع المشاريع، تؤكد عضوة لجنة الاستثمار النيابية، سوزان منصور، أن "كل المشاريع الاستثمارية ينبغي أن يتوفر فيها منظومة أمان متكاملة ومخارج طوارئ في حال حصول حريق".

وتضيف منصور، أن "على الجهة المسؤولة عن تلك المشاريع متابعة تحقيق شروط السلامة سواء هيئات الاستثمار في المحافظات أو الهيئة الوطنية للاستثمار، ومحاسبة المخالف لشروط السلامة، وأن لا تقتصر المحاسبة على المستثمر فقط، بل هيئات الاستثمار التي سمحت له ولم تراقب العمل بالشكل الصحيح".

كما دعت منصور، إلى "ضرورة إجراء تدريبات دورية للمواطنين على الإنذار وإخلاء الأبنية في المولات والمجمعات السكنية في حال اندلاع حريق فيها". 

وهذا ما يؤكده أيضاً رئيس مؤسسة عراق المستقبل، منار العبيدي، بأن على "هيئات الاستثمار أن تكون أكثر حزماً في الأمن والسلامة ووضع محددات لها، وضرورة التزام المشاريع الاستثمارية باستخدام مواد غير قابلة للاحتراق، واعتماد أجهزة سلامة وأمان ذات قيمة عالية وقادرة على اكتشاف الحريق ومعالجته بأسرع وقت".

وعن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذه الحرائق، يوضح العبيدي، أن "الخسائر تصنف إلى نوعين: مباشرة وغير مباشرة، أما الأولى فهي تتعلق بتدمر البنى التحتية، وخسائر معالجة الحرائق واستهلاك المعدات، وخسائر تتعلق بالتخوف من المنطقة الاقتصادية التي حدثت فيها الحرائق، والتخوف لمرحلة معينة لزيارة مناطق مشابهة وبالتالي انخفاض النشاط التجاري فيها".

أما الخسائر غير المباشرة، فهي "تتعلق بانخفاض الإيرادات الضريبية كون توقف الكثير من المشاريع التي كانت تدفع ضريبة للدولة، وكذلك انخفاض في فرص العمل، إذ أن المشاريع التي تتعرض للحرائق يفقد العاملون فيها عملهم".

 وكان رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، اعتبر، الجمعة الماضي، أن حوادث الحريق في العراق تحوّلت إلى ظاهرة خطيرة تهدد الأمن الإنساني، داعياً الحكومة ومجلس النواب إلى تشريع قانون خاص بمتطلبات السلامة العامة، يُلزم الجهات العامة والخاصة بمعايير محددة، ويُعاقب المخالفين بالسجن والغرامات المشددة.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 102
أضيف 2025/07/20 - 6:04 PM