العراق يواجه الفقر بخطط استراتيجية لغاية 2030.. خطوات مدروسة رغم التحديات 

بخطى متسارعة، تعمل الحكومة العراقية على تعزيز جهودها لمكافحة الفقر، عبر إقرار المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر (2020–2030)، بعد تقييم شامل لنتائج المرحلتين السابقتين (2010–2014 و2018–2022). 

وتأتي هذه الاستراتيجية في وقت يشهد فيه العراق انخفاضاً ملموساً في نسبة الفقر، وسط جهود حكومية لتحسين مؤشرات المعيشة وتعزيز العدالة الاجتماعية.

تراجع تدريجي في نسبة الفقر

ووفقًا للمتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، فقد انخفضت نسبة الفقر في العراق من نحو 30% في عام 2021 إلى 17.5% في عام 2024، بفضل سياسات الدعم الاجتماعي وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية. 

وأكد أن هذه النتائج شجعت على إطلاق استراتيجية وطنية ثالثة جديدة تستهدف خفض نسبة الفقر إلى أقل من 10% بحلول عام 2029، مع التركيز على المناطق الأكثر تضررًا.

في السياق ذاته، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أن نسبة الفقر تراجعت إلى 17.6% والبطالة إلى 14.4%، ما يشير إلى تحسن نسبي في المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية.

أهداف دقيقة للفقر متعدد الأبعاد

من جانبه، كشف مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية والمالية، مظهر محمد صالح، عن ملامح المرحلة الثانية من الاستراتيجية (2020–2030)، التي قال إنها تسعى إلى معالجة الفقر بأبعاده المتعددة، وليس فقط من زاوية الدخل.

وأوضح صالح في حديث لـ"الاقتصاد نيوز"، أن الاستراتيجية تستهدف خفض الفقر العام إلى أقل من 16% بحلول عام 2030 (من 25% بعد جائحة كورونا) وخفض الفقر الغذائي إلى 2% بدلاً من 5%.
    
وأشار الى خفض الفقر التعليمي إلى 5% أو أقل بدلاً من 13% بالاضافة الى رفع تغطية الفقراء بالخدمات الصحية إلى 90% بدلاً من 60%.
    
وتطرق كذلك الى تغطية 100% من المستحقين ببرامج الرعاية الاجتماعية مقابل نحو 70% حالياً.

وأكد أن تنفيذ الخطة يحظى بدعم مباشر من الحكومة والبنك الدولي ومنظمة اليونيسف، مشددًا على أهمية تحسين إيرادات الدولة وتنويعها لتمويل برامج التنمية المستدامة.

دعم المبادرات الريادية وتمكين الشباب

وتعتمد الاستراتيجية كذلك على المشاريع الصغيرة والمتوسطة كأداة للحد من الفقر، حيث تبنّت الحكومة مبادرات لتشغيل الشباب، من أبرزها تأسيس “مصرف ريادة”، الذي يهدف إلى تمويل المشاريع الريادية وتوفير فرص العمل، ضمن توجه حكومي لتعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق نمو اقتصادي شامل.

ويرى مستشار رئيس الوزراء أن هذه المبادرات تُسهم في “تقليص الفجوة المعيشية ورفع مستوى دخل الأسر الفقيرة، خاصة في المناطق الريفية والأطراف”، مشيرًا إلى أن تفعيل دور القطاع الخاص والمجتمع المدني يمثل أحد مفاتيح النجاح.

تحديات سكانية ومخاطر مستقبلية

لكن على الرغم من هذه الجهود، يحذّر خبراء من أن العراق يواجه تحديًا ديموغرافيًا متفاقمًا. 

ويقول الخبير الاقتصادي منار العبيدي إن الخطر لا يكمن فقط في التحديات الاقتصادية، بل في الانفجار السكاني، حيث يُتوقع أن يتجاوز عدد سكان العراق 50 مليون نسمة في عام 2030، وقد يصل إلى 70 مليونًا في عام 2040.

ويؤكد أن خفض الفقر إلى ما دون 5% في ظل هذا النمو السكاني يتطلب موازنة سنوية تفوق 300 تريليون دينار، بينما لا تتجاوز الموازنة الحالية 160 تريليون دينار، معتبرًا أن العراق يواجه “قنبلة موقوتة” ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

العشوائيات ومشكلة السكن

كما تُشكل العشوائيات تحديًا إضافيًا أمام جهود الحد من الفقر، حيث كشفت وزارة التخطيط عن وجود أكثر من 4 آلاف تجمع سكني عشوائي في عموم البلاد، يقطنها نحو 5% من السكان، أي ما يقارب 4 ملايين نسمة، معظمهم في بغداد. 

وتعمل الحكومة على تسوية أوضاع هذه المناطق عبر تحويل جنس الأراضي ومنح حق التملك، إلى جانب مشاريع إسكان جديدة للفقراء.

وترى الحكومة العراقية أن نجاح استراتيجية مكافحة الفقر لن يتحقق دون دمج السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وتوجيه الإنفاق العام نحو القطاعات المنتجة والمجتمعات الهشة. وتنسجم هذه الرؤية مع خطة التنمية الوطنية (2024–2028)، التي تسعى إلى بناء اقتصاد مرن، وتطوير التعليم والصحة والبنية التحتية، بالتوازي مع سياسات سكانية واعية.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 116
أضيف 2025/07/19 - 7:08 PM