تعيش العلاقات العراقية – التركية زخما متزايدا من القدم مقارنة بالسنوات السابقة، فرغم وجود العديد من الملفات الخلافية، الا ان الزيارات المتبادلة بين الرؤساء قد تفتح صفحة جديدة من الحلول.
وتوجه رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، الى العاصمة التركية أنقرة، في زيارة رسمية، للمشاركة في اجتماعات المجلس الأعلى العراقي التركي للتعاون الستراتيجي.
ومن المتوقع ان يناقش السوداني خلال زيارته لانقرة ولقائه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، جملة ملفات على رأسها الملف الاقتصادي والمائي والعسكري.
وبهذا الصدد، أكد رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، أن السوداني سيجري زيارة رسمية إلى تركيا برفقة وفد رفيع المستوى وسيلتقي بالرئيس أردوغان في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة.
وأضاف أنه ستتم مناقشة العلاقات التركية العراقية والتطورات الإقليمية والدولية الراهنة، إلى جانب عقد اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.
وأفاد ألطون، بأنه من المنتظر أن يتم خلال زيارة السوداني، التوقيع على وثائق تهدف إلى التعاون في مختلف المجالات بين البلدين.
وختم ألطون منشوره قائلاً: "نعتقد أن زيارة السوداني ستعزز العلاقات التركية العراقية الراسخة في العديد من المجالات".
وكانت السفارة العراقية، قد اعلنت أول أمس الاثنين، عن وصول وفد عراقي رسمي تمهيداً لتوقيع مذكرات تفاهم ثنائية.
وقد أعلن وزير النقل التركي، عبد القادر اورال اوغلو، في وقت سابق، أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني سيزور تركيا خلال الأيام المقبلة، فيما سيزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العراق خلال النصف الأول من العام الجاري.
بدوره، وصف مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية، مظهر محمد صالح، زيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى أنقرة بأنها "علامة فارقة" في مسار العلاقات العراقية – التركية.
وأشار صالح خلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز" إلى أن العلاقات الثنائية تشهد زخماً متزايداً مقارنة بالسنوات الماضية، مدفوعة بتقارب المصالح وتوافر الإرادة السياسية من كلا الطرفين، موضحاً أن هذا التقارب يفتح الباب أمام شراكة مستدامة تشمل ملفات عدة، يأتي في مقدمتها "مشروع طريق التنمية" الذي يربط ميناء الفاو جنوبي العراق بتركيا وصولاً إلى أوروبا.
ووصف صالح المشروع بـ"الاستراتيجي"؛ كونه يشكل ركيزة محورية للربط التجاري والاستثماري في المنطقة، وسيكون حاضراً بقوة على جدول أعمال الزيارة، مؤكداً أنه يخدم المصالح المتبادلة للبلدين ويسهم في تعزيز مكانتهما كممر تجاري رئيسي بين الشرق والغرب.
وفيما يتعلق بملف المياه، أشار صالح إلى أنه يُعد من أكثر القضايا إلحاحاً، خاصة في ظل تأثير السدود التركية على الحصص المائية للعراق، لا سيما في نهري دجلة والفرات. وأوضح أن بغداد تسعى إلى التوصل إلى اتفاقات ملزمة تضمن حصة عادلة من المياه، تتناسب مع تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
وأكد مستشار رئيس الوزراء أن العراق يطمح إلى جذب المزيد من الاستثمارات التركية في مجالات النقل، والزراعة، والطاقة، داعياً إلى تعزيز الشراكة في مشاريع البنية التحتية الحيوية التي يحتاجها العراق في مرحلة إعادة الإعمار والتنمية.
وأشار صالح إلى أن حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا يتراوح بين 14 و20 مليار دولار سنوياً، مما يجعل العراق الشريك التجاري الثاني أو الثالث لتركيا على مستوى العالم، وقد يكون الأول في بعض الفترات. كما تستقبل تركيا سنوياً نحو ثلاثة أرباع مليون سائح عراقي، ولها مصالح واسعة في قطاع الإعمار والبناء داخل العراق.
ولفت مستشار السوداني إلى وجود جالية عراقية كبيرة ومؤثرة في تركيا، تُقدّر بحوالي مليون شخص، تعيش وتعمل في مختلف القطاعات، وهو ما يعزز من أواصر العلاقة الاجتماعية والاقتصادية بين البلدين.
الى ذلك، عدت عضو مجلس النواب انتصار الجزائري، زيارة السوداني الى تركيا بانها "تبشر بخير".
وقالت الجزائري، لـ"الاقتصاد نيوز" إن زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى تركيا تمثل خطوة إيجابية في سياق تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه العراق في ملفات استراتيجية، أبرزها المياه والنفط والوجود العسكري التركي في الشمال.
وأشارت إلى أن تركيا، بوصفها دولة جارة ترتبط بعلاقات متشعبة مع العراق، تمثل طرفاً أساسياً في العديد من القضايا المشتركة، مؤكدة أن هذه الزيارة “تبشر بخير”، لا سيما في ما يتعلق بملف المياه، مع دخول العراق فصل الصيف وتزايد الحاجة إلى الحصص المائية.
وأضافت أن شحّ الإطلاقات المائية القادمة من تركيا بات يؤثر بشكل مباشر على الزراعة والمياه الصالحة للشرب، ما يجعل التفاوض حول هذا الملف أولوية وطنية، مشددة على أهمية التوصل إلى تفاهمات تضمن للعراق حصة عادلة ومستقرة.
كما تناولت الجزائري ملف تصدير النفط، مشيرة إلى أهمية إعادة تفعيل خط جيهان النفطي الذي يُعد مساراً حيوياً لتصدير النفط العراقي، خصوصاً من شمال البلاد. وأكدت أن أي تقدم في هذا الملف من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني ويعزز من موارد الدولة.
وفيما يتعلق بالوجود العسكري التركي داخل الأراضي العراقية، لفتت الجزائري إلى أن التعامل مع تركيا في المرحلة السابقة كان معقداً، بسبب التوترات الأمنية، إلا أنها أعربت عن أملها بأن تسهم زيارة السوداني في فتح قنوات حوار جاد تُفضي إلى حلول مرضية للطرفين.
وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، قد زار العاصمة العراقية بغداد، في نيسان من العام الماضي، في زيارة استغرقت يوما واحدا وتُعد الأولى له منذ أكثر من عقد.
يذكر أن آخر زيارة لأردوغان إلى العراق كانت في عام 2011 حينما كان يشغل منصب رئيس الوزراء، وخلال تلك الزيارة، دعا أردوغان السلطات العراقية إلى تعزيز التعاون مع أنقرة في مكافحة عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه الحكومة التركية وحلفاؤها الغربيون على أنه "إرهابي".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام