في 16-11-2024 يكون البنك المركزي العراقي قد مضى على تاسيسه ومباشرته بمهامه 77 عاما .مر خلالها بمراحل من التحديات الاقتصادية والمالية التي واجهت تطبيقات السياسة النقدية .
وكان خلال تلك السنوات في مواجهة مباشرة لتجاوز تللك التحديات والتأثيرات السياسية والتغيرات في الانظمة الاقتصادية التي كانت سائدة انذاك. ومع ذلك اثبت البنك المركزي انه مؤسسة اقتصادية مالية سيادية رصينة تاسست في عام 1947 من القرن الماضي وهو المختص برسم مسارات وسياسات تطبيقات السياسة النقدية والاشراف والرقابة على القطاع المصرفي ويعتبر المستشار المالي للحكومة. وكان دوره اساسيا في ادارة العملية الاقتصادية في العراق وتولى على قيادة ادارته 24 محافظا اتسموا بخبرات ومواصفات فنية وادارية متميزة .
وبعد التغيير في عام 2003 ووفقا لقانونه الجديد 56 لسنة 2004 ومن خلال ادارتة للسياسة النقدية وتحقيق اهدافها حيث مرّ العراق خلال 21 سنة الماضية بمرحلة مهمة من مراحل نظامه الاقتصادي حيث شمل التغيير بداية تطبيقات جديدة للبناء الاقتصادي تعتمد بناء مقدمات الانتقال من فلسفة واستراتيجيات النظام الاقتصادي المركزي في إدارة الاقتصاد إلى فلسفة واستراتيجيات وآليات اقتصاد السوق. لذلك فان البنك المركزي العراقي خطى خطوات تطور كبيرة باتجاه الانتقال من النشاط الصيرفي الى النشــــاط الحقيقي والتنموي خصوصا خلال السنوات الثمانية الاخيرة فمنذ صدور القوانين التي تنظم العمل المصرفي في عام 2004 تحققت إنجازات كبيرة في مجال الحد من التضخم الجامح الذي كان يعاني منة العراق والوصول به إلى معدلات جيدة ومتقدمة على مستوى الدول المجاورة والاقليمية.
كما تشير البيانات والمؤشرات المالية وأن البنك المركزي العراقي استطاع المحافظة لعدة سنوات على سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي بشكل متوازن بالرغم من التذبذب والتباين صعوداً ونزولاً تبعاً للظروف الاقتصادية الصعبة والازمــــات المالية والاقتصادية بسبب الانخفاض في اسعار النفط والحرب على الارهاب والمضاربات التي تحدث في الأسواق. كما حافظ على المستوى العام للاسعار حيث يلاحظ أن التدخل اليومي للبنك المركزي العراقي في إدارة ادوات السياسة النقدية في ضوء معطيات السياسة النقدية واصداره التعليمات والضوابط والمذكرات واللوائح التنظيمية والارشادية التي تنسجم مع المعايير الدولية ومتطلبات انظمة ومعايير الامتثال ومكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب واصدار قانون ينظم ذلك برقم 39 لسنة 2015 وتصفية الملاحظات المشخصة من قبل مجموعة العمل للمالي (FATF) والتي نقلت العراق من المنطقة الرمادية الى المتابعة الاعتيادية وحاول السيطرة على الخروقات التي تحدث بالمراجعة والتقييم وتصنيف المصارف لاغراض الثقييم الشامل وفق نظام (camels) واستخدام المنصة الالكترونية لاغراض نافذة بيع العملة الاجنبية والتحويلات الخارجية وتحفيز وتشجيع المصارف على ايجاد علاقات مصرفية جديدة مع البنوك الاجنبية المراسلة بهدف السيطرة على حركة العملة الأجنبية والحد من التصرف بها بخلاف الاهداف الاقتصادية المحددة لتطبيقات السياسة النقدية وتحقيق وصول 95%من الحوالات الخارجية بشفافية عالية في 2024الى المستفيد الاخير .
حيث إن التعامل ببيع العملة الأجنبية يعتبر من أكبر عمليات السوق المفتوحة في السيطرة على مناسيب السيولة المحلية ووضع الفائض النقدي في مساراتة السليمة وهو مؤشر اقتصادي جيد بأن يتم استقرار سعر الصرف بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي مر بها العراق مابعد 2014 و2020 و2022 كذلك استطاع البنك المركزي العراقي الاحتفاظ باحتياطي نقدي أجنبي جيد تجاوز حاليا 100 مليار دولار اضافة الى احتياطه من الذهب بحدود 153 طن. بالرغم من ظروف الركود والمتغيرات الاقتصادية العالمية ، ومع ذلك فقد شكلت الاحتياطيات غطاءا أميناً للدينار العراقي بنسبة 140% في التداول ولتغطية التجارة الخارجية كما ساهم بشكل واضح في تغطية العجز في الموازنات العامة وفقا لما هو مخطط من خلال اعادة خصم سندات الخزينة التي تصدرها وزارة المالية واصدارة لسندات الخزينة الدولية اضافة الى اشادة البنك الدولي ببرامج الاصلاح الاقتصادي والمالي التي اعتمدها البنك المركزي وفقا لاستراتيجيتة الاولى والثانية والثالثة وتوقعاته بنسب نمو جيدة خلال العام القادم 2025بحدود 5.3% للاقصاد العراقي مسجلا تقدما على مستوى الدول العربية والاقليمية .
وتشكيل لجنة مشتركة فيما بينه وبين المالية للتنسيق بين السياستين المالية والنقدية وقد تحققت بسبب ذلك اجراءات تنسيقية عديدة. ان الاجراءات الاقتصادية والمالية المحسوبة والجريئة التي قام بها البنك المركزي وتجربته الناجحة في تقديم الدعم المتواصل للاقتصاد العراقي اضافة الى مبادرته بتنشيط الدورة الاقتصادية وتحفيز الاقتصاد واطلاق ومتابعة تنفيذ مبادراته المتعدده لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والاسكانية واطلاقه الاستراتيجية الوطنية للاقراض المصرفي في العراق وتحقيق هدفين اقتصادي واجتماعي في آن واحد كذلك اتخاذ اجراءات اخرى مهمة بتأسيس الشركة العراقية لضمان الودائع والتي باشرت مهامها لغرض اعادة الثقة بالقطاع المصرفي وزيادة نسبة الادخار للكتلة النقدية في المصارف على حساب نسبة الاكتناز . والتهيئ لاطلاق استراتيجية الشمول المالي قريبا والتي بلغت نسنته بحدود 48% .
ان كل ذلك رافقه تطورات بنيوية وهيكلية وتطويرية في كافة دوائر البنك الاختصاصية والنوعية والتركيز على ادارة الجودة الشاملة والتطوير المؤسسي واعتماد المعايير الدولية والالتزام بقواعد وانظمة الامتثال وادارة المخاطر ومكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب والتوعية المصرفية والتطورات التقنية في انظمة المدفوعات والدفع الالكتروني وتكنلوجيا المعلومات والعمل بشكل متسارع بالتعاون مع الحكومة بالانتقال من الاقتصاد النقدي الى الاقتصاد الرقمي مما ساهم بالانتقال بسياسات واجراءات العمل بالبنك المركزي الى مرحلة متقدمة على خطى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي والمصرفي وبشكل خاص الاتفاق مع الشركات الاستشارية والتدقيقية العالمية لغرض هيكلة وتطوير القطاع المصرفي الحكومي والخاص .