قالت صحيفة "إل بايس" الإسبانية إن روسيا مستعدة لمواصلة الحرب ضد أوكرانيا لسنوات أخرى، وإن اقتصادها تكيف فعلًا مع صراع طويل الأمد.
وبحسب الصحيفة، يمكن للاقتصاد الروسي أن يحافظ على نفسه لسنوات وستكون الدولة قادرة على مواصلة حربها حتى لو أدى ذلك إلى إغراق مواطنيها في الفقر.
وقال الخبير الاقتصادي أنطون بارباشين، مدير مركز تحليل ريدل إن "الروس سيواجهون المزيد من الصعوبات، وسيتحمل الناس عبئًا أكبر وسيبيعون ما هو ضروري، ولكن البلاد يمكنها الصمود".
وأضاف بارباشين: "روسيا حققت نجاحًا كبيرًا في التكيف مع اقتصاد الحرب، رغم أنها تتعرض لضغوط كبيرة".
وتوقع الخبير أن تكون تكاليف المعيشة أعلى بالنسبة للروس، ولكن الانهيار الاقتصادي لن يحدث ما لم تنهار أسعار الغاز والبترول.
وتابعت الصحيفة: "ميزانية روسيا لعام 2025 لا تختلف كثيرًا عن ميزانية العام الحالي".
وأشارت إلى أنه "يُخصص أكثر من ثلث الميزانية للحرب والأجهزة الأمنية على حساب المزيد من الضرائب والمزيد من التخفيضات الاجتماعية والاعتماد على عائدات الغاز والنفط".
و"تقدر موسكو أنها ستبيع برميل النفط الخام إلى شركائها هذا العام بسعر 70 دولارًا، أي أكثر بـ 10 دولارات من الحد الذي فرضه الغرب".
وعلى حين يعتقد بعض المحللين أن البلاد لا تزال بمنزلة الاتحاد السوفيتي المتحجر، ولكن العقوبات لم تسقطه.
إذ تجاوزت الدول الغربية إلى حد ما هذه التدابير العقابية، فلا تزال العديد من البنوك الأوروبية تعمل في روسيا، وتستورد أوروبا المواد الهيدروكربونية الروسية عبر الهند.
كما طُبِّقت العقوبات ببطء شديد، فلم يُفرَض الحد الأقصى لسعر النفط الخام الروسي حتى عام 2023، ولا يزال أسطول الظل التابع للكرملين من ناقلات النفط نشطًا.
وقبل أسبوع، استخدمت المملكة المتحدة حق النقض ضد 18 سفينة كانت معروفة بوضوح.
ولكن ومع ذلك، أدت العقوبات إلى تقويض جهود روسيا في غزوها لأوكرانيا وجعلت من المستحيل عليها الوصول إلى سوق أسلحة أكبر.
وبعيدًا عن إنتاجها الداخلي، فإن ذخائرها اليوم تأتي من الترسانات القديمة لكوريا الشمالية وإيران، وفق الصحيفة أيضًا.
وأشارت "إل بايس" إلى أن روسيا سجلت زيادة معدلة موسميًّا في التضخم بنسبة 9.8% في سبتمبر/ أيلول 2024 مقارنة بالعام السابق، وهو رقم بعيد عن الهدف البالغ 4%.
ومع ذلك، فإن سلة التسوق والمنتجات الأخرى تعكس زيادات أعلى بكثير.
ومن المفارقة أن البنك المركزي يلاحظ أن الاقتصاد يتباطأ في الوقت نفسه الذي يرتفع فيه التضخم.
ونما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1% على أساس سنوي في الربع الثاني، بينما تجاوز في الأرباع الأربعة السابقة 5%، واستمر هذا الاتجاه نزولًا في الصيف إلى 2.4% المسجل في أغسطس.
وقد يكون أحد أهم الأسباب هو تشديد شروط إرسال المدفوعات إلى الخارج، علاوة على أن العديد من البنوك الصينية بدأت في رفض التحويلات من روسيا هذا الصيف.
ورجحت الصحيفة أن يذهب الاقتصاد الروسي إلى ما يسمى بـ الركود التضخمي، الوضع الذي يقترن فيه الركود الاقتصادي بالتضخم.
وفي هذا السياق، يقول تحليل لمركز أبحاث روسيا إن "الإنفاق والطلب في قطاعي الاستثمار والصناعة العسكرية مستمران في النمو، ولكن الصناعات المدنية لا تستطيع تلبية الطلب المتزايد الموازي للقطاع الخاص".
وهذا بالتأكيد سيفرض الاستيراد من الخارج، ويعني زيادة العطاءات بسبب التدفق المحدود للعملة الأجنبية، ما يقلل من قيمة الروبل ويجعل المنتجات أكثر تكلفة بالنسبة للسكان.
والنتيجة هي الركود التضخمي، وهي المشكلة التي تتغذى على نفسها، وتؤدي إلى إفقار الروس بشكل أكبر.
وخلٌصت الصحيفة إلى أن المال ليس المشكلة الأساسية بالنسبة للحكومة، إذ تبقى الموارد والأيدي العاملة التي تستهلكها الحرب هما التحدي الأكبر.
وفي ظل أن كل استيراد يمكن أن يفيد الحرب يأتي على حساب قطاع آخر، يبدو أن العملية تتسارع من الناحية الهيكلية، ولكن بطريقة استطاعت روسيا التكيف معها لغاية الآن.