تتردد حكومة رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو في توجيه ضربة انتقامية ضد إيران، رغم الوعيد الشديد الذي صدر عن رأس هذه الحكومة ومسؤولين فيها بأن الرد سيكون موجعا ومزلزلا، ورغم موافقة الرئيس الأميركي جو بايدن بأحقية إسرائيل في الرد على ضربة الصواريخ التي وجهتها طهران لإسرائيلي في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
غير أن المخاوف من آثار أي ضربة إسرائيلية لإيران ورد فعل من طهران كبحت جماح التهديد الإسرائيلي، وخاصة إزاء المخاوف من الآثار الاقتصادية المدمرة التي قد تنجم عن ذلك.
وفي البداية كانت خيارات الرد الإسرائيلي المتوقعة تنحصر في 3 سناريوهات:
المراقبون يرون أن إسرائيل لن تكتفي بضربة عسكرية عابرة وهو ما يستبعد السيناريو الأول، فستلجأ في الغالب لاستهداف منشآت اقتصادية، ولن تخاطر باستهداف برنامج إيران النووي. غير أن استهداف المنشآت النفطية قد يكون له عواقب ليست فقط على إيران وإسرائيل فحسب، وإنما قد تشمل منطقة الشرق الأوسط والعالم برمته.
الإسرائيليون ومن خلال تصريحات مسؤوليهم يرغبون في أن يكون ردهم على الضربة الإيرانية شديدا، وهو ما قد يفتح الباب لتوسع الصراع في المنطقة وتحول الوضع نحو حرب إقليمية تطال أطرافا عدة.
إيران أعربت عن خشيتها من استهداف إسرائيل لمنشآتها الاقتصادية، فأبلغت أميركا من خلال وسطاء بأنه في حال تم ذلك فسيكون الرد استهداف البنية التحتية الإسرائيلية.
كل التقديرات تستبعد استهداف المنشآت النووية الإيرانية لما قد يترتب عليه من رد فعل إيراني كبير جدا، إضافة لإمكانية أن يؤدي إلى تلوث نووي يشمل العديد من دول المنطقة، هذا بالإضافة إلى صعوبة أن تتمكن إسرائيل من تدمير المنشآت النووية الإيرانية التي يوجد معظمها على عمق نحو 100 متر تحت الأرض، ولا تمتلك إسرائيل الصواريخ التي يمكنها اختراق هذا العمق من التحصينات.
خيار الرد المرجح أن تستهدف إسرائيل المنشآت الاقتصادية الإيرانية وتحديدا المنشآت النفطية والغازية التي تزخر بها إيران ويعتبر المصدر الرئيسي للثروة للبلاد.
منشآت إيران النفطية منتشرة بأماكن متعددة في البلاد وتتنوع بين آبار نفط وخطوط أنابيب ومصاف ومعامل تكرير وموانئ ومحطات تصدير ومصانع بتركيميائيات. وتمتلك إيران أكثر من 208 مليارات برميل من الاحتياطيات المؤكدة. وتبلغ طاقة إيران الإنتاجية أكثر من 2.4 مليون برميل يوميا في 2023، يصدر منها نحو 1.4 مليون برميل يوميا معظمها إلى الصين.
إقدام إسرائيل على استهداف منشآت إيران النفطية سيتسبب باضطرابات اقتصادية بالغة لإيران، خاصة أنها تمر بأوضاع اقتصادية صعبة في ظل العقوبات الغربية المفروضة عليها منذ سنوات. الاستهداف الإسرائيلي قد يتجه نحو جزيرة خارك الإيرانية التي فيها المحطة المسؤولة عن نقل 90% من صادرات إيران من النفط.
في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول ذكر موقع ترانك ترانكرز -المعني بتتبع حركة السفن في البحار- أن ناقلات النفط الخام الفارغة التابعة لشركة ناقلات النفط الوطنية الإيرانية بدأت تتحرك بعيدا عن جزيرة خارك، أي أن إيران تتوقع استهداف إسرائيل للجزيرة.
لو أقدمت إسرائيل على ضرب جزيرة خارك وعطلت نشاط تصدير النفط فيها فذلك سيؤدي بشكل مباشر إلى:
هذه الإجراءات لن تضر إسرائيل بشكل مباشر وإنما ستضر أميركا والدول الغربية من خلال رفع أسعار الطاقة بشكل صاروخي.
في الثالث من الشهر الجاري نقلت رويترز عن 3 مصادر خليجية أن دولا خليجية تضغط على واشنطن لمنع إسرائيل من مهاجمة حقول النفط الإيرانية، خشية أن تتعرض منشآتها النفطية لإطلاق نار من جماعات متحالفة مع طهران.
ونقلت رويترز عن المصادر الثلاثة القريبة من الدوائر الحكومية قولها إن “دول الخليج، بما في ذلك السعودية والإمارات وقطر ترفض أيضا السماح لإسرائيل بالتحليق فوق مجالها الجوي لأي هجوم على إيران كجزء من محاولاتها لتجنب الوقوع في مرمى النيران المتبادلة، وقد نقلت ذلك إلى واشنطن”.
وتأتي تحركات دول الخليج بعد جهود دبلوماسية من جانب إيران لإقناع جيرانها في الخليج باستخدام نفوذهم لدى واشنطن، وسط مخاوف متزايدة من أن تستهدف إسرائيل منشآت إنتاج النفط الإيرانية، وفق رويترز.
وأفاد مسؤول إيراني كبير ودبلوماسي إيراني لرويترز بأن “طهران حذرت خلال اجتماعات في السعودية قبل أيام من أنها لا تستطيع ضمان سلامة منشآت النفط في الخليج إذا حصلت إسرائيل على أي مساعدة في تنفيذ هجومها”.
وقال علي شهابي المحلل السعودي المقرب من الديوان الملكي السعودي: “صرح الإيرانيون: إذا فتحت دول الخليج مجالها الجوي أمام إسرائيل، فسيكون ذلك عملا حربيا عدائيا”.
وأضاف الدبلوماسي أن “طهران أرسلت رسالة واضحة إلى الرياض مفادها أن حلفاءها في دول مثل العراق أو اليمن قد يردون إذا كان هناك أي دعم إقليمي لإسرائيل ضد إيران”.