شكلت عملية التحول التدريجي صوب استخدام وسائل الدفع الإلكتروني، نقطة تحول اقتصادية مهمة في العراق، لا سيما مع الدعم الحكومي الذي يشدد على ضرورة انتهاج هذا النوع من التعاملات في جميع الدوائر الحكومية والخاصة، الأمر الذي يصفه مختصون بـ"المهم"، مؤكدين أن التحول صوب استخدام "النقود الإلكترونية" المتمثلة ببطاقات الدفع، والتخلي عن التعامل النقدي، يحمل مزايا عدة، بضمنها القضاء على العديد من حالات الفساد، وامتصاص الكتلة النقدية المكتنزة لدى المواطنين، فضلا عن إمكانية الحد من ارتفاع التضخم بعد استخدام المبالغ البسيطة في عمليات البيع والشراء عبر نقاط البيع الإلكترونية، بحسب الصحيفة الرسمية.
ويمثل ذلك التحول الإلكتروني لاستخدام النقود في التعاملات اليومية، أهمية قصوى في التوجهات الحكومية، التي تبذل جهودا كبيرة في إتمام ذلك التوجه، لاسيما بعد أن "ألزم مجلس الوزراء في وقت سابق، المؤسسات التربوية الخاصة والجامعات والكليات الأهلية، ومحطات تجهيز الوقود والمراكز والمحال التجارية بأنواعها، والمطاعم والصيدليات والعيادات الطبية الخاصة والمذاخر ومنافذ التسويق بالجملة والمفرد كافة، وأصحاب المهن وغيرها التي تقتضي الدفع لمصلحتها في حدود أمانة بغداد ومراكز المحافظات والأقضية في أنحاء العراق جميعا، بأن يكون هناك حد أدنى من مبالغ متحصلاتها النقدية عن طريق نظام نقاط البيع الإلكتروني (POS).
وعلى الرغم من قصر الفترة الزمنية التي تقرر وفقها بشكل رسمي البدء فعليا باستخدام وسائل الدفع الإلكتروني (POS) في البلاد، غير أن" البنك الدولي يرى أن البنية التحتية لأنظمة الدفع الإلكتروني بالعراق الأفضل في المنطقة "، مشيدا خلال لقاء جمع محافظ البنك المركزي، علي محسن العلاق، بمدير مكتب البنك الدولي في العراق ريتشارد عبد النور بٰـ"إجراءات المركزي في تسهيل التحويلات المالية لشرائح مختلفة في العراق ".
وكان العلاق، قد أكد أن" البنك المركزي والحكومة يعطيان أولوية كبيرة لموضوع الدفع الإلكتروني لما له من انعكاسات اقتصادية مهمة والارتقاء بمستوى المعاملات بعيدا عن الاستخدام المفرط للنقد "، مبينا أن" الاقتصاد العراقي اقتصاد نقدي بامتياز وعملية الدفع الإلكتروني تهدف إلى تقليل درجة اقتصادية النقد بشكل كبير ".
وأضاف محافظ المركزي أن "رئيس الوزراء داعم بشكل كبير لعملية التحول للدفع الإلكتروني ويعقد اجتماعات متعاقبة ومستمرة في سبيل تعضيد الإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع، وقطعنا شوطا مهما في ترتيب الدفع الإلكتروني على مستوى الجباية والدفع في مؤسسات الدولة".
الاستغناء" التدريجي "عن النقود الورقية، يشكل وفقا لعضو جمعية الاقتصاديين العراقيين، الباحث الاقتصادي مقدام الشيباني، أهمية بالغة قادرة على تحقيق حزم من النتائج الإيجابية، لاسيما أن نشر أدوات الدفع الإلكتروني في جميع المتاجر، سيسهم في التخلي تدريجيا عن استخدام النقد، وذلك ستكون له نتائج كبيرة للاقتصاد الوطني.
كما لفت الشيباني إلى أن الحكومة منحت امتيازات لجميع أصحاب المتاجر بالإعفاء من الضريبة حال استخدام وسائل الدفع الإلكتروني، وهذا يشكل حافزا مهما، مشيرا في الوقت ذاته إلى ما وصفها بـ"النقطة الجوهرية "التي يمكن أن تحققها عملية الدفع الإلكترونية،
وأوضح إمكانية امتصاص قرابة 92 % من الكتلة النقدية المدخرة في المنازل بعد التحول التام صوب التعامل الإلكتروني للعملة، إذ سيتمكن الجهاز المصرفي من استثمارها في دعم المشاريع الإنتاجية التي تسهم في استمرار دورة المال وتقليل نسب التضخم وأيضا تسهم وبنسبة عالية في القضاء على الروتين والفساد في مؤسسات الدولة، مشددا على ضرورة إصدار قرارات عقابية على المؤسسات والجهات العامة والخاصة المتلكئة في تنفيذ ونشر أدوات الدفع الإلكترونية.
يذكر أن رابطة المصارف الخاصة أحصت في تصريح للوكالة الرسمية أعداد أجهزة الدفع الإلكتروني وبطاقات الدفع خلال عام 2023، مؤكدة أن هذا الموضوع يشهد تحولا كبيرا.
وقال المدير التنفيذي لرابطة المصارف، علي طارق: إن" ملف الدفع الإلكتروني يسير بتقدم مستمر بفضل دعم وتوجيهات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والإصرار الحكومي على تحقيق هذا الهدف حفز جميع المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة أو المؤسسات المالية بالتعاون في مجال توفير أدوات الدفع الإلكتروني للمواطن عبر القطاعين العام والخاص ".
وأشار إلى أنه" بعد صدور قرار مجلس الوزراء بتعميم الدفع الإلكتروني العام الماضي تحقق تقدم كبير جدا وقفزة بما يتعلق بأعداد نقاط البيع سواء في القطاع الخاص أو الحكومي، إذ ارتفعت خلال نصف سنة فقط من نحو 7 آلاف جهاز إلى 24 ألف جهاز في نهاية العام نفسه 2023 "، متوقعا،" زيادة أعداد أجهزة الدفع الإلكتروني بشكل أكبر خلال عام 2024 ".
ولفت إلى أنه" تم إصدار ما يقارب مليونان ونصف المليون بطاقة في عام 2023 بين بطاقات مسبقة الدفع أو بطاقات مرتبطة بحساب لتفعيلها بهذا المجال ".