يقف العراق على أعتاب مشروع عملاق لنقل الغاز من قطر ودول الخليج إلى تركيا ودول أوروبا والشرق الأوسط عبر ربط البصرة بالأراضي التركيَّة من خلال مشروع "طريق التنمية" للشحن البرّي والبحري.
وأكدت أبحاث أجراها خبراء ومتخصصون أنَّ مشروع "طريق التنمية" يشجِّع على أن يكون العراق الأرض الرئيسة لمدِّ أنابيب الغاز العملاقة، فيما شدَّدت تلك الأبحاث على ضيق الوقت وضرورة البدء بالمشروع من الآن.
وقال عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية النيابية، ضرغام المالكي، إنَّ "العراق الآن يحتل مراكز الصدارة بالإمكانيات الخاصة بالإنشاء والبناء والربط، خصوصاً مع الطاقات والوفرة المالية التي يمتلكها".
وبيّن أنَّ "جميع الدول التي تتبنى مشاريع كهذه تستعين بشركات عالمية مختصة بهذا المجال"، مشيراً إلى أنَّ "معظم الدول التي تتمتع بالازدهار الاقتصادي الآن بنتها دول وشركات ذات خبرة، والعراق بإمكانه الاستعانة بالشركات لإنشاء أيِّ مشروع سواء نقل الغاز أو غيره من المشاريع الاقتصادية".
وفي وقت سابق، استعرض تقرير نشره "المركز العالمي للدراسات التنموية" خيارات قطر والاتحاد الأوروبي لزيادة صادرات الغاز التي تأثرت إمداداتها من روسيا بسبب الحرب الأخيرة مع أوكرانيا.
وكان مصدر مسؤول أكد، أنَّ "العراق يمتلك جميع الإمكانيات لتبني مشروع نقل الغاز الخليجي إلى تركيا، ولا توجد أي صعوبة أمامه لتنفيذه".
ولفت المصدر إلى "ضرورة الابتعاد عن البيروقراطية والروتين الذي يُعطّل العمل"، مبيناً أنَّ "العراق يمتلك إمكانيات بشرية كبيرة وهائلة، فضلاً عن الموارد الطبيعية والفنية، وبالاستعانة بالشركات الكبرى لإتمام المشاريع."
من جانبها، قالت رئيس لجنة النقل والاتصالات النيابية، زهرة البجاري، إنَّ "مشروع (طريق التنمية) تتبناه الآن شركة استشارية مختصة تدرس الجدوى الاقتصادية والأمور التنموية التي تُبنى مع الطريق، ومن المؤكد أنَّ موضوع نقل الغاز سيكون أحدها".
وتابعت أنه "حتى الآن الموضوع قيد دراسة ننتظر نتائجها، وأنَّ الإمكانيات والمساحة موجودة لأنَّ الطريق سيضم مدناً صناعية وسكنية وجملة أمور مختلفة، وأنَّ وزارة النفط ستكون لها حصة من هذا الطريق".
ولفتت البجاري إلى "مقترح قطري بنقل الغاز عن طريق ناقلات الغاز وليس عن طريق الأنابيب، إذ إنَّ هناك فرصة ليتم نقل الغاز عبر (طريق التنمية)، إلا أنَّ تأكيد طريقة النقل والاتفاق عليها لم يتم بعد".
وأعرب خبراء ومتخصصون عن أملهم في تنفيذ مشروع "طريق التنمية" بوقت قريب لما سيعود به من فوائد للعراق والمنطقة، وقال مؤسس منصة دراسات الشرق الأوسط وأوراسيا وآسيا والمحيط الهادئ "ODAP" علي سمين: إنه مع اندلاع الحرب بأوكرانيا فإنَّ روسيا "فقدت مكانتها مورّداً موثوقاً للطاقة"، في حين أنَّ "الجهات الفاعلة الأوروبية تراجع ستراتيجياتها لتأمين احتياجاتها من الطاقة".
ولفت إلى اندلاع جدل عالمي بشأن سبل إيصال الغاز الطبيعي المسال القطري إلى أوروبا حينما بدأت الحرب الروسية الأوكرانية في شباط 2022، وقال: "ميناء الفاو الكبير يقدم نفسه بديلاً أفضل لنقل الغاز القطري إلى أوروبا عبر الأراضي العراقية، وذلك نظراً لجدواه الاقتصادية بمسار أقصر".
كما يزيد ميناء الفاو الكبير، وفق سمين، "إمكانات تركيا لتصدير الطاقة"، قائلاً: "تركيا يمكن أن تنقل موارد الطاقة العراقية إلى الأسواق العالمية وتلعب دوراً فاعلاً في تجارة الطاقة".
من ناحيته، قال الخبير في شؤون العراق بمركز دراسات الشرق الأوسط "ORSAM" واثق السعدون: إنَّ "تركيا، بخطوط نقلها المتطورة، ستكون بوابة العراق إلى أوروبا، وبالتالي سيشكل البلدان جسراً بين أوروبا وآسيا".