مع تعمق ظاهرة الركود التضخمي، تصاعدت اتجاهات الممارسة التنموية للبنوك المركزية وبرزت اهمية السياسة النقدية بمفهومها الحديث في تركيزها على احداث المرونة اللازمة لصياغة الاستهداف الاستراتيجي تحفيزا للنمو وتحقيقا للاستقرار المالي والنقدي، لذا تبلورت السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي غيرالتقليدية المعوضة لجزء من الاختلال الحاصل في السياسة الاقتصادية الكلية بغية تحريك النشاط لاحداث التأثير في الدورة الاقتصادية واعادة التخصيص وتوزيع الدخل بما يتلائم مع التحفيز والدعم الاقتصادي والاجتماعي في رؤية مدعومة من تجارب دولية، وباتجاه المحورين الآتيين:
التأكيد على دورالسياسات التقليدية سعرالفائدة وسعر الصرف في مواجهة التضخم والحد من الآثار السلبية لارتفاع المستوى العام للاسعار.
الدخول في سياسة غير تقليدية، لتحفيز النمو وبلوغ الاستقرار المالي والنقدي، التوازن بين التنمية الاقتصادية، واعطاء جرعات منشطة للاقتصاد .
ضرورة التنسيق بين السياسة النقدية التقليدية وغيرالتقليدية.
فمنذ اتجاه سياسة البنك المركزي لبناء شراكات دولية منذ العام 2015 مع كبريات المؤسسات التنموية كالوكالة الألمانية للتعاون الدولي (giz) مثلا، لتلبية احتياجات وأولويات التمويل الفعلي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في العراق.
لذا جاء اعلان محافظ البنك المركزي الدكتورعلي العلاق،عن الاستراتيجية الوطنية للإقراض، التي سترى النورمطلع العام المقبل 2024،ليكشف عن تأسيس مصرف ( ريادة ) الذي سيمثل البنية التحتية المصرفية لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ، باكثر من 12 مليار دولار .والتي تتوزع بين تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والقروض السكنية والطاقة المتجددة والمشاريع الاقتصادية الأخرى، في مجالات زراعية وصناعية وخدمية،اذ يبلغ ما تسهم به بنسبة % 30 من الائتمان الإجمالي للقطاع الخاص.حيث تهدف إلى تسهيل الاقراض المصرفي بمختلف أشكاله بما يؤدي الى ايجاد علاقة وثيقة بين ادوات سياسة البنك المركزي غير التقليدية واهدافه النهائية، بمعنى تعزيز آلية انتقال اثر السياسة النقدية غيرالتقليدية الى النشاط الكلي من طريق رفع مستويات العرض الكلي المعوض للاستيراد ولاسيما في النشاطات المستهدفة في قطاع الخدمات والصناعة والزراعة لتنشيط الطلب الكلي في حلقة الدخل .
وفي ظل ماتبلور من سياسات الدعم التنموية لتحفيز الاقتصاد من الركود ،فان من المتوقع ان تستهدف السياسة الجديدة التوسع في منح القروض ومنح التسهيلات في ظل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ضمن البرنامج التنموي غير التمويلي الذي يستهدف الدعم الفني والاستشاري للاصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة العراقية، ولاسيما بعد ابداء الخزانة الاميركية في نيسان الماضي مرونة واستعدادا لمساعدة البنك المركزي العراقي والمالية العراقية في تحقيق الاهداف الاستراتيجية للسياسة الاقتصادية الكلية.
لذا فان من مصلحة الاقتصاد العراقي النامي تحفيز الاستثمار قصير ومتوسط الاجل وربطه بنطاقات الاستثمار طويل الاجل عبر ضخ القروض الاستثمارية وفقا لسياسة نقدية توسعية محددة الاهداف الاقتصادية والاجتماعية ، نظرا الى ان اشكالية الاقتصاد العراقي تكمن في انخفاض مستويات النمو للناتج المحلي الاجمالي غير النفطي بسبب الانخفاض الحاد في مرونة القطاع الحقيقي وانعدام كفاءة السوقين المالي والنقدي.
ان تقييم الافادة من سياسة التوسع النقدي الساندة لبرنامج التدخل الحكومي الاصلاحي من اجل دفع الاقتصاد على مسار النمو والاستقرار، لايمكن بلوغه الا بعد تشخيص رؤية رباعية الاهداف اللازمة لنجاح برنامج الاصلاح الحكومي وفاعلية السياسة غير التقليدية للبنك المركزي، وكالآتي:
ضمان غايات سياسة التمويل ان تكون في مسار تطوير الطاقة الانتاجية المحلية في القطاعات المستهدفة مما يخفض من أثر اختلال السياسة الكلية ويزيد من مرونة الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي ما يخفض من الانفاق الحكومي ويحد من الضغط الكلي التضخمي بنفس القدر.
ربط المؤشرات الاقتصادية للاستراتيجية المذكورة باستخدام الاهداف العامة عبر مؤشراتها الكلية من الناتج غير النفطي والنمو الاقتصادي والتشغيل والتضخم والاستقرارونمو وتراكم رأس المال الخاص، فضلا عن تحريك السوقين المالية والنقدية.
ضمان انتاجية الاموال الممنوحة للقطاع المصرفي الخاص وتوخي ارتباطها بعلاقة وثيقة باستخدام تلك الاموال في تلبية متطلبات الاستثمار في فروعه الانتاجية والخدمية ذات الارتباط الوثيق مع مشاريع الاجل الطويل، بغية تركيز قنوات الاستثمار طبقا لمتطلبات النمو والتنمية.
تتبع حلقات الادارة المصرفية ومفاصل الاحالة الادارية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وكل ماله انعكاس سلبي على قوة التنفيذ سواءا مدة انجاز المشروع أوانتاجيته، فعلى سبيل المثال لا الحصر فحص قنوات الاستيراد الناجم عن هذه المشاريع ومحاولة تدعيم قطاع المقاولات المرتبط بها وتعزيز كفاءة اداءه .