إصلاح القطاع المصرفي في رؤية رئيس الوزراء والبنك المركزي

في إجابته على رؤية وبرنامج الحكومة للإصلاح المالي والمصرفي أشار رئيس مجلس الوزراء عند استضافته في منتدى العراق إلى ضعف القطاع المصرفي الحكومي والخاص .

وأكد على دور الحكومة والإدارة الجديدة للبنك المركزي في السيطرة على سعر صرف الدينار وتعافيه مقابل الدولار الأميركي وإعادته إلى نقطة التوازن في سوق تداول العملة الأجنبية، وفي قراءة تحليلية لحديث رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي في المنتدى يمكننا القول إن القطاع المصرفي العراقي يعاني قبل وبعد 2003 من تحديات ومعوقات عمل كبيرة لأسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي غير المستقر وأسباب ذاتية تتحملها المصارف من حيث إدارة العمل المصرفي وضعف النشاط وقصور الخدمات والمنتجات التي تقدمها للجمهور، وقد ترسخ ذلك خلال الأزمات الاقتصادية التي عاني منها العراق منذ عدة سنوات فنلاحظ بأن أغلب المصارف تواجه ضعفاً في القيام بالمهام والخدمات المصرفية التي تتعلق بالمساهمة في التنمية الاقتصادية وتحقيق النمو الاقتصادي من خلال النشاط الأساسي للمصارف وهو التمويل والاستثمار وجذب الودائع وفي منح الائتمان النقدي وفتح الاعتمادات المستندية وإصدار الحوالات الداخلية والخارجية وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالاعتماد على قدراتها المالية الذاتية وانما كان اعتمادها بشكل رئيسي على مبادرة البنك المركزي لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وبالتالي اقتصر نشاط هذه المصارف على المشاركة في نافذة بيع العملة التي يقوم به البنك المركزي يومياً بما يعرف التعقيم النقدي وبهدف توفير الدينار العراقي لوزارة المالية، وتغطية التجارة الخارجية وبهدف المحافظة أيضاً على استقرار سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي، مما ساعد على حصول المصارف على مردودات مالية مضمونة بسبب الفرق بين السعر الرسمي للدولار وسعر السوق الموازي.

ولكي يتم تحفيز المصارف وتمكينها وفقاً للفقرة 7 من المادة اثني عشر من المنهاج الحكومي وخطة البنك المركزي لإصلاح وتطوير المصارف على القيام بواجباتها المنصوص عليها في قانون المصارف والتعليمات واللوائح الإرشادية والتنفيذية النافذة الصادرة عن البنك المركزي وفقاً للملامح الاستراتيجية الجديدة لإعادة تقييم المراحل التي مر بها العمل المصرفي وفق رؤية الإدارة الجديدة تعتمد تقييم وتصنيف وإصلاح المصارف بما يساهم في انتظامها في النظام المالي والمصرفي العالمي بالالتزام بالمعايير الدولية في مكافحة غسل الأموال والامتثال واعتماد البنوك المراسلة الرصينة للوساطة التجارية والمالية بين المستوردين والمصدرين (المستفيد النهائي والحقيقي).

وأن تطبيق وخدمة الاقتصاد الوطني والزبائن يستلزم القيام بتعزيز وتسريع الخطوات باتجاه إصدار الاستراتيجية الوطنية للإقراض وإطلاق استراتيجية الشمول المالي والشروع بتنفيذ مشاريع البنى التحتية الخاصة بتفيذ المشاريع التطويرية للدفع الالكتروني والانتقال من مجتمع النقد إلى مجتمع اللا نقد وفق فترة زمنية محددة، وبما أن الجهات المنفذة لسياسات وخطط البنك المركزي هي المصارف لذلك يتطلب اتخاذ الخطوات اللازمة لإعادة المراجعة والتقييم وتصنيف المصارف الخاصة وهيكلة المصارف الحكومية وفقاً للدراسات المعدة سابقاً مع المنظمات الدولية المختصة، ولا بد من الإشارة إلى أن هناك معايير قياسية دولية خاصة لتصنيف البنوك المركزية متفق عليها في أغلب الدول كالسيطرة على التضخم والنمو الاقتصادي والثبات النقدي والاستقلالية ومدى تحقيق الأهداف الاقتصادية.

ولأن البنوك المركزية تخضع للتصنيف وبما أنها هي التي تراقب وتشرف على المصارف، إذاً يجب أن يكون تصنيف المصارف وفقاً لمعايير قياسية دولية معتمدة في أغلب الدول ومن قبل وكالات التصنيف العالمية المعتمدة، والتركيز على المصارف التي لم يتم تصنيفها لحد الآن وهي تشكل النسبة الكبيرة والتي تتجاوز 70% من عدد المصارف الكلي، كذلك تأهيل المصارف المتعثرة بإدماجها أو تصفيتها.

ونقترح هنا استحداث قسم أو شعبة في إدارة الجودة الشاملة للتحليل المالي وتقييم المصارف باعتماد معايير قياسية محاسبية للتقييم الفصلي والنصف سنوي والسنوي إضافة لما معمول به حالياً في التصنيف الدولي (CAMELS) والذي يستند في التقييم والتصنيف إلى معايير رأس المال والأصول والسيولة والربحية وإدارة المخاطر، ولكن نظراً لخصوصية العمل المصرفي في العراق يتطلب تكليف القسم المقترح استحداثه للقيام، بإعادة التقييم والتصنيف باعتماد معايير قياسية إضافية تنسجم مع الواقع العراقي كاعتماد نتائج الأعمال للمصارف والحسابات الختامية والتركيز على تحليل الموجودات والإيرادات والمصروفات وكفاية رأس المال ومؤشرات توظيف الأموال والائتمان النقدي الممنوح وتوزيعه القطاعي ونسبة العائد إلى رأس المال والعائد على الموجودات ونسبة السيولة ومدى التزام المصارف بالتعليمات المصرفية النافذة وبشكل خاص الالتزام بمبادرة البنك المركزي لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وعدم خروجها عن أهدافها الأساسية واستحصال الديون المتعثرة والالتزام باتفاقية بازل 2و3 وإدارة مخاطر الائتمان والسيولة والتشغيل والسوق.

وملاحظة مهمة أخرى يجب توضيحها هي ضعف رساميل المصارف بما أدى إلى نقص وفوراتها وضعف سيولتها وطاقتها الائتمانية - بافتراض أن المصرف قد استكمل الحد الأدنى لرأس المال وهو 250 مليار دينار، علماً أن بعضها قد تعرضت رساميلها للتآكل بسبب مشاكل إدارة ائتماناتها. المقترح في هذه الحالة ليس فقط العمل على إعادة تقييم رؤوس أموالها أو استكمالها فحسب، وانما رفع الحد الأدنى لها إلى 50% على الأقل من رأسمالها الحالي وبقرار من مجلس إدارة البنك المركزي، وأن هذه الخطوة  ستمكنها من إعادة هيكلتها وزيادة وفوراتها وتعزيز طاقته الائتمانية لأن اقتصادنا بحاجة إلى مصارف كبيرة تنشط الدورة الاقتصادية وتحرك النشاط الائتماني وتُدار بإدارة مصرفية مهنية مستقلة عن مالكيها وفق المفهوم الحديث لإدارة المصارف.

وبوسع البنك المركزي منح المصارف الجيدة مدة مناسبة للقيام بتعزيز رؤوس أموالها بصورة تدريجية .


مشاهدات 1797
أضيف 2023/05/07 - 10:21 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 15158 الشهر 65535 الكلي 11419866
الوقت الآن
السبت 2024/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير