برنامج حكومة السوداني انتقال من الجمود الى الحركة

د. هيثم حميد مطلك المنصور    

بعد تشكيل الحكومة الجديدة ونجاحها في الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي وإبعاد العراق عن الفوضى والاقتتال الداخلي، هاهي تسعى مرة أخرى لفرض القانون وبناء الدولة واصلاح الاقتصاد من خلال تبنيها لمنهج يستهدف الحركة بديلا عن الجمود .

ان الخطوات الاخيرة التي اتخذها دولة رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني تجاه تحريك الاقتصاد من الجمود الذي تراكم في الامدين القصير والمتوسط  ولاسيما في مفاصل السياسة النقدية والمالية ذات البعد الحيوي، والتي كان الهدف منها تقويم مسار الادارة والاداء عبر رؤية اقتصادية تستهدف الاستقرار والنمو، ما هي الا دليل واضح على المنهج الذي تتصدى من خلاله الحكومة لمعالجة الخلل وتقويم الاخطاء .

لذا فقد مارست الحكومة في القطاعين المذكورين منذ نهاية كانون الثاني من العام الحالي، دورها الداعم للاستقرار وكبح التضخم طبقا لاجراءات البنك المركزي المالية والنقدية لزيادة مرونة عرض النافذة من الدولار سواء في العمل المصرفي، عن طريق استخدام الادوات الرقابية والتعاون الداخلي والخارجي لمكافحة نشاطات غسيل الأموال عبر المنصة الالكترونية وغيرها من الاصلاحات المصرفية، فضلا عن الاصلاحات  الضريبية المؤازرة التي اتخذتها وزارة المالية لتسهيل عمليات الاستيراد وتعزيز الرقابة على المنافذ الحدودية.

 مما يفسر المرونة  التي سهلت سير حركة عمليات التحويل الخارجي لتمويل الاستيراد والنشاطات الاقتصادية الاخرى وخففت من حدة ارتفاع  سعر صرف الدولار، وبالفعل فقد ظهرت استجابة واضحة من سعر صرف الدولار تجاه تلك الاجراءات،  حينما أخذ  بالنزول التدريجي ، الى ان تراجع هذه الايام الى عتبة  1450 دينارا للدولار الواحد بعد ان تخطى عتبة 1600 دينارا بكثير وقت الازمة ، والمتوقع استمرار فاعلية تلك الاجراءات والعمليات الرقابية لتعديل اخطاء السياسة النقدية التي وقعت فيها الحكومة السابقة، ومن ثم الوصول الى سعر صرف الدينار عند المستهدف  وهو 1350 دينار للدولار الواحد ،الذي بدوره من الممكن ان يحقق الاستقرار السعري ويزيد من القيمة الحقيقية للدينار ويبعد النشاط الاقتصادي عن الآثار السلبية لارتفاع مستويات التضخم، في الامدين القصير والمتوسط.

ان استعادة الحكومة لقدرتها على تنفيذ القانون في العديد من القطاعات  فضلا عن القطاع المالي والنقدي، يمثل فعلا استراتيجيا في اطار المناخ المالي المستقرالمعززللاستثمار المؤدي الى الاستقرار وتحفيز النمو الذين يستهدفهما البرنامج الحكومي، ومع وضوح تاثير الفعل الحكومي لابد من تركيز وتنسيق السياسات الكلية تجاه معالجة اشكالية المركب الريعي، تلك الظاهرة التي تعمل على تحويل اتجاه ناتج النشاط الاقتصادي الى خارج الاقتصاد ، مما يكرس من تشوه نمو رأس المال الوطني لصالح تزايد العجز المالي الحكومي وارتفاع ضغوط الانفاق العام ومستويات التضخم وتآكل القوة الشرائية، فعلى الرغم من ضخامة العوائد النفطية فلانرى انعكاسا لها  في واقع النمو والاستثمار حيث تشهد حركة الاستيراد ارتفاعا كبيرا مع دول الجوار وغيرها لتأمين متطلبات الحياة بمختلف السلع والخدمات تعويضا عن الانخفاض الحاد في الناتج المحلي الاجمالي غير الريعي ولاسيما  للقطاع الخاص على الصعيد الصناعي والزراعي والخدمي، مما يضعف من التراكم الراسمالي ومنه محدودية  الارصدة المخصصة للاستثمار وعدم جدواها اقتصاديا.

لذا نرى ان من شرط الكفاية للبرنامج الاقتصادي للحكومة الحالية، لابد ان ينطلق من  معالجة ريعية الاقتصاد والمضي في اصلاح الاختلال في هيكله العام، عبر تنمية القطاع الحقيقي والسلعي من خلال سياسات صناعية وزراعية وتجارية قصيرة الاجل و متوسطة وطويلة الاجل تسعى الى تخفيف حدة الاستيراد لصالح دعم وتحفيز نمو القطاع الانتاجي  في مختلف قطاعات المشاريع المهمة ذات النفع العام ، التي من الممكن ان  تستند الى عقود شراكات  تنموية في الاستثمار الاجنبي تجاه العديد من الدول الرائدة في هذا المضمار كالصين والمانيا وفرنساوغيرها.


مشاهدات 1960
أضيف 2023/04/12 - 3:55 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 18182 الشهر 65535 الكلي 11459215
الوقت الآن
الإثنين 2024/11/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير