وكالة الإقتصاد نيوز

إيكونيميست: فاتورة الفائدة العالمية تصل إلى 13 ترليون دولار وهي في تزايد مستمر


 

أشارت مجلة "إيكونيميست" في مقال لها، إلى ارتفاع أسعار الفائدة، بعد فترة من الراحة النسبية في العقد الأخير حيث كانت أسعار الفائدة بالكاد تتزحزح، سبباً في دفع مسؤولي البنوك المركزية إلى العمل.

وفي الواقع، فإن صناع القرار نادراً ما كانوا بمثل هذا الانشغال من قبل. ففي الربع الأول من عام 2021، كان متوسط أسعار الفائدة في عيّنة من 58 اقتصاداً غنياً وناشئاً 2.6٪ وليقفز هذا الرقم، بحلول الربع الأخير من عام 2022، إلى 7.1٪. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي الديون في هذه الاقتصادات نحو 298 تريليون دولار أو 342٪ من ناتجها المحلي الإجمالي المشترك، مرتفعاً من 255 تريليون دولار أو 320٪ من ناتجها المحلي الإجمالي قبل جائحة كوفيد-19، بحسب المجلة.

ولفتت المجلة إلى أنه كلما ارتفعت مديونية العالم كلما ازدادت حساسيته لارتفاع أسعار الفائدة.

وفي محاولة لتقييم أثر المديونية وارتفاع أسعار الفائدة، قدرت المجلة فاتورة الفائدة للشركات والأسر والحكومات في هذه الاقتصادات (التي تمثل مجتمعة أكثر من 90٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي) بـ 10.4 تريليون دولار أو 12٪ من إجمالي الناتج المحلي مجتمعة في عام 2021، ولكنها ارتفعت بحلول عام 2022 إلى 13 تريليون دولار أو 14.5٪ من إجمالي الناتج المحلي.

ونوهت المجلة إلى أنه في الحسابات التي أجرتها فأن ارتفاع أسعار الفائدة لا يؤدي إلى رفع تكاليف خدمة الديون على الفور، باستثناء تكاليف الديون ذات أسعار فائدة عائمة، مثل العديد من القروض المصرفية الليلية.

وتفترض المجلة أن ارتفاع أسعار الفائدة يتغذى على مدى خمس سنوات للدين العام، وعلى مدى عامين للأسر والشركات. حيث يميل استحقاق الدين الحكومي إلى أن يكون في حدود خمس إلى عشر سنوات، بينما تميل الشركات والأسر إلى الاقتراض على أساس الأجل الأقصر.

وفي توقع لما يمكن أن يحدث خلال السنوات القليلة المقبلة، يستجيب المقترضون الحقيقيون لأسعار الفائدة المرتفعة عن طريق خفض الديون لضمان عدم خروج مدفوعات الفائدة عن السيطرة. ومع ذلك، تظهر الأبحاث التي أجراها بنك التسويات الدولية، وهو منظمة للبنوك المركزية، أن ارتفاع أسعار الفائدة يرفع مدفوعات الفائدة على الديون بالنسبة للدخل، أي أن خفض المديونية لن ينفي تماماً ارتفاع التكاليف. وبالتالي، فإننا نفترض أن الدخل الاسمي يرتفع وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي وأن نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ستظل ثابتة. وهذا ما يعني عجزاً سنوياً في الميزانية بنسبة 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل مما كان عليه قبل الجائحة.

ويشير تحليل المجلة إلى أنه إذا اتبعت أسعار الفائدة المسار المسعّر في أسواق السندات الحكومية، فإن فاتورة الفائدة ستصل إلى حوالي 17٪ من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2027. وفي حال قررت الأسواق أن تستهين من شأن مقدار التقشف الذي تخبئه البنوك المركزية سنجد أن نقطة مئوية أخرى، بالإضافة إلى تلك التي حددتها الأسواق، سترفع الفاتورة إلى 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ومثل هذه فاتورة الفائدة ستكون كبيرة، ولكنها ليست الأولى من نوعها، فقد تجاوزت تكاليف الفائدة في أمريكا 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأزمة المالية العالمية من 2007-2009، والازدهار الاقتصادي في أواخر التسعينيات، وآخر انفجار للتضخم في الثمانينيات. ومع ذلك، فإن متوسط فاتورة فائدة بهذا الحجم من شأنها أن تخفي اختلافات كبيرة بين الاقتصادات. على سبيل المثال، سوف تواجه حكومة غانا نسبة الديون إلى الإيرادات تتجاوز 6% وعائدات سندات حكومية تبلغ 75%ـ وهو ما يعني بكل تأكيد تقشف كبير في الإنفاق الحكومي.

وتشير المجلة إلى أن التضخم قد يخفف العبء إلى حد ما عن طريق زيادة الإيرادات الضريبية الأسمية ودخول الأسر المعيشية وأرباح الشركات، حيث انخفضت في عام 2021 الديون العالمية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من ذروتها البالغة 355٪ لكن هذا التخفيف قابله حتى الآن ارتفاع كبير في أسعار الفائدة. في أمريكا، على سبيل المثال، تبلغ أسعار الفائدة الحقيقية المقاسة بالعائد على سندات الخزانة المحمية من التضخم لمدة خمس سنوات 1.5٪ مقابل متوسط 0.35٪ في عام 2019.

وتصنف المجلة الأسر والشركات والحكومات في عينة من 58 دولة وفقاً لمتغيرين: نسب الدين إلى الدخل والزيادة في أسعار الفائدة خلال السنوات الثلاث الماضية.

وخلصت المجلة إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالأسر، فإن الديمقراطيات الغنية، بما في ذلك هولندا ونيوزيلندا والسويد، تبدو أكثر حساسية لارتفاع أسعار الفائدة. إذ لدى هذه البلدان الثلاثة مستويات ديون تقارب ضعف الدخل المتاح لشعوبها، وشهدت عوائد السندات الحكومية قصيرة الأجل ارتفاعاً بأكثر من ثلاث نقاط مئوية منذ نهاية عام 2019. ومع ذلك، فإن البلدان الأقل جهوزية لارتفاع أسعار الفائدة قد تواجه في الواقع صعوبات أكبر من نظيراتها الأكثر مديونية. الرهون العقارية في هولندا، على سبيل المثال، غالباً ما يكون لها معدلات ثابتة على المدى الطويل، وهذا يعني أن الأسر في البلاد ربما تكون محمية بشكل أفضل من سعر الفائدة الذي يوحي به تصنيفنا. وفي بلدان أخرى، على النقيض من ذلك، عادةً ما يكون لدى الأسر قروض ذات أسعار فائدة ثابتة قصيرة الأجل أو تقوم بالاقتراض بشروط مرنة. في السويد مثلاً، الرهون العقارية ذات السعر العائم تشكل ما يقرب من ثلثي الأسهم، مما يعني أن المشاكل قد تظهر بسرعة أكبر. أما في الاقتصادات الناشئة، فإن البيانات غير دقيقة. وعلى الرغم من انخفاض نسب الدين إلى الدخل، فإن هذا يعكس جزئياً صعوبة الحصول على ائتمان رسمي. وبما يخص عالم الأعمال، وفي 33 بلداً من البلدان الـ 39 التي لدينا بيانات عنها أدى ارتفاع الطلب الاستهلاكي إلى رفع الأرباح حيث انخفضت نسبة الدين إلى إجمالي الربح التشغيلي في العام الماضي. في الواقع، هناك أجزاء من العالم تبدو قوية بشكل مفاجئ. فإن الهند، على الرغم من الخسائر العنيفة لمجموعة "أداني" التي تواجه الآن ضغطاً من قبل البائعين على المكشوف، تحقق نتائج جيدة وذلك بفضل نسبة الدين إلى الدخل المنخفضة نسبياً والبالغة 2.4 بالإضافة إلى ارتفاع طفيف في أسعار الفائدة.

أما بما يخص الشركات، فما تزال الظروف المالية الصارمة وأعباء الديون الكبيرة أكثر مما يحتمل بالنسبة لبعض الشركات. حيث تشير شركة S&P Global، وهي شركة أبحاث، أن معدلات التخلف عن السداد على ديون الشركات الأوروبية من الدرجة المضاربة ارتفعت من أقل من 1٪ في بداية عام 2022 إلى أكثر من 2٪ بحلول نهاية العام. الشركات الفرنسية بالتحديد مثقلة بالديون، حيث تبلغ نسبة الدين إلى إجمالي الربح التشغيلي ما يقرب من 9% وهو أعلى من أي بلد باستثناء لوكسمبورغ. أما روسيا، المعزولة عن الأسواق الخارجية، فقد شهدت ارتفاعاً في العوائد قصيرة الأجل. وقد تواجه المجر، والتي رفع بنكها المركزي أسعار الفائدة بسرعة لحماية عملتها، فاتورة فائدة كبيرة بالنسبة لحجم اقتصادها.

وبما يتعلق بالدين الحكومي وهو الأكثر أهمية، يقول داليب سينغ، مدير أصول من شركة PGIM، إن "أحد المتغيرات التي يجب مراقبتها هو علاوات المخاطر على الديون (تتطلب أسواق العائد الإضافي الاحتفاظ بسندات بلد ما بالإضافة إلى العائد على الخزانة الأمريكية)". والواقع أن حكومات العالم الغنية تبلي بلاء حسناً في أغلب الأحوال فيما يخص هذا الإجراء. لكن إيطاليا، التي شهدت واحدة من أكبر الزيادات في عائدات السندات بين دول منطقة اليورو في عينتنا، ما تزال تحت الخطر خاصةً مع تشديد البنك المركزي الأوروبي لسياسته التي أثارت مخاوف افتعال أزمة، بعد أن توقف عن شراء السندات السيادية، وأعلن عن تقليص ميزانيته العمومية بدايةً من شهر مارس.

أما الاقتصادات الناشئة فأنها آخذة بالاقتراض بشكل متزايد بعملاتها الخاصة، فيما ستكون الاقتصادات التي تعاني من قروض أجنبية بحاجة إلى المساعدة. وعلى سبيل المثال، الأرجنتين، والتي تقع بالقرب من قمة هذه التصنيف، قد تخلفت بالفعل عن سداد ديونها الخارجية في عام 2020. إذ توصلت مؤخراً إلى اتفاق إنقاذ، والذي سوف يتطلب تشديد إجراءات التقشف مع صندوق النقد الدولي بشكل غير مريح. وتحاول مص، التي لديها عائدات سندات حكومية متوسطة الأجل تزيد بنحو أربع إلى خمس نقاط مئوية عن مستويات ما قبل الجائحة، ألا تحذو حذوها. أما غانا، التي انضمت مؤخراً إلى الأرجنتين في المعسكر المنكوب، تشرع الآن في تشديد القيود المالية والنقدية في محاولة لتأمين الدعم من صندوق النقد الدولي.

 


مشاهدات 1294
أضيف 2023/03/02 - 1:11 PM
تحديث 2024/03/29 - 12:58 AM

طباعة
www.Economy-News.Net