ضاعفت مختلف الجهات الحكوميَّة تحركاتها الهادفة إلى مواجهة ارتفاع الأسعار الناجم عن زيادة سعر صرف الدولار، لاسيما أنَّ العراق يعتمد بشكل رئيس على المواد المستوردة التي ارتفعت تكاليفها نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار، ففيما كشفت وزارة التجارة عن وضعها خطة واسعة لتوفير مختلف المواد الغذائية لما بعد شهر رمضان المبارك بهدف منع الاحتكار، يرى مختصون بالشأن الاقتصادي، أهمية عودة "التجارة الحكومية" ودخول المؤسسات الرسمية المختصة في عملية تنافس مع القطاع الخاص بغية السيطرة على الأسعار.
وشهدت معظم أسعار السلع المنزلية والمواد الغذائية ارتفاعات ملحوظة في الأوقات السابقة، الأمر الذي أكدته وزارة التخطيط التي أعلنت ارتفاع معدلات التضخم، والناجم بشكل رئيس عن ارتفاع سعر صرف الدولار الموازي الذي يعتمده المستوردون لتمويل بضائعهم.
الناطق الإعلامي لوزارة التجارة محمد حنون كشف في حديث لـ"الصباح" وتابعته "لاقتصاد نيوز"، عن "تكثيف الجهود لضخ كميات كبيرة من الطحين وبيض المائدة والدجاج لمنافذ البيع المباشر، وأنَّ الخطوة تأتي تنفيذاً لتوجيهات مجلس الوزراء، وتفعيلاً للأدوات التي من شأنها خلق استقرار سعري في الأسواق المحلية ومحاربة الاحتكار".
ولفت حنون إلى أنَّ تلك الخطة ستستمر لما بعد شهر رمضان المبارك، وهي بداية لخطوات ستقوم بها وزارة التجارة في المستقبل القريب تتضمن توزيع مواد أخرى تشمل اللحوم والأسمالك والأجبان وستكون بمتناول المواطن بأرخص الأسعار".
وأضاف حنون أنَّ "منافذ وزارة التجارة قامت بضخ كميات كبيرة من بيض المائدة وبيعها بأسعار مخفضة عن السوق المحلية، فضلاً عن ضخ كميات كبيرة من مادة الطحين الأبيض بسعر مدعوم، كذلك تقرر قيام منافذ الوزارة خلال الفترة المقبلة ببيع لحوم الدجاج بكميات أكبر وبسعر لا يتجاوز ثلاثة آلاف دينار للكيلو الواحد وبيع لتر الحليب بسعر ألف دينار فقط".
وتابع الناطق الإعلامي أنَّ الوزارة مستمرة بحملاتها حتى تستقر الأسعار في الأسواق ويكون هناك عرض وطلب حقيقي وحينها ستكون وزارة التجارة مراقبة للسوق فقط، ولكن ما زالت هناك مؤشرات لارتفاع الأسعار أو احتكار المواد من قبل "تجار الأزمات".
من جانبه يقول الأكاديمي والباحث الاقتصادي الدكتور عبد الكريم العيساوي، إنَّ "خطوة وزارة التجارة تمثل عودة إلى التجارة الحكومية، ولهذه التجارة إيجابيات وسلبيات ومن إيجابياتها استيراد المواد والسلع المختلفة الغذائية والأساسية والاستثمارية من المناشئ المعروفة ذات الجودة العالية والمضمونة الاستخدام وتتحمل هذه الجهات الموردة المسؤولية عن أي أضرار تحدث وضمان استيراد السلع الأساسية مثل السيارات والآلات والمعدات الإنتاجية"، مؤكداً أنَّ ذلك التوجه "يضمن عدم حصول فساد مالي وإداري عند إتمام الصفقة ذلك لتعرض المسؤولين إلى المحاسبة الشديدة من قبل الحكومة المركزية".
وتابع العيساوي، تستطيع الحكومة استخدام الورقة التجارية للتعامل بالمثل مع الشريك التجاري الثنائي لتحقيق المصالح الوطنية عند تعرضها إلى الخطورة عندها تستطيع الحكومة حماية المنتج المحلي المماثل للسلع الأجنبية المستوردة وتدفع إلى انتهاج سياسة التنويع الاقتصادي، مبيناً وجود بعض السلبيات التي قد ترافق توجه التجارة، منها أنَّ هذه السياسة قد تخلق نوعاً من البيروقراطية والترهل الوظيفي.
بدوره، أوضح الأكاديمي الدكتور عمرو هشام، أنَّ موضوع قيام وزارة التجارة باتباع سياسة البيع المباشر له أوجه متعددة أغلبها إيجابية ومرحب بها من قبل المواطن، لاسيما أنَّ الدخول بالسوق في وقت الأزمات شيء إيجابي لأنه يعزز سلاسل الإمداد ويزيد المعروض من السلع والمواد ويحد من التلاعب والمضاربة وجني الأرباح من قبل المتاجرين بالأزمات.
ويرى هشام أنَّ هذا التدخل من قبل وزارة التجارة محمود في نتائجه أما الاستمرار في التدخل في السوق من قبل وزارة التجارة في الأوقات الطبيعية والمستقرة فإنه قد يلقي بأعباء مالية وإدارية إضافية غير مبررة على كوادر الوزارة وعلى الموازنة العامة الاتحادية بصورة عامة.