اتخذ اليوم مجلس إدارة البنك المركزي قراراً مهماً للسيطرة على سعر الصرف حيث تم تخفيض سعر بيع الدولار للمستفيد (زبون المصرف) ممن يمول المصرف استيراداته بالاعتمادات المستندية ليكون بواقع 1465 بدلاً من 1470، إذ سيبيع البنك المركزي الدولار إلى المصارف لأغراض فتح الاعتمادات المستندية بمبلغ 1455 بدلاً من 1460.
وعلى الفور أصدرت رابطة المصارف الخاصة العراقية بياناً أيدت ودعمت إجراءات البنك المركزي ودعت المصارف كافة إلى العمل بالسعر الجديد وتسهيل حصول التجار ورجال الأعمال من زبائن المصرف للحصول على احتياجاتهم من العملة الأجنبية.
ولا يخفى على النخب الاقتصادية والمواطنين أن الظروف الاقتصادية والسياسية وتداعياتها تؤثر سلباً على الاستقرار في النظام النقدي والنظام المالي وبالتالي سيؤدي ذلك إلى عدم الاستقرار الاقتصادي وإرباك السوق، يضاف إلى ذلك منذ عدة أيام بدأت موجة جديدة من الانتقادات من بعض وسائل الإعلام المتأثرة بالإشاعات التي يطلقها ويحركها المضاربون في سوق صرف العملة بهدف خلق حالة من التشويش وعدم الاستقرار ومحاولة جر السوق النقدي إلى عدم الاستقرار وإفشال خطط البنك المركزي في السيطرة على المعدلات المستهدفة لسعر الصرف والذي استمر مستقراً منذ تعديله إلى الأسعار الجديدة للمالية وللمصارف والجمهور، وقد استغل المضاربون انخفاض مبيعات الدولار في نافذة بيع العملة الأجنبية والتي أوضحها البنك المركزي في بيان واضح بأن السبب هو تطبيق منصة الكترونية جديدة للسيطرة على التحويل الخارجي على غرار منصة خطابات الضمان المنفذة حالياً، وبالنظر لعدم الاستعداد الكافي للمصارف المحلية مع بدء التطبيق التجريبي للمنصة فقد تم تأجيل جزء من الحوالات الخارجية مما ترتب عليه انخفاض حجم مبيعات نافذة بيع العملة الأجنبية، ومن الإشاعات الأخرى هو أن البنك المركزي سيجري تغييراً جديداً على السعر الحالي.
وبالرغم من أن البنك المركزي أعلن مراراً عدم وجود نية بتغيير السعر حالياً وأوضح الآثار السلبية لأي عملية تغيير في السعر على الاقتصاد الوطني والتبادلات التجارية والتعاملات المصرفية المحلية والخارجية مع دول العالم وأن سعر الصرف يحدده البنك المركزي وفقاً لتأثيرات وانعكاسات الواقع الاقتصادي في بلد مثل العراق يعاني من تحديات وتداعيات وأزمات اقتصادية ومالية وخلل بنيوي ومنهجي في إدارة الاقتصاد والمال لا يتحملها البنك المركزي بمفرده لأن دوره واضحاً ومحدداً ومستقلاً يتركز في تحفيز الاقتصاد وفقا لأدوات وتطبيقات السياسة النقدية ولكن ذلك لا يتحقق بدون التنسيق المشترك مع السياسة المالية والقطاعات الاقتصادية الأخرى وتفعيل الاقتصاد الحقيقي وتنويع مصادر الدخل القومي ومغادرة احادية الاقتصاد بالاعتماد على النفط كمورد رئيسي يشكل 93% من إيرادات الموازنة العامة و60% من الناتج المحلي الإجمالي. ودعم الإنتاج المحلي وتشغيل المصانع المتوقفة والتي يزيد عددها عن 140 مصنع حكومياً وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
لذلك فإن الذين ينتقدون البنك المركزي يجب أن يعوا ذلك وأن إجراءات البنك المركزي التي أعلن عنها بزيادة عرض الدولار عبر منافذه المعتدة والمصارف والتخفيض الجديد سيؤدي حتماً إلى عودة السعر إلى معدلاته المستهدفة حتماً وسريعاً وأن الارتفاع المفاجئ أمس أسبابه واضحة وكما مشار اليها أعلاه.