تسعى السعودية للاستثمار في 5 دول من بينها العراق، وتعتزم تأسيس شركات إقليمية لاستثمار 90 مليار ريال (24 مليار دولار)، وفق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة.
جاء ذلك خلال إعلان الأربعاء الماضي عن قيام صندوق الاستثمارات العامة باستهداف الاستثمار في كل من: الأردن والبحرين والسودان والعراق وسلطنة عُمان، وذلك بعد إطلاق الشركة السعودية المصرية للاستثمار في أغسطس/آب الماضي، حيث سيكون الاستثمار في عدة قطاعات إستراتيجية من ضمنها: البنى التحتية والتطوير العقاري والتعدين والرعاية الصحية والخدمات المالية والأغذية والزراعة والتصنيع والاتصالات والتقنية، وغيرها من القطاعات.
وتشير أحدث الإحصاءات إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية والعراق عام 2020 ارتفع إلى 3.88 مليارات ريال (1.34 مليار دولار)، فيما كان عام 2019 نحو 3.41 مليارات ريال (909 مليون دولار)، موزعة بين 3.37 مليارات ريال (898 مليون دولار) صادرات سعودية، و41.8 مليون ريال (11.2 مليون دولار) صادرات عراقية، مما يعني أن العراق يحتل المرتبة 11 بين الدول العربية في حجم التبادل التجاري مع السعودية.
نهضة اقتصادية
في ضوء ذلك، يقول المستشار المالي والاقتصادي للحكومة العراقية الدكتور مظهر محمد صالح، إن اختيار المشاريع الاستثمارية سيكون بالرغبة المشتركة بين العراق والسعودية، ضمن سياسة مد الجسور والتعاون وبناء فرص الاستقرار والتقدم لبلدين كبيرين يشكل سكانهما قرابة 80 مليون نسمة، وهما من كبار منتجي النفط في العالم.
ويرى صالح -في تصريحه للجزيرة نت- أن "جدول أعمال المصالح الاقتصادية للعراق في سياسة التعاون مع بلدان الجوار عموما والعربية منها خصوصا، ينبغي أن يفوق أية اعتبارات ضيقة لصيقة بمخلفات موروثة من ماضٍ سالب ضيق بسبب حروب الخليج التي أهدرت قرابة نصف قرن من التنمية في بلد عريق كالعراق، والتي ولدتها عوامل القطيعة بين بلدان المنطقة على حساب استقرارها وتقدمها، وأضاعت فرص التعاون فيما بينها".
ويذهب المستشار الحكومي إلى أن "السعودية تمتلك اليوم خبرة متميزة في الصناعات المعدنية وشبه الثقيلة والتصنيع المتميز في مجال البتروكيمياويات وقطاع النقل البحري والقطاع التكنولوجي والرقمي وغيرها، وبهذه المجالات يمكن الاستثمار في العراق".
الاستثمار الإنتاجي
هناك ترحيب داخل الأوساط الاقتصادية في العراق بدخول الاستثمار السعودي للبلاد، شرط أن يكون إنتاجيا، ويوضح ذلك الباحث الاقتصادي الدكتور علي دعدوش بقوله إن دخول تلك الأموال بشكلٍ إنتاجي فسيكون تأثيره إيجابيا للعراق من خلال مشاريع طويلة الآجل كبناء مصانع ومعامل، إضافة إلى أن الاستثمار السعودي الإنتاجي سيساهم في دخول العملة الأجنبية -وخاصة الدولار- إلى العراق، وهو ما يُعزز احتياطاته النقدية الأجنبية.
من ناحية أخرى، يرى دعدوش -في حديثه للجزيرة نت- أن هذا الاستثمار قد يكون فاتحة لانضمام العراق لمجلس التعاون الخليجي، ليستفيد من المميزات التي يتمتع بها الدول الأعضاء كالربط الشبكي للطاقة ورخص السلع والخدمات المتبادلة بينها والعمالة الماهرة والذكاء الصناعي وغيرها.
أما بخصوص القطاع المصرفي العراقي، فيمكن لهُ -حسب دعدوش- رفع خدماته من خلال هذا الاستثمار الذي يفتح له الباب للانفتاح على القطاع المصرفي والخدمات المالية السعودية، من خلال تنظيم دورات تدريب متخصصة للعمالة المصرفية العراقية، من شأنها تطوير سوق العراق للأوراق المالية وتحفيز القطاعات الإنتاجية.
ويؤكد دعدوش أن العراق بحاجة لمثل هذه الاستثمارات لتشغيل العاطلين عن العمل وخلق قيمة مضافة في القطاعات الإنتاجية، إضافة إلى الاستفادة من تحقيق منافع اقتصادية وسياسية تسهم في عملية التكامل الاقتصادي الإقليمي بين العراق والسعودية.
تطوير البنية التحتية
من جانبها، رحبت النائبة عن كتلة "صادقون" زينب جمعة الموسوي بدخول الاستثمار الأجنبي للعراق، ومن بينه الاستثمار السعودي.
وقالت الموسوي -في تصريح للجزيرة نت- إن "العراق بحاجة لتدفق الأموال والاستثمارات الأجنبية من السعودية أو غيرها، لتساهم بإعمار بنيته التحتية والفوقية المتهالكة، وتنشيط قطاعاته الصناعية والزراعية والسياحية وغيرها، لتساهم بنسبة أكبر في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
تنويع الاقتصاد
من جهته يقول دعدوش إن ارتفاع الاستثمارات الخليجية -وبشكل خاص السعودية في العراق- قد تعمل على تنويع مصادر الاقتصاد العراقي وتنشيط القطاع الخاص، إضافة للتقليل من حجم المستوردات السلعية.
ويختم الباحث حديثه بالحث على أن يكون الاستثمار في العراق ملائما ومعززا بدعم حكومي، من خلال الرفع التدريجي للضرائب الجمركية على السلع والخدمات المستوردة، كون هذه الاستثمارات تحتاج إلى ما بين 3 إلى 6 سنوات لسد الطلب المحلي من السلع والخدمات.