تتأثر الخطط التنموية في العراق بتغيّر الأولويات على ضوء الأحداث في البلاد، وهو أمر خلف خسائر كبيرة، بحسب ما قال وكيل وزارة التخطيط ماهر حماد جوهان في مقابلة مع "العربي الجديد"
*ما هي أسباب الخلل في تطبيق الخطط التنموية في العراق؟
المشاريع التنموية تمر بمسارين؛ الأول خطة التنمية الخمسية التي تضع مُحددات وأهدافاً وتشترك في كتابتها وزارة التخطيط مع الجهات المعنية بالخطة، لكن للأسف هذه الخطة لا تنفذ على النحو المطلوب بسبب تغيير الأولويات المستمر لدى الجهات المعنية، ومن بينها المحافظات، لتلبية الحاجات المُلحة.
المسار الثاني يتعلق بارتباط اقتصاد العراق بالنفط والانفتاح في المشاريع بشكل مضطرد، إذ يتم الانفتاح بشكل أفقي والشروع بالآلاف منها، وحقيقةً أن هذا الانفتاح وتغيير الأولويات تفرضه الظروف والمتغيرات والأحداث الاقتصادية والأمنية والسياسية التي يشهدها البلد.
*ما هو حجم الخسائر المالية جراء تأخر أو توقف المشاريع؟
نخسر على مستوى الموازنة الاستثمارية سنوياً 3 تريليونات دينار (ملياري دولار) نتيجة توقف المشاريع واندثار موجوداتها، فضلاً عن التأخر في تقديم الخدمة المتوخاة وعدم مواكبة النمو السكاني، في الوقت نفسه تمت فيه استعادة أكثر من 80 في المائة من المشاريع المتوقفة.
*ماذا عن خطة التنمية الوطنية للأعوام 2018-2022؟
الخطة وضعت استراتيجيات تبدأ بحوكمة كل المؤسسات والاتجاه للأتمتة وتحسين مؤشرات التنمية البشرية وركزت على خفض الفقر وإكمال مشاريع البنى التحتية في المحافظات وتحقيق التنوع الاقتصادي عبر دعم القطاع الخاص لتوفير الوظائف بعيداً عن القطاع الحكومي. لكن ظروف البلد، بدءاً بالتظاهرات وما أعقبها من تداعيات جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط لمستويات كارثية، أسباب أدّت إلى تعثر المضي ببعض مضامين هذه الخطة.
ولكن بعد تحسن أسعار النفط نهاية 2020 ظهر سبب آخر، إذ رسم مجلس النواب صورة جديدة لموازنة 2021 التي قدمتها الحكومة، فتحوّلت إلى موازنة إنفاق، ما قلّل مخصصات المشاريع التنموية.
*ما أسباب الترهل في بنية الوظائف العامة في العراق؟
حالياً تصل نسبة الموظفين من حجم السكان في العراق إلى 8-9 في المائة، حسب ما هو مثبت في قانون الموازنة. أما عن الترهل الحاصل جراء العدد الكبير من الموظفين في العراق فقد طرحت خيارات عدة لمعالجته، من بينها منح الموظفين الراغبين في ترك الوظيفة مكافأة نهاية خدمة وغيرها. في حقيقة الأمر ما دام القطاع العام يوفر رواتب وامتيازات يعجز القطاع الخاص عن مجاراتها فلن يفكر الموظف الحكومي في ترك وظيفته، إضافة إلى أن الوظيفة توفر تقاعداً مريحاً.
*ما هو حجم الإنفاق السنوي على الرواتب في مقابل إنتاجية الموظفين؟
في العام الماضي خلال إعداد موازنة 2022 التي لم تقر قُدّر حجم الرواتب ما بين 48 إلى 53 تريليون دينار (33 إلى 36 مليار دولار) سنوياً، وهذه النفقات تنضم إلى الموازنة التشغيلية، أي الإنفاق الحكومي الذي يتراوح ما بين 40-50 في المائة من حجم ميزانية الدولة السنوية.
أما الإنتاجية فنعتقد أنها قياساً بالمخرجات الإنتاجية المتحققة لا تزيد عن 25 في المائة عموماً، كما أن ساعات الإنتاج والخدمة في دوائر الدولة نعتقد أنها منخفضة جداً، وترتفع في دوائر معينة وتهبط في أخرى إلى مستوى قد لا يزيد عن 10 في المائة.
ماذا فعلت وزارة التخطيط لرفع كفاءة الموظفين وإنتاجيتهم؟
كلّفت وزارة التخطيط بإعداد استراتيجية الإصلاح الإداري واستراتيجية أخرى لزيادة كفاءة الإنتاج، وصدّرتا فعلياً بعد إقرارهما من قبل مجلس الوزراء، والتنفيذ لن يقع على عاتقنا فقط، إذ إن ثمة دوراً أيضاً لمجلس الخدمة الاتحادي والوزارات المستهدفة، والهدف إيجاد آليات متابعة ومراقبة وتقييم أداء حقيقي.
كما أن مشروع الرقم الوظيفي سيعطي الحكومة صورة واضحة عن تفاصيل الجسد الوظيفي، وما يرتبط به من سياسة مالية وسيسهم في إيقاف مشكلة تعدد الرواتب، إذ إن القانون لا يسمح للموظف بتسلّم أكثر من راتب مع وجود استثناءات تتعلق بذوي الشهداء والسجناء السياسيين.
*هل حددتم حجم الموظفين الوهميين في الإدارات العامة؟
لم نعثر على وهميين أو ما يصطلح عليه عراقياً بـ"فضائيين" يتسلمون رواتب دون عمل من الأساس أو أسماء وهمية يتسلم آخرون عنها رواتب، بل أسهم تقاطع وتدقيق معلومات الموظفين في الكشف عن موظفين تركوا العمل لكنهم ما زالوا يتسلمون رواتب، وآخرين يتسلمون رواتب الحماية الاجتماعية المخصصة لذوي الدخل المحدود، وموظفين على الملاك الدائم يعملون بصفة عقد مع دوائر أخرى، وحقيقة أعداد هؤلاء قد تكون بعشرات الآلاف وما زال العمل جارياً لإجراء تقاطع المعلومات ولربما يتم الكشف عن آخرين.