وكالة الإقتصاد نيوز

الاقتصاد في العراق.. فن الممكن  أم .. فن المستحيل


          اكتسبت السياسة وصفها بانها " فن الممكن"، كونها ترعى تحقيق مصلحة المجتمع، بمنطق الممكن، بعيدا عن المثالية، من خلال ادارة موارد المجتمع العامة والخاصة، طبقا للواقع الموضوعي، لذا ترتبط السياسة تبعا لهذا المنظور بقدرة قراراتها على ان تكون واقعية وموضوعية لإدارة تلك الامكانيات والتوفيق فيما بينها لبلوغ الاهداف العامة.

 وبما ان الاقتصاد ينتمي الى حقل العلوم الاجتماعية بما يدرس من السلوك الانساني في اطار سعي المجتمع لإشباع حاجاته اليومية عبر الاختيار الكفوء من بين الموارد المحدودة والنادرة، وانعكاس ذلك في توفير السلع والخدمات. لذا فان الاقتصاد يلتقي مع السياسة في انه يعمل على تحقيق المنفعة الاجتماعية من خلال العناية بنشاط الافراد والمؤسسات في ظل فلسفة الدولة. لكنه يختلف عن السياسة في كونه يستخدم الطريقة الفنية البحتة المباشرة في تناول الظواهر الاقتصادية ممثلة بالأرقام والمعادلات الرياضية، وحيث ان الصفة الفنية والمباشرة هذه تمنح الاقتصاد دورا استراتيجيا في واقع السياسة والعمل الحكومي، فلا سياسة اذن من دون اقتصاد وبهذا سيكون الاقتصاد هو الآخر" فن الممكن".

وحيث تختلف رؤية الاقتصادي عن السياسي في كون الثاني يقدم الوعود بالحياة الكريمة والعيش الرغيد، بينما الاول يشخص للسياسة حقيقة امرنا ومستوى الحياة التي نعيشها وما تضمه من مخاطر واخفاقات والى اي مدى يمكن ان تستمر تلك الاخفاقات ويشرح لنا ماهي الحلول والمعالجات للتخلص من المعاناة الاجتماعية، والتي بمضمونها الفني ستواجه العديد من الانتقادات والتحفظات لدى الكثير من السياسيين .

ان ما نراه  من انسداد في مجريات الواقع السياسي،  وغياب  للدور التشريعي في اصدار القوانين والتشريعات المهمة للإصلاح الاقتصادي وغيرها من القوانين ذات العلاقة بمصلحة الوطن والمواطن، فضلا عن عدم اقرار الموازنة الحكومية وما ينجم عنه من آثار سلبية على حركة الاستثمار والنمو، و طبقا للأرقام والبيانات التي تنشرها المواقع الرسمية وغير الرسمية من انخفاض حاد في اداء الاقتصاد العراقي ، يمكن تشخيص ان الاقتصاد يتأرجح مع تغييب السياسة للعديد من خيارات الاقتصاد باعتباره " فن الممكن"

 في هذه الاجواء ستحمل "السياسة"  "الاقتصاد" الكثير من خطاياها التي ستنوء به الى مهاوى الخطل والردى، وكيف لا يكون ذلك والسياسة عاجزة عن الاعتراف بدور الاقتصاد وما يكشفه من حقائق كثيرة وما يقدمه لها من مشورة مخلصة ، من الواجب الاولى ان تأخذ بها للوصول بالمجتمع الى بر الأمان .

منه، يتضح، ومن الملاحظة الدقيقة والاستقراء الفاحص لوقائع المشكلة الاقتصادية في العراق، ومع ترسخ جذور الخلافات والصراعات السياسية ، لم يعد الاقتصاد " فن الممكن" ، بل يكاد ان يكون " فن المستحيل".

 


مشاهدات 817
أضيف 2022/09/19 - 9:46 AM
تحديث 2024/03/29 - 3:52 PM

طباعة
www.Economy-News.Net