وكالة الإقتصاد نيوز

الهيدروجين الأخضر.. هل يكون وقود المستقبل؟


اذا كان الهيدروجين وقوداً نظيفاً يحتوي كثافة طاقة ممتازة، فلماذا لا تنتشر سيارات وشاحنات الهيدروجين؟ وهل سنشهد تحولاً لوسائل النقل بما فيها الكبيرة مثل الطائرات والقطارات والسفن نحو الهيدروجين؟

الجواب هو ما سنستعرضه من مميزات وسلبيات الهيدروجين وما هي آفاق تطوره وانتشاره المستقبلي؟

فلأجل تقليل الانبعاثات لغاز ثاني أوكسيد الكاربون CO2 التي تسبب الاحتباس الحراري، نلجأ للسيارات الكهربائية التي تعتمد على البطارية الكهربائية (بطارية آيون الليثيوم) التي لا تستطيع تشغيل معدات ضخمة ولا أن تعطي عزماً كبيراً لذا تكون عاجزة عن استبدال الشاحنات والحافلات الكبيرة والمعدات الإنشائية والزراعية وقطارات الحمل والسفن والطائرات، وهذا يجعل نشاطها محصوراً في السيارات وسيارات الحمل الصغيرة peak up والحافلات الصغيرة، وحتى في هذا المجال الصغير تعجز البطارية عن تغطيته بالكامل فتلك البطاريات (أيون الليثيوم) تحتاج كميات ليست بالقليلة من عناصر وخامات الأرض النادرة التي يملك منها العالم احتياطات محدودة مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل حيث تضاعفت أسعار هذه العناصر عدة أضعاف خلال السنوات الأخيرة بسبب زيادة إنتاج السيارات الكهربائية لتصل حصتها 8% من سوق السيارات العالمي الجديدة سنة 2021، سلبية أخرى هي ثقل وزن البطارية الذي يزيد من وزن السيارة عن مثيلتها ذات محرك الاحتراق بـ350-500  كغم مما يستهلك الاطارات والمكابح ونفس هذا السبب من ثقل البطاريات يجعل من المستحيل استخدامها للطائرات مثلاً.

لذا يفكر العالم بالهيدروجين الأخضر (الهيدروجين لا لون له وسمي بالأخضر لأنه منتج من الطاقات المتجددة النظيفة لتمييزه عن الهيدروجين الرمادي المنتج اعتماداً على المعالجة الحرارية للغاز الطبيعي أي الميثان التي تطرح انبعاثات كاربونية عالية جدا في إنتاجه بحيث تتجاوز انبعاثات استخدام البنزين أو الديزل) حيث أن غالبية الهيدروجين الذي ينتجه العالم حاليا 70 مليون طن سنوياً هو للاستخدام الصناعي وبصمته الكاربونية عالية جدا لذا يصنف بالهيدروجين الرمادي، أما الهيدروجين الأخضر فهو يستخدم الطاقات المتجددة والنظيفة ونسبة إنتاجه الحالية ضئيلة جدا، فهو ينتج بالتحليل الكهربائي للماء النقي (الالكترولايت) من فائض الطاقات المتجددة الشمسية والرياح، فهو كوقود عالي الكثافة وصديق للبيئة احتراقه لا ينتج سوى الماء وينفع لوسائل النقل والمعدات التي تحتاج عزم كبير لاستبدال محركات ومكائن الديزل والسفن والطائرات، فلماذا لم ينتشر لحد الآن ويبدأ بالحصول على حصه من معدل نمو الطلب على الطاقة؟

الجواب هو الكلفة العالية للمنشآت المتعددة بداية من الكترولايت تحليل الماء مرورا بالتجميد لـ - 252 سيلزية لتسييله ونقله عبر السفن والصهاريج أو عبر الأنابيب وهو ما يتطلب بنية تحتية للتسييل والنقل ثم منشآت للخزن ومحطات لشحن وسائل النقل، هذا من ناحية المنشآت أما من ناحية خسارة الطاقة، فالطاقة الأولية تخسر 20% من قيمتها في عملية التحليل الكهربائي لوحدها ورغم أن بعض عمليات التطوير والاكتشافات تسعى لتقليل تلك الخسارة لحدود 15% بحلول عام 2030 إلا أن تلك التكنولوجيات لا تزال في المختبرات ولم تصل للمستوى التجاري حيث يحتاج انتشارها لعشر سنوات على الأقل، 13% أخرى من الطاقة النهائية للهيدروجين تخسر بسبب تسييل الهيدروجين الذي يتطلب وصوله ل - 252 سيليزية، إضافة للنقل الذي يتطلب طاقه، وفي النهاية داخل المركبة لا يمكن حرق الهيدروجين مباشرة فذلك سيستهلك كميات هائلة منه مما يعد مكلفا بشكل خيالي حيث يتم استخدام ذلك في سيارات السباق وصواريخ الفضاء والصواريخ فرط الصوتية فقط، لذا يتم إعادة دمج الهيدروجين بالأوكسجين في خلية كهربائية معاكسه للالكترولايت تنتج ماء وكهرباء، فتخسر المزيد من الطاقة في هذه العملية أيضاً، وفي النهاية تصل هذه الكهرباء لمحرك الكهرباء الذي يدير السيارة، لذا إجمالاً تخسر وسائط النقل بالهيدروجين ثلثي الطاقة الأولية التي استخدمت فيها مما يجعلها غير عملية، بينما تخسر السيارات الكهربائية ثلث الطاقة الأولية من خسائر الشبكة والشحن والخزن والمحرك، ولهذين السببين المنشآت المعقدة والمكلفة وخسائر الطاقة نجد أن الهيدروجين مرتفع الكلفة كثيرا فلملء خزان سيارة تويوتا ميراي الهيدروجينية نحتاج 6 كغم هيدروجين أخضر مسال كلفتها بحدود 85 - 90 دولاراً تكفي لقطع 750 كم، بينما نحتاج 35 دولاراً لملء خزان ما يكافئها من تويوتا كامري تعمل بالبنزين تكفي لقطع 480 كم، كما تكفي نفس كمية الوقود لسيارة تويوتا كامري هجين لقطع 600 كم، لذا فإن الأسعار المضاعفة هي ما تحول دون جعله منافساً حقيقياً لسيارات البنزين والسيارات الكهربائية، كما أن الكلفة الأولية لسيارة الهيدروجين تزيد عن كلفة السيارة الكهربائية وهي تقريبا ضعف مثيلتها العادية بسبب خلية تحويل الهيدروجين لكهرباء، وغير هذا يبقى المحرك النهائي كهربائي وهو ما يجعل العزم الناتج متواضع كما أن الهيدروجين في النهاية هو غاز لذا سيعاني من نفس المشاكل التي حدت من انتشار الغاز الطبيعي وأفشلت محاولة استخدامه كوقود لوسائط النقل، فالهيدروجين يحتاج اكثر من الغاز الطبيعي طاقة للتسييل فالغاز الطبيعي يصل للحالة السائلة بدرجة - 162 سيليزي بينما الهيدروجين يحتاج - 252 سيليزي للوصول للحالة السائلة إضافة للمنشآت المعقدة ومشاكل الخزن والنقل والأنابيب ومتطلبات السلامة العالية التي حدت من انتشار الغاز الطبيعي وجعلته لا يدخل في قطاع وقود النقل ويقتصر على توليد 23% من كهرباء العالم، وهذه الأسباب نفسها ما ستجعل انتشار الهيدروجين بطيئا حيث من الممكن أن يستحوذ على حصة صغيرة من سوق قطاع النقل بحلول 2050 خصوصاً مع عدم وجود فائض مستمر في الطاقات المتجددة، حيث يعاني قطاع الكهرباء من العجز وزيادة الطلب مع أي محاولة لتقليل استخدام الفحم وكذلك للحاجة الملحة للطاقات المتجددة لدعم نمو الطلب على الكهرباء العالمية مما يبقي النمو الاقتصادي ممكنا.


مشاهدات 1356
أضيف 2022/06/16 - 4:27 PM
تحديث 2024/03/28 - 10:42 PM

طباعة
www.Economy-News.Net