الابتكار الأخضر .. مفتاح النمو المستدام

مهدي حنون العلاق

أعادت التحديات البيئية والسياسيات المفروضة على الدول المتقدمة بموجب الاتفاقيات النظر إلى ضرورة التحول نحو عالم يتعايش فيه الناس والطبيعة بتفصيلاتها كافة، إذ أجبرت بيئة الأعمال المتغيرة وتفضيلات المجتمع الشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء على التحول إلى اللون الأخضر ، إذ تقوم العديد من الشركات الكبيرة في الدول المتقدمة بتقييم عملياتها الداخلية لتعزيز المظهر البيئي لدورة حياة منتجاتها، من شراء المواد الخام إلى الاستخدام النهائي والتخلص منها بما لا يضر بالبيئة ، وعلى هذا يعد الابتكار الأخضر عاملاً مهماً في التنمية المستدامة ويمكن أن يقدم ميزة تنافسية للمنظمات في هذا الجانب .
تطورت أدبيات الابتكار الأخضر (GI) على مدى العقود الماضية وتوسعت، بسبب تطبيقاته الواسعة النطاق والأساسية إلى جانب الوعي البيئي وتقديم الخدمات للمنتجات والتطبيقات الخضراء ، يشير الابتكار الأخضر (Green Innovation)إلى جميع أشكال الابتكار التي تقلل من الأضرار البيئية وتضمن استخدام الموارد الطبيعية بأكثر الطرق فعالية ممكنة.
مجموعة من الممارسات التي تحسن القدرة التنافسية للشركة وأدائها الاقتصادي والبيئي ومنها انخفاض استخدام الطاقة، وإعادة تدوير النفايات، ومكافحة التلوث، واستدامة الموارد، وتصميم المنتجات الخضراء وكلها عوامل يجب مراعاتها.
ويشمل الابتكار الأخضر أيضاً جميع أنواع الابتكارات التي تسهم في إنشاء منتجات أو خدمات أو عمليات رئيسة للحد من ضرر البيئة وتأثيرها وتدهورها في ذات الوقت الذي يحسن فيه استخدام الموارد الطبيعية ضمن أدنى مستوى لتوفير نوعية حياة أفضل ، ليلعب هذا النوع من الابتكار دوراً حاسماً في وقتنا الحالي ذلك إنه يوجه الاستخدام المناسب للموارد الطبيعية لتحسين رفاهية الإنسان .
يتميز الابتكار الأخضر على مستوى المنتجات والمواد وعملية الإنتاج التي تحترم استدامة الطبيعة والأجيال القادمة وكذلك يساهم في التنمية المستدامة وتجديد الطبيعة ، يقوم الابتكار الأخضر أيضاً بإنشاء ونشر الوسائل التكنولوجية لمعالجة تغير المناخ، التي تعد إحدى أهم قضايا عصرنا الحالي وتواجهنا فيها العديد من التحديات والمشاكل التي تستجوب التقليل من حدة آثار تغير المناخ والتكيف معه.
أنواع الابتكار الأخضر
 إن تحدثنا عن أنواع الابتكار الأخضر فهو يقسم إلى ثلاثة أنواع  تتمثل بالآتي  :
*الابتكار الأخضر الذي يقلل من التأثير البيئي للشركات ( من خلال إعادة تدوير المنتجات )
*الابتكار الأخضر الذي يعالج المخاوف البيئية للشركات ( عن طريق تقليل استخدام المكونات الضارة ) 
*الابتكار الأخضر الذي يطور منتجات صديقة للبيئة ( باستخدام موارد أو طاقة أقل)
ومن اهم من يقود هذا السياق في أوروبا ضمن قائمة الدول الأكثر تطبيقاً للابتكار الاخضر في عام 2021 بحسب تقرير الإتحاد الاوروبي (2012-2021) من الأعلى إلى الأدنى كل من لوكسمبورغ ثم تليها فنلندا والنمسا والدنمارك والسويد وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وبعد ذلك تأتي هولندا ، أما الدول متوسطة الأداء في مجال الابتكار البيئي فهي بالترتيب التنازلي كل من ، إيطاليا والبرتغال وسلوفينيا وجمهورية التشيك وإيرلندا وبلجيكا واليونان وإستونيا ولاتفيا ، اما البلدان ضمن فئة الملحق بمجال الابتكار البيئي - بترتيب تنازلي هي ليتوانيا وكرواتيا وسلوفاكيا وقبرص ورومانيا والمجر ومالطا وبولندا وبلغاريا.
أما في آسيا فقد وضعت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية السياسات الأساسية لمشروع صندوق الابتكار الأخضر من أجل تحقيق أقصى قدر من نتائج هذا الصندوق
ليكون موجهاً نحو هدف تحقيق الحياد الكربوني أو الحياد المناخي بحلول عام 2050 المتمثل بخفض انبعاثات الكربون إلى الحد الأقصى، والتعويض عما لا يمكن التخلّص منه.
ويمكن تحقيق ذلك بسبل متعددة مثل استخدام السيارات النظيفة، والتحول إلى الاقتصاد الأخضر والمشاريع الصديقة للبيئة، بعيداً عن التصنيع كثيف الإصدار للانبعاثات، وكذلك التحوّل إلى مصادر الكهرباء الأكثر خضرة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، والتوسع في مبادرات التشجير. 
لقد قررت اليابان تطوير صندوق الابتكار الأخضر بميزانية قدرت بـ 2 تريليون ين في إطار الميزانية التكميلية الثالثة للسنة المالية 2020 بوصفه جزءاً من منظمة تطوير الطاقة الجديدة والتكنولوجيا الصناعية (NEDO) إذ تتمثل الخطة، القائمة على الأهداف المحددة التي يتقاسمها القطاعان العام والخاص في تقديم الدعم المستمر للشركات والمنظمات الأخرى للسنوات العشر المقبلة.
وينقسم الدعم الموجه من صندوق الابتكار بشكل أساسي إلى قسمين: "الشركات المستهدفة للدعم" و "أطر تعظيم نتائج الصندوق". يوضح الأول إنه ينبغي للصندوق التركيز بشكل كامل على الشركات العاملة في المجالات التي لها آثار سياسية بيئية عالية وتتطلب تدابير دعم تمويل مستمرة طويلة الأجل تركز على مشاريع البحث والتطوير، ومن بين المجالات ذات الأولوية التي تنص عليها استراتيجية النمو الأخضر هي خطط العمل المتوافقة مع الحياد الكاربوني.
أما في العراق فقد خصصت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مبلغ 1.5 مليون دولار لدعم الابتكار الأخضر  والمنظم من مركز الابتكار الاقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA RIH) والمنشور في موقع الوكالة (USAID) في التاسع من أيلول 2021 ، ويتضمن التخصيص دعم الشركات التي تتخذ من العراق مقراً لها والتي تعمل على توفير حلول أكثر استدامة للمياه أو الطاقة من أجل الزراعة ستحصل الشركات المختارة على دعم مخصص على شكل منح، ومساعدة تقنية، وتيسير الاستثمار لتنمية أعمالها، ومكافحة ندرة الموارد، وتعزيز التحول إلى اقتصاد أخضر في العراق والتي من المأمول رؤية مستقبلية واضحة لها.
ويواجه العراق العديد من التحديات أثناء سعيه لتحقيق وتعزيز الازدهار والاستقرار على الأمد البعيد، ومنها تحديات ندرة المياه، والتدهور البيئي، وعدم كفاءة أساليب الإنتاج الغذائي، والبطالة، والصراع الأمني الذي طال أمده مما يمثل صعوبة في الانتقال إلى مرحلة متقدمة من المحافظة على البيئة والتي تتمثل بإجراءات الابتكار الأخضر .

 


مشاهدات 1240
أضيف 2022/03/01 - 9:29 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 1712 الشهر 65535 الكلي 7944551
الوقت الآن
الأربعاء 2024/4/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير