الأسعار النفسية تجتاح الأسواق العراقية 

مهدي حنون العلاق 
 

يلجأ أغلب تجار التجزئة (الجملة أحياناً) إلى اعتماد الكسور في تسعير مايقدمونه من السلع والخدمات سواء أكان ذلك في الواقع  الافتراضي أم الواقع الحقيقي كأحد طرق التسعير المؤثرة في نفوس الزبائن أو ماتسمى (التسعير الكسري) لاحتواء السعر المحدد على كسور لما له من تأثير إيجابي في قرار شراء المستهلك ، وعليه يعتمد التسعير النفسي على تغييرات بسيطة تخدع الدماغ لذا تسمى هذه العملية بالتسعير الساحر أيضاً، إذ تقوم الشركات (على سبيل المثال لا الحصر) بخفض قيمة الدولار  بمقدار سنت واحد، فيقرأ الدماغ 12.99 دولاراً على إنها 12 دولاراً وليس 13 دولاراً وهذه الاستراتيجية تتبعها أغلب الشركة العالمية كشركة "Apple"، فإذا فتحت متجر التطبيقات فتجد أن التطبيق يعتمد على الأغلب التسعيرة 9.99$ بدلًا من كتابة 10$ صريحة. 
وعلى سبيل المثال أيضاً فلو أنّ هنالك سلعتين من بضاعة معينة وتمّ تسعير إحداهما بـ 19,99$ و الأخرى بـ 20,00$، فغالباً ما يميل الزبائن إلى تفضيل السلعة أو الخدمة الأولى عن الثانية اعتقاداً منهم بأنهم يدفعون دولاراً واحداً أقل عن السلعة الثانية.
هذه الطريقة في تحديد السعر تعطي مؤشراً للزبون بأن السعر المناسب له وبأنه غير مكلف أو  يوحي كذلك بأن البائع يبذل قصارى جهده لخفض السعر لأدنى مستوى ممكن. 
كما أن الطريقة التي يظهر بها السعر يمكن أن تؤثر نفسياً على المشترين ،فالتخلي عن السنتات البسيطة يجعل الزبائن يشعرون وكأنهم ينفقون أموالاً أقل، فيبدو أن 20 دولاراً أرخص من 20.00 دولاراً لأن الرقم الأول كمظهر ليس طويلاً.
ومن الأشكال الأخرى في التسعير النفسي نجد التسعير الفردي ،إذ أظهرت الدراسات أن 70% من الزبائن يشترون العناصر عبر الإنترنت من موقع Amazon التي تنتهي برقم فردي أكثر من شرائهم للسلع التي تنتهي بالزوجي منها لأن الأسعار وقعها مختلف على المشتري وكمثال على ذلك (189 دولاراً، 149 الفاً، 199 الفاً) فهو أسلوب نفسي لجذب الزبائن نحو المنتج وإثارة اهتمامه.
وقد يُجمع بين الأسلوبين الكسري والفردي بتسعيرة واحدة على سبيل المثال (189.99) (19.99) وفي الحقيقة أغلب الزبائن يخجلون من أخذ المتبقي من السنتات !!.
 كما إن هناك أسلوباً تسعيرياً نفسياً أخيراً يلجأ إليه البعض من تجار التجزئة أو الجملة يتمثل ب "اصطناع ضيق الوقت" مثل (عرض ليوم واحد فقط!) أو التخفيضات التي تنتهي في غضون ساعات قليلة ، والتي تشجع الزبائن على إجراء عمليات الشراء بسرعة - قبل إنتهاء العروض.
ومن مساوئ التسعير النفسي إن ستراتيجيته قد تفشل مستقبلاً فالعبث بعقول الناس في بعض الأحيان يمكن أن يأتي بنتائج عكسية ، بسبب رفض الشخص المعتاد الحصول على شيء ما مقابل 4.99 دولاراً ب 5.00 دولارات في المرة القادمة ، مهما كانت السلعة رخيصة.
 كذلك يمكن أن يؤدي وجود الكثير من السلع المخفضة إلى الإضرار بسمعة العلامة التجارية ، إذا كانت تلك السمعة مبنية على المكانة أو الفخامة أو الجودة ، لما يعتقده بعض الناس من أن الخصومات تبين أن جودة المنتج سيئة أو أن الزبائن يتم التلاعب بهم.
 وختاماً على التجار الحذر من الخط الرفيع بين الاستمرار في المنافسة في السوق ومظهر الأسعار المطابق للمنافسين ،فإذا كان سعر جميع البائعين لنفس السلعة 2.99 دولاراً ، فما الذي يميزك عن غيرك؟!.

 

 


مشاهدات 1759
أضيف 2022/02/22 - 11:54 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 3889 الشهر 65535 الكلي 7878798
الوقت الآن
الجمعة 2024/4/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير