الاقتصاد نيوز ـ بغداد
اعلن وزير المالية، علي عبد الأمير علاوي، أن الأوضاع المالية العراقية تحسنت نسبيا خلال العام الحالي بعد ارتفاع أسعار النفط، مؤكدا أنه يوجد تفاهم مع ايران على تسديد الديون الإيرانية خلال 3 سنوات.
وشهد العراق منذ بدء جائحة كورونا، ازمة مالية خانقة، أدت إلى لجوء الحكومة للاقتراض من البنك المركزي العراقي، لدفع رواتب الموظفين والمتقاعدين، بالإضافة إلى زيادة الضغط الشعبي لخلق الوظائف وتحسين الخدمات مثل التعليم والكهرباء والصحة.
وقال علاوي، في مقابلة مع الاقتصاد نيوز، "نحن الان ليس بحاجة إلى الاقتراض، لان وضعنا المالي تحسن نسبيا، ولكن لدينا مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للمساعدة في اصلاح الاقتصاد".
وبدأت حكومة مصطفى الكاظمي، مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي منذ تشكيلها، من اجل الاقتراض لدعم الموازنة المالية، مع قيام البنك الدولي بدعم المشاريع الاستراتيجية في العراق، ولكنها تعثرت بسبب التغييرات التي أجرتها اللجنة المالية النيابية على بعض بنود موازنة العام 2021.
ونوه علاوي إلى أن إقليم كردستان لم يساهم في الموازنة الاتحادية، لان الاتفاق معه يتضمن تسليم اقيام 250 الف برميل يوميا مع جزء من أجور الجباية، ووزارة المالية تمتلك احصائيات عن صادرات الإقليم النفطية، موضحا أن مجلس الوزراء قرر منح 200 مليار دينار إلى كردستان لأنه يعاني من مشاكل اقتصادية سببت مشاكل إنسانية للشعب، ولكن هذا القرار لن يتجدد تلقائيا كل شهر وانما يجب أن ينظر به مرة أخرى من قبل مجلس الوزراء.
وتشهد أربيل وبغداد خلافات مالية منذ العام 2012، نتيجة قيام أربيل بتصدير النفط بشكل مستقل عن المركز عبر تركيا، بالإضافة إلى عدم تسليم الإيرادات غير النفطية، الذي ينص قانون الإدارة المالية على حصول بغداد على نصفها، مما أدى إلى قيام وزارة النفط برفع دعوى قضائية لدى محكمة الغرفة التجارية الدولية على دولة تركيا، وتعويض بغداد بمبلغ 26 مليار دولار.
وذكر وزير المالية، إن "الوزارة ليست لها علاقة في هذا الملف وانما هو خاص بوزارة النفط، ولكن اسمع أن موقف العراق قوي وقد يصدر قرارا لصالحه خلال الفترة المقبلة او تجري عملية تسوية مع تركيا".
الإصلاحات الاقتصادية
المنهاج الإصلاحي الذي وضعته الحكومة والذي يسمى بالورقة البيضاء، يحتاج إلى كوادر لتنفيذه، اذ يحتوي العراق على اكثر من 3 ملايين موظف يعمل في القطاع العام.
وقال إن "الكفاءات في القطاع العام، مدفونة ونحن في الورقة البيضاء نريد إعطاء لهم دور وابرازهم، وربطهم مع الكفاءات العالمية، كما سنجلب مستشارين من الخارج، اذ وجدنا مدير تنفيذي جيد لتنفيذ الإصلاحات، ولدينا وزارات حاليا تعمل بشكل جيد لتنفيذ الإصلاحات في الورقة البيضاء مثل وزارة النفط، ستكون هناك مقاومة للإصلاحات من قبل بعض الدوائر والمؤسسات التي اعتمدت العمل الخاطئ لسنوات طويلة".
تعمل وزارة المالية مع البنك الدولي على إعادة هيكلة المصارف الحكومية منذ العام 2012، ولكن هذا المشروع فشل بشكل كبير بسبب التحديات الكبيرة، ولكن اعيد تفعيله خلال الحكومة الحالية من خلال الورقة البيضاء.
اكد الوزير "بدأنا بإعادة هيكلة المصارف الحكومية، والمشكلة لدينا بنسبة 80٪ في مصرف الرافدين، نعمل على تغيير النظام الداخلي وقطع الصلة بين وزارة المالية والمصرف وتغيير مجلس ادارته وهذا يجري بالتنسيق مع البنك المركزي، مع ادخال الحوكمة"، مشيرا إلى أننا بصدد اختيار مدير جديد لمصرف الرافدين ومجلس إدارة جديد.
كما تعمل وزارة المالية حاليا على اعداد موازنة ثلاثية للأعوام من 2022 – 2024، وادراج الإصلاحات فيها التي اشرتها الورقة البيضاء.
ولفت علاوي إلى أن "موازنة 2022 ستكون إصلاحية، وغير مألوفة وهي موازنة مثالية لتغيير الاقتصاد، وقد تكون الأرقام فيها غير مقبولة سياسيا، الا ان سياسة الدعم مازالت مستمرة ولم نجر تغيير عليها، كما لدينا أولويات رئيسية تتمثل بتوفير رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية بالإضافة إلى تسديد الديون، وستعتمد الموازنة سعر برميل النفط 50 دولارا، ونحن شرعنا بكتابتها من اجل ارسالها إلى مجلس الوزراء ومن ثم البرلمان".
يعتبر العراق من الأمم المعطلة ضريبيا، بسبب عدم تحديث قانون الضريبة من قبل الدولة، بالإضافة إلى ادراج الضرائب التي تطبق حاليا ضمن قانون الموازنة.
وبين الوزير، أن "تشريع قانون للضرائب جديد يحتاج وقت طويل، ولدينا حاليا مشكلة في استحصال الضرائب، لذلك نحن ندرج الضرائب ضمن قانون الموازنة".
وتابع "يتطلب اصلاح النظام الضريبي وهذا يحتاج إلى 5 سنوات، من خلال انشاء نظام ضريبي يعتمد الاتمتة ويحتوي على موظفين كفئويين، لان الذي يحصل في الضرائب حاليا هو نتيجة سياسات خاطئة متراكمة".
الكهرباء
تحمل وزارة الكهرباء بشكل متكرر، وزارة المالية مسؤولية الفشل في تجهيز المواطنين بالكهرباء على مدار الساعة، بسبب عدم اطلاق التخصيصات المالية لإنشاء المشاريع وتطويرها.
وقال علاوي، "وزارة الكهرباء توجد مشكلة كبيرة بكل أطرافها، لدينا مشاكل بعقود تجهيز الغاز وكفاءة إنتاجية وحدات النقل والتوزيع والجباية، يعمل في الوزارة 200 الف شخص وهذا يؤثر على الإنتاج، بينما وزارة الكهرباء في الامارات وهي اكثر انتاجا من العراق يعمل فيها 580 شخصا، كما ان وزارة المالية لا تعطي الأموال الا بعد تخصيصها من قبل وزارة التخطيط".
يستورد العراق من ايران الكهرباء والغاز لتشغيل المحطات التي تعمل على الغاز، ومع فرض العقوبات الاقتصادية الامريكية على ايران أدت إلى عدم قدرة العراق على تسديد الديون البالغة 4 مليارات دولار.
وذكر علاوي، "لدينا تفاهم مع ايران حاليا، على تسديد المتأخرات خلال فترة 3 سنوات قادمة، ولا اعتقد ان يقل اعتمادنا على الغاز الإيراني خلال السنتين القادمتين، لان البدائل مازالت قليلة، اذ ربط كهرباء العراق مع دول الخليج حتى الان غير مكتمل، ولم نعطيه مقاولة لأية شركة".
الاتفاقات الخارجية
وحول الاتفاق بين العراق ومصر والأردن، قال الوزير، أن هذه الأسواق الثلاثة متقاربة، وممكن ان تصبح منطقة اقتصادية مهمة وقد تنضم إليها دولتي لبنان وسوريا في المستقبل، لانه من الصعب ان نربط الاقتصاد العراقي مع الخليج وتركيا وايران بسبب عدم التكافؤ، السوق العراقية مازالت سوق صغيرة.
واكد ان الاتفاق مع لبنان يتمثل بتجهيز مليون طن من النفط الأسود، وتقوم لبنان بمبادلته بمادة الديزل مع شركات وتحت اشراف شركات دولية، مقابل ان يحصل العراق على اشخاص مهنيين من لبنان يعملون في مختلف القطاعات مثل المصرفي والتأمن والتعليم والنقل والسياحة، ويقوم العراق بدفع اجورهم كدولار وليرة لبنانية بسعر السوق.
شكل المجتمع الدولي، خلال زيارة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى لندن، مجموعة الاتصال الاقتصادي للعراق نهاية العام 2020، لدعمه اقتصاديا وتضم الدول الصناعية الكبرى السبعة بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وقال علاوي، إن "المجموعة تجتمع كل 3 اشهر ويعطون لنا النصائح، ونحن نريد منهم الدعم التقني والخبراء والمستشارين، وهم يدعمون بشكل مطلق، وسنؤسس مجلس يتكون من 10 – 12 شخصا، على مستوى دولي اقتصادي يعطي لنا التنبؤات والتطورات في الاقتصاد العراقي والدولي، لانه من غير المقبول ان نقوم باستثمار في قطاع معين وقد نجلب تقنيات قديمة وهذا يؤثر علينا".