مؤشربك ماك و حروب العملات: هل يمكن لأسعار ساندويتش ماكدونالدز أن تنفع الحكومات في التفكير بشأن التلاعب بالعملات؟
الدكتور مهند طالب الحمدي

 

على الرغم من انخفاض قيمته مؤخراً، لايزال الدولار يبدو قوياً. باستخدام مؤشر بك ماك البسيط لتقييم العملات، يبدو أن من بين عملات عشرين دولة شريك تجاري للولايات المتحدة، درستهم وزارة الخزانة الأمريكية، حققت جميعها مكاسب مقارنة بالدولار منذ تموز العام الماضي. لكن تلك العملات، باستثناء الفرنك السويسري، لا تزال منخفضة القيمة. يعطي هذا الحكومة الأمريكية التي وعدت باتخاذ "إجراءات صارمة لتطبيق القواعد التجارية" ضد المتلاعبين بالعملة الكثير من الأمور للتعامل معها.

 

يعتمد مؤشر بك ماك على فكرة أن الأسعار يجب أن تتكيف على المدى الطويل، بحيث تكلف سلة سلع قابلة للتداول في كل مكان السعر نفسه. يتيح تحويل الأسعار إلى دولارات بأسعار الصرف السائدة الحكم ما إذا كانت العملة منخفضة القيمة أم مرتفعة. لتجنب مشكلة اختلاف السلع التي يشتريها الناس في أماكن مختلفة، نقارن سعر سلعة واحدة فقط: بك ماك ماكدونالدز. السندويتش ليس هو نفسه تماماً عبر البلدان: مثلاً مهراجا ماك الهندي لا يحتوي على لحم البقر، لكنه متسق بدرجة كافية. يكلف الساندوتيش في تايلاند 25٪ أقل مما هو عليه في أمريكا عندما يتم تحويل سعره إلى الدولار بأسعار الصرف السائدة، مما يشير إلى أن البات التايلندي مقوم بأقل من قيمته الحقيقية.

 

نظراً لأن الأجور تميل إلى الانخفاض في البلدان الفقيرة، فقد يكون ساندويتش بك ماك أرخص. لذلك يتم استخدام مؤشر مُعدل حسب معدل الناتج المحلي الإجمالي. على هذا الأساس، لم يعد البات التايلندي منخفضاً مقارنة بالدولار وانخفض عدد الشركاء التجاريين ذوي العملات المقومة بأقل من قيمتها إلى 11.

 

هل يتوافق مؤشر بك ماك مع السياسة الأمريكية بشأن المتلاعبين بالعملة؟ يبدو أن سياسة الولايات المتحدة لا تنظر للأشياء نفسها التي يقيمها المؤشر. يسجل مؤشر بك ماك النتائج؛ بينما يحاول صناع السياسات معاقبة البلدان التي تعمد خفض قيمة عملاتها. تقول وزارة التجارة الأمريكية إنها لن تتهاون مع الدول التي تخفض قيمة عملاتها بشكلٍ مقصود. وزارة الخزانة قلقة من التلاعب بقيمة العملات وليس خفض قيمتها، وتبحث عن أدلة على التدخل الحكومي.

 

مع ذلك، نظراً لتقلبات قيمة العملات أثناء العام الماضي، يمكن أن يعمل مؤشر بك ماك بمثابة إعادة تدقيق للسياسة الأمريكية. عندما انتشرت جائحة كورونا لأول مرة، ذهب المستثمرون إلى الدولار، لكن غمر الاحتياطي الفيدرالي الأسواق بالسيولة عكس ذلك الاتجاه. وفقاً لمؤشر بك ماك تعني التقلبات في البيزو المكسيكي، أنه انتقل من نسبة تقويم 53% أقل من قيمته الحقيقية مقابل الدولار إلى 61٪ خلال النصف الأول من عام 2020. بالمقارنة، انخفضت قيمة الدونغ الفيتنامي بأقل من 0.5% مقابل الدولار في النصف الأول من العام الماضي.

 

تمشياً مع هذا، أفلتت المكسيك من عقوبات وزارة الخزانة ووزارة التجارة الأمريكية؛ بينما لم تفلت فيتنام. في 16 كانون الأول الماضي، وصفت وزارة الخزانة فيتنام بأنها متلاعب بالعملة، مستشهدة بفائض السلع الضخم التي تصدرها إلى الولايات المتحدة وتدخلها في أسواق الصرف الأجنبي. قامت وزارة التجارة بفرض رسوم جمركية على واردات الإطارات من فيتنام، على أساس أن الدونغ يخضع لضغط من أجل خفض قيمته كدعم للمنتجين المحليين.

 

تتعارض الإجراءات الأمريكية الأخيرة مع نتائج مؤشر بك ماك في أماكن أخرى. وصفت وزارة الخزانة سويسرا بالمتلاعب، استناداً بشكلٍ جزئي إلى تدخلها في سوق العملات بحوالي 100 مليار دولار (14٪ من الناتج المحلي الإجمالي) في العام المنتهي في حزيران الماضي. مع ذلك، فإن المؤشر الأساسي والمعدل يشيران إلى أن قيمة الفرنك السويسري مبالغ فيها مقابل الدولار.

 

استخدمت وزارة التجارة موضوع التلاعب بقيمة العملة لتبرير فرض رسوم جمركية على الروابط الملتوية المستوردة من الصين، المستخدمة لغلق الأكياس البلاستيكية. ربما يحتاج المسؤولون الأمريكيون إلى ملاحظة أنه بعد التعديل وفقاً للناتج المحلي الإجمالي، يشير مؤشر بك ماك إلى أن اليوان في الواقع مقيم فوق قيمته الحقيقية بنسبة 2.5٪ مقارنة بالدولار. ربما يكون هذا الأمر مدعاة لتفكير أعمق.

 

استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة ولاية كنساس، الولايات المتحدة الأمريكية.


مشاهدات 1980
أضيف 2021/04/08 - 9:34 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 11661 الشهر 65535 الكلي 7873979
الوقت الآن
الخميس 2024/4/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير